هيومن رايتس ووتش تسلط الضوء على الفصل العنصري الذي ترفض الحكومة الفرنسية رؤيته

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – من المقرر أن تناقش “الجمعية الوطنية” الفرنسية اقتراحا في 4 مايو/أيار حول ما إذا كان يجب الاعتراف بأن السلطات الإسرائيلية ترتكب جريمة الفصل العنصري وهي جريمة ضد الإنسانية.

نحن، بصفتنا منظمات ملتزمة بالدفاع عن القانون الدولي وحقوق الإنسان، نرى في هذا النقاش الديمقراطي في فرنسا تطورا إيجابيا، ونأمل أن يكون بنّاء ومؤثرا قدر الإمكان.

لعدة سنوات، أجرت فرق من الباحثين والمحامين من منظمات فلسطينية وإسرائيلية ودولية، وأعضاء من وكالات “الأمم المتحدة“، تحليلات قانونية وتحقيقات معمقة في أشكال التمييز المتعددة التي يعاني منها الفلسطينيون.

توصلت جميع تقاريرها إلى نفس النتيجة: سياسات إسرائيل التمييزية والقمعية هي جريمة فصل عنصري بموجب القانون الدولي.

يمنع نظام التمييز هذا ملايين الفلسطينيين، منهم اللاجئون الفلسطينيون، من التمتع بحقوقهم الأساسية وكرامتهم الإنسانية.

فهو يؤثر على جميع جوانب حياة الفلسطينيين: تدمير قرى البدو في النقب/صحراء النقب وطرد سكانها، ومصادرة الأراضي، والسيطرة على الموارد لصالح الإسرائيليين اليهود، وتقييد حركة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، والمستوطنات غير الشرعية، والتشتيت، والعديد من أشكال التمييز الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ضد الفلسطينيين من مواطني إسرائيل والتي تمنح امتيازا للإسرائيليين اليهود على حساب الفلسطينيين.

ترتكب السلطات الإسرائيلية جريمة الفصل العنصري، كما هي مُعرّفة بشكل خاص في “الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها” و”نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية”.

تفاقم الوضع واشتدت وتيرة القمع بعد تشكيل الحكومة الجديدة، حيث قال وزير المالية ونائب وزير الدفاع، بتسلئيل سموتريتش، في اجتماع عام في باريس في 19 مارس/آذار: ” لا يوجد فلسطينيون لأنه لا يوجد شعب فلسطيني”.

من المهم الاعتراف بالحقيقة كما هي، لأن الخطوة الأولى لحل أي مشكلة هي تشخيصها بشكل صحيح.

الفصل العنصري ليس سيناريو افتراضي أو مستقبلي. ربما لم يكن الأمر كذلك في 2010، عندما حذر وزير الدفاع إيهود باراك من احتمال وقوع فصل عنصري إذا استمر نظام الهيمنة الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

أو في 2014، عندما حذّر وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، جون كيري، من حدوث فصل عنصري إذا فشلت محادثات السلام.

منذ 2007، قال الرئيس الأسبق جيمي كارتر، عقب نشر كتابه “فلسطين: سلام لا فصل عنصري”، إن مصطلح “الفصل العنصري وصف دقيق لما يجري في الضفة الغربية… ووصف دقيق للغاية للفصل القسري داخل الضفة الغربية بين الإسرائيليين والفلسطينيين والهيمنة الكاملة على الفلسطينيين وقمعهم على يد الجيش الإسرائيلي المهيمن”.

أصبح واقع الفصل العنصري الإسرائيلي اليوم محل إجماع في حركة حقوق الإنسان العالمية، التي تشمل مجموعات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية ودولية أخرى.

كما أشار الأمين العام السابق للأمم المتحدة وكذلك حكومات دول، منها حكومة جنوب إفريقيا، ووزراء خارجية عدة دول من الاتحاد الأوروبي، إلى الفصل العنصري الإسرائيلي.

في مايو/ايار 2021، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان: “في حال اعتماد حل آخر غير حل الدولتين، ستتوافر مكونات فصل عنصري يستمر لفترة طويلة… حتى الوضع الراهن يؤدي إلى ذلك”.

في وسائل الإعلام الإسرائيلية، يُستخدم مصطلح “الفصل العنصري” لوصف نظام القهر والتمييز السائد ضد الفلسطينيين بشكل منتظم في العديد من المقالات الافتتاحية أو مقالات الرأي.

نشرت يهوديت كارب، نائبة سابقة للمحامي العام في إسرائيل ورئيسة سابقة لقسم في “وزارة العدل”، مقالا في صحيفة “هآرتس” في أكتوبر/تشرين الأول 2021 بعنوان: “حان الوقت للاعتراف بأن إسرائيل نظام فصل عنصري”.

مع ذلك، يرفض الرئيس الفرنسي وغيره من السياسيين الفرنسيين حقيقة وجود فصل عنصري. في 2022، قال الرئيس إيمانويل ماكرون: “لن تحقق المؤسسات التي تدعي السعي لتحقيق السلام هدفها بتأكيد أكاذيب كهذه”. يصعب فهم هذا الإنكار.

تنتهز منظماتنا فرصة النقاش العام حول هذا الموضوع لمطالبة فرنسا والرئيس ماكرون بالتحرك. من خلال الاعتراف بجريمة الفصل العنصري، يمكن لفرنسا أن ترسل رسالة مفادها أنها لا تزال جهة فاعلة ملتزمة باحترام الحقوق الأساسية والمساواة أمام القانون لجميع الشعوب.

من شأن اتخاذ موقف واضح أن يمهد لوقف الانتهاكات اليومية التي يواجهها الشعب الفلسطيني وتأمين مستقبل أفضل للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء.

الموقّعون:

  • فرانسوا لورو، رئيس شبكة المنظمات الفرنسية من أجل فلسطين
  • جان كلود ساموييه، رئيس منظمة العفو الدولية في فرنسا
  • عمر شاكر، مدير هيومن رايتس ووتش في إسرائيل وفلسطين
  • برتران هيلبرون، رئيس جمعية التضامن الفرنسي مع فلسطين
  • سيلفي بخاري-دي بونتوال، رئيسة CCFD-Terre Solidaire
  • إليونور موريل، المديرة التنفيذية للفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان
  • عصام يونس، المدير التنفيذي لمركز الميزان لحقوق الإنسان بغزة
  • شعوان جبارين، المدير التنفيذي لمؤسسة الحق
قد يعجبك ايضا