هيومن رايتس ووتش تحذر من مهاجمة الحوثيون للسفن المدنية في اليمن
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قامت جماعة الحوثيين المسلحة التي تسيطر على أجزاء من اليمن بإستهداف عدة سفن تجارية على متنها طواقم من المدنيين في البحر الأحمر خلال الأسابيع القليلة الماضية.
تضمنت الهجمات إطلاق صواريخ أو مسيّرات على أربع سفن، واحتجاز طاقم سفينة خامسة تعسفا. هذه الهجمات تشكل استهدافا للمدنيين والأعيان المدنية، وهي إذا نُفذت عمدا أو بتهور تُعد جريمة حرب.
أعلن الحوثيون أنهم سيواصلون “تنفيذ عملياتهم العسكرية ضد العدو الإسرائيلي”، وكذلك “تنفيذ قرار منع السفن الإسرائيلية من الملاحة في البحرين الأحمر والعربي نصرة للشعب الفلسطيني المظلوم”.
لكن السفن الخمس ليست أعيانا عسكرية – جميعها سفن تجارية على متنها طواقم مدنية. لم يقدم الحوثيون أي دليل على ما يمكن أن يشكل أعيانا عسكرية على متن هذه السفن.
قال مايكل بَيْج، نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يزعم الحوثيون أنهم ينفذون هجمات باسم الفلسطينيين، غير أنهم فعليا يعتدون على طواقم مدنيين لا صلة لهم البتة بأي هدف عسكري معروف، ويحتجزونهم تعسفا، ويعرضونهم للخطر”.
وأضاف: “يتعين على الحوثيين الإفراج فورا عن الرهائن، وإنهاء هجماتهم على المدنيين الموجودين في مرمى نيران حربهم المعلَنة على إسرائيل”.
في 19 نوفمبر/تشرين الثاني، استولى الحوثيون، سلطة الأمر الواقع في صنعاء وفي معظم أنحاء شمال اليمن، على “غالاكسي ليدر”، ناقلة سيارات تملكها شركة بريطانية وتشغلها شركة يابانية ومسجلة في البهاما.
نشر الحوثيون فيديو على الإنترنت، يُظهر قوات تابعة لهم تصعد إلى السفينة، ويتنقلون فيها، ويصوبون أسلحتهم إلى الطاقم.
ثم قاد الحوثيون السفينة، والطاقم لا يزال على متنها، إلى ميناء الصليف في الحديدة، الذي يسيطرون عليه، على الساحل الغربي لليمن.
في اليوم نفسه، أعلن يحيى سريع، المتحدث باسم الحوثيين، على منصة “إكس” (X)، تويتر سابقا، أن الحوثيين سيستهدفون السفن التي ترفع العلم الإسرائيلي، والسفن المملوكة لشركات إسرائيلية أو تشغّلها شركات إسرائيلية، بغض النظر عما إذا كانت السفن تحمل أهدافا عسكرية أو لا.
لم يُفرج بعد عن الطاقم المؤلف من 25 شخصا، والسفينة لا تزال راسية في المرفأ.
قال هيروكازو ماتسونو، رئيس الوزراء الياباني، إن الحكومة اليابانية تعمل على تأمين الإفراج عن السفينة وطاقمها، الذي يضم مواطنين من بلغاريا، والفلبين، والمكسيك، وأوكرانيا.
تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى مصادر قالت إنه من غير الواضح ما إذا كان أعضاء الطاقم محتجزين كرهائن أو تعسفا، بما أن الحوثيين لم يوضحوا سبب استمرار احتجازهم للرجال.
يذكر أن القانون الإنساني الدولي يحظر احتجاز الرهائن، وهو جريمة حرب بموجب “المادة 3 المشتركة لـ اتفاقيات جنيف لعام 1949”.
