جدال حول قانون إقامة الأجانب في الكويت
رفع مجلس الوزراء الكويتي قانون إقامة الأجانب الجديد الذي يهدف إلى القضاء على التجارة بالبشر والتقليل من الاعتماد على نظام الكفالة سيئ الصيت، إلى نائب الأمير وولي العهد الشيخ نواف الأحمد الصباح، تمهيداً لإحالته إلى مجلس الأمة (البرلمان) للتصويت عليه.
وبالرغم من أنّ القانون الجديد سمح لأول مرة بإمكانية بقاء الوافدين في الكويت لمدة خمس سنوات متصلة من دون اضطرار لتجديد الإقامة والدخول في دوامة المعاملات الحكومية، وإمكانية بقاء الوافدين ملاّك العقارات في الكويت لمدة عشر سنوات متصلة، وتخويل وزير الداخلية صلاحية منح إقامات دائمة لمن يشاء من الوافدين، فإنّ ناشطين حقوقيين يقولون إنّ القانون ما زال غير كافٍ لإنهاء مشاكل الوافدين في الكويت.
وسيسمح القانون الجديد لأول مرة للمرأة الكويتية بالحصول على ترخيص لإقامة زوجها وأبنائها غير الكويتيين إقامة غير محدودة شريطة ألاّ يكونوا عاملين في جهات حكومية خارجية أو أن تكون الكويتية قد حصلت على جنسيتها الكويتية عن طريق زوج كويتي سابق.
وشدد القانون على عقوبة تجار الإقامات، إذ نص في مادته رقم 28، على سجن أيّ شخص قام بتسهيل تجارة الإقامات مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، مع توقيع غرامة تصل إلى 10 آلاف دينار كويتي (ما يعادل نحو 33 ألف دولار أميركي) عن كلّ شخص تم إدخاله إلى البلاد عبر تجارة الإقامات وبيع سمات الدخول.
كذلك، نصّ القانون على معاقبة أيّ أجنبي دخل إلى البلاد عبر دفعه أموالاً لتجار الإقامات أو اشترى سمة دخول منهم بالسجن سنة أو تغريمه مبلغاً يصل إلى 1000 دينار كويتي (ما يعادل نحو 3270 دولاراً) أو بإحدى هاتين العقوبتين.
من جهته، قال وزير الداخلية الكويتي، أنس الصالح، إنّ هذا القانون يهدف إلى القضاء على تجارة الإقامات التي أدت إلى إسقاط رؤوس كثيرة في الكويت، من بينها لمسؤولين أمنيين بارزين أثبتت التحقيقات تقاضيهم ملايين الدنانير مقابل تسهيلهم إجراءات دخول عشرات الآلاف من العمال الوافدين، وهي المشكلة التي انكشفت عقب الآثار الاقتصادية المدمرة لفيروس كورونا في البلاد.
لكنّ القانون جوبه بانتقادات كبيرة من قبل ناشطين حقوقيين ومعنيين بهذا الشأن خصوصاً من الكويتيات المتزوجات من غير الكويتيين.
ويقول المحامي سعود العنزي، لـ”العربي الجديد”: “القانون يمثل تطوراً جيداً في إنهاء أزمة تجارة الإقامات التي صوّرت الكويت كبؤرة للاتجار بالبشر في السنوات الأخيرة مع الأسف الشديد، لكنّه كذلك لم يلغِ قانون الكفالة الذي تسبب في كلّ هذه المآسي وإن كان قد ضيّق الخناق عليه”.
ويذكر العنزي بعض المثالب الأخرى في القانون مثل الإبقاء على الإبعاد الإداري وتوسيع صلاحياته التي يملكها وزير الداخلية، إذ نصّ القانون على إمكانية إبعاد وزير الداخلية أيّ وافد يثبت أنّه لا يملك مصدراً للدخل داخل الكويت في غضون ثلاثين يوماً”.
ويقول العنزي: “المشكلة في هذه المادة أنّ الكثير من الوافدين يقومون بالأعمال الحرة من قبيل التجارة والاستيراد والتصدير، أي إنّهم في سجل الدولة الرسمي لا يعملون، بالإضافة إلى وجود عدد كبير منهم كصحافيين مستقلين أو مصورين أو مصممين، وهي مهن تدرّ دخلاً جيداً عليهم وعلى عائلاتهم، لكنّ وزير الداخلية يستطيع إبعادهم بسبب هذه الثغرة المتعمدة من وجهة نظري”.
في دورها، تقول نادية نبيل، وهي كويتية متزوجة من وافد مصري لديها ثلاثة أبناء مصريين، إنّ القانون أنهى مشكلة كبيرة وهاجساً تعيشه العائلات الكويتية التي لديها أبناء من جنسيات أخرى وهي مشكلة الإقامة في الكويت.
ويعامل القانون الكويتي ابن الكويتية كمواطن حتى بلوغه سن 18 عاماً، إذ تشترط عليه، في ما بعد، أن يجد جهة عمل تكفله وفقاً لقوانين الكفالة، لكنّ قانون الإقامة الجديد سيمنح والدته الكويتية صلاحية كفالته بغض النظر عن سنّه كما كفالة زوجها غير الكويتي.
لكنّ نادية نبيل ترى أنّ الحلّ النهائي لم يأتِ بعد، وهو خيار تمرير الكويتية جنسيتها لأبنائها كما هو معمول به في غالبية دول العالم، وهو اقتراح ما زال مقدماً لدى البرلمان الكويتي، لكنّ الحكومة الكويتية ترفضه بحجة أنّه سيغير التركيبة السكانية للبلاد.
وفي بند آخر في القانون، يقول ناصر الفضلي، وهو عراقي يقيم بين الكويت وتركيا، ويعمل في المجال العقاري ويملك عدة عقارات داخل الكويت، إنّ رفع سقف مدة الإقامة إلى 10 سنوات لملاّك العقارات وبعض المستثمرين وتفعيل خيار الإقامة الدائمة كما هي الحال في بقية دول الخليج، يعني أنّ عائلات عربية كثيرة مقيمة في الكويت ستتخلص من مخاوف عدم تجديد الإقامة، وهو الهمّ الذي يلازمها بشكل سنوي خصوصاً مع تغير القرارات الخاصة بالإقامة في كلّ عام بسبب ضغوط بعض أعضاء البرلمان الداعين إلى تقليل أعداد الوافدين في الكويت.
ويقول ناصر لـ”العربي الجديد”: “القانون سيريح أشخاصاً كثيرين ممن يعانون كلّ عام في وزارات الدولة المختلفة لتجديد إقاماتهم، كما سيمنح الأمان للعائلات التي ستفكر في أعمالها وتجارتها وتربية أبنائها بدلاً من إمضاء شهر كامل من كلّ عام في أروقة وزارات الدولة لتجديد إقامات الزوجة والأطفال”.
وكان رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الكويتي الدكتور عادل الدمخي قد قال في لقاء سابق مع “العربي الجديد”: “الهدف النهائي لدى الحقوقيين في الكويت هو إلغاء قانون الكفالة سيئ الصيت وسنّ قوانين أكثر حداثة تتوافق مع حقوق الإنسان وتحفظ حق الوافد وحق البلاد وأمنها في الوقت نفسه، بدلاً من القوانين المعيقة التي تسببت في إنتاج ظواهر مثل تجارة الإٍقامات وبيع سمات الدخول”.