احتجاز رهائن هو احتجاز شخص مع التهديد بقتله أو جرحه، أو الاستمرار باحتجازه للضغط على طرف ثالث للقيام بأمر ما أو الامتناع عن القيام بأمر ما، كشرط للإفراج عن الرهينة أو الحفاظ على سلامتها.
هذا وكان قد أعلن محمد عبد السلام، المتحدث باسم الحوثيين، على “إكس” أن استيلاء [الحوثيين] على السفينة “مجرد بداية.. معركة البحر” التي يخوضها مقاتلوه.
رغم ادعاء الحوثيين بأن السفينة إسرائيلية، إلا أنها مملوكة من شركة بريطانية وتشغّلها شركة يابانية، وكانت وجهتها الهند عندما تم الاستيلاء عليها.
لم يقدم الحوثيون أي دليل على وجود أهداف عسكرية على متن السفينة. الشركة الأم للشركة البريطانية المالكة للسفينة، يملكها رجل أعمال إسرائيلي، لكن هذا لا يجعل من السفينة هدفا عسكريا مشروعا.
بحسب عدة وسائل إعلام ووزارة الدفاع الأمريكية، هجم الحوثيون في 3 ديسمبر/كانون الأول على سفينتَيْ شحن البضائع، “يونيتي إكسبلورر” و”نمبر 9″، وسفينة الحاويات “آي أو أم صوفي 2″، بالصواريخ والمسيّرات.
“يونيتي إكسبلورر” و”نمبر 9″ مملوكتان ومشغّلتان من قبل شركتين بريطانيتين مختلفتين، بينما “صوفي 2” مملوكة ومشغّلة من شركة يابانية.
قد تكون الشركة البريطانية التي تملك “يونيتي إكسبلورر” مملوكة من رجل أعمال إسرائيلي، لكن الأمر ليس واضحا. “يونيتي إكسبلورر” مسجلة في الباهاماس، في حين “نمبر 9″ و”صوفي 2” مسجلتان في بنما.
السفن الثلاث جميعها سفن تجارية كانت تحمل طواقم مؤلفة من مدنيين من عدة بلدان. لم تكن أي سفينة متوجهة إلى إسرائيل.
أعلنت القيادة المركزية الأمريكية أيضا أن وسط الهجمات على السفن الثلاث، أسقطت المدمرة “يو إس إس كارني”، الراسية في البحر الأحمر، مسيّرتين – كانت إحداها تتجه إلى المدمرة ” مع أن “هدفها المحدد لم يكن واضحا”.
في بيان في 3 ديسمبر/كانون الأول، زعم سريع أن الحوثيين هجموا على اثنتين من السفن: “يونيتي إكسبلورر” و”نمبر 9″.
أعلن دانيال هاغاري، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أن “يونيتي إكسبلورر” و”نمبر 9″ “لا علاقة لهما بدولة إسرائيل”.
في 12 ديسمبر/كانون الأول، استهدف الحوثيون بصاروخ سفينة أخرى، “ستريندا”، تحمل العلم النرويجي.
أعلن غير بلسنيس، الرئيس التنفيذي للشركة النرويجية التي تملك وتشغّل ستريندا، عدم وجود إصابات. زعم الحوثيون أن السفينة كانت تحمل النفط إلى إسرائيل. لكن بلسنيس قال إن السفينة كانت تحمل زيت النخيل إلى إيطاليا.
الأدلة التي راجعتها هيومن رايتس ووتش، بما فيها تصريحات الحوثيين، تشير إلى أن الحوثيين كانوا يعلمون، أو كان ينبغي أن يعلموا، أن السفن الأربع التي استهدفوها كانت سفن تجارية على متنها مدنيين، وأنها لا تشكل بأي حال من الأحوال هدفا عسكرية.
يحظر القانون الإنساني الدولي، مهما كانت الظروف، الهجوم المباشر على مدنيين.
الأطراف المتحاربة ملزمة بأن تتخذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب الأذى على المدنيين. يتعين عليها القيام بكل ما يجب للتأكد من أن الأهداف هي أعيان عسكرية.
الشخص الذي يرتكب انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب، مع نية جرمية – إن كان عمدا أو بتهور – قد يُحاكم على جرائم حرب.
يمكن أن تقع مسؤولية جرمية على الأفراد أيضا، بسبب المساعدة في جريمة حرب، أو تسهيلها، أو التحريض عليها.
في 9 ديسمبر/كانون الأول، أعلن سريع أن الحوثيين يوسعون خططهم للهجوم على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر لتشمل “جميع السفن … من أي جنسية” المتوجهة إلى إسرائيل، حتى يُسمح بدخول الغذاء والدواء إلى غزة.
باب المندب هو مضيق بين اليمن وجيبوتي وإريتريا يصل خليج عدن بالبحر الأحمر، على حدود إسرائيل/فلسطين.
المضيق مسار أساسي للشحن البحري، بحكم أنه المسار الوحيد للوصول بحرا إلى إرتيريا والأردن والسودان.
الطريقة الوحيدة الأخرى للوصول إلى إسرائيل/ فلسطين ومصر من بحر العرب أو المحيط الهندي هي بالسفر عبر رأس الرجاء الصالح وهي رحلة تستغرق وقتا أطول بكثير من المرور عبر مضيق باب المندب.
عدّلت سفن كثيرة مسارها بسبب هجمات الحوثيين. بحسب “الغرفة الدولية للنقل البحري “، منظمة تجارية دولية لأصحاب السفن ومشغّليها، تعتبر “الهجمات خرقا سافرا للقانون الدولي والمعايير البحرية”.
أطلق الحوثيون أيضا عدة صواريخ على بلدة إيلات في جنوب إسرائيل. حتى الآن، لا دليل على إصابة أي من الصواريخ أهدافا إسرائيلية.
هجمات الحوثيين على السفن، بالإضافة إلى هجماتهم الأوسع على إسرائيل، تأتي وسط أعمال عدائية بين الجيش الإسرائيلي والجماعات الفلسطينية المسلحة.
وثقت هيومن رايتس ووتش الانتهاكات الواسعة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي والجماعات الفلسطينية المسلحة خلال الأعمال العدائية.
في 9 ديسمبر/كانون الأول، أعلن تساحي هنغبي، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، أن “إسرائيل ستتصرف” إذا لم يرد المجتمع الدولي على هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
اتهمت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إيران بالتورط في الهجمات. أعلن ناصر كنعاني، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، أن الحوثيين، بالإضافة إلى “مجموعات المقاومة في المنطقة” لا يهاجمون إسرائيل بناء على أوامر إيرانية.
وجد “فريق الخبراء المعني باليمن” التابع للأمم المتحدة، في وقت سابق، أن إيران “لم تتخذ التدابير اللازمة لمنع توريد أو بيع أو نقل، بشكل مباشر أو غير مباشر”، مختلف الصواريخ الباليستية التي يستخدمها الحوثيون لتنفيذ هجمات غير قانونية.
منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء في 2014، ارتكبوا انتهاكات واسعة للقانون الإنساني الدولي، وأذوا مدنيين، بما في ذلك جرائم حرب محتملة، وهجمات عشوائية على مدنيين وبنى تحتية مدنية، وإخفاء مدنيين قسرا، وفرض حصار تعسفي على مدينة تعز جنوب غرب اليمن.
نفذت الحكومة اليمنية والتحالف بقيادة السعودية والإمارات أيضا هجمات غير قانونية على مدنيين، بما في ذلك جرائم حرب محتملة.
قال بَيْج: “لم يتحمل الحوثيون حتى الآن مسؤولية الأذى الذي سببوه للمدنيين في اليمن. بدل ارتكاب جرائم حرب جديدة، يتعين عليهم التركيز على تحقيق السلام الدائم في بلدهم”.