تونس: العفو الدولية تطالب بإسقاط التهم الموجّهة إلى عاملين في المجال الإنساني

يواجهون محاكمة جنائية ملفقة

قالت منظمة العفو الدولية إنه ينبغي للسلطات التونسية أن تُسقط التهم الموجهة إلى ستة من العاملين في المجال الإنساني لدى جمعية أرض اللجوء تونس (Terre d’Asile Tunisie)، وهو الفرع المحلي لجمعية فرنسا أرض اللجوء غير الحكومية (France Terre d’Asile)، الذين يواجهون محاكمة جنائية ملفقة بسبب عملهم الإنساني مع اللاجئين والمهاجرين، وأن تضع حدًا لحملة التجريم المتواصلة التي تستهدف المجتمع المدني، وذلك قُبيل انعقاد الجلسة الأولى لمحاكمتهم المقررة في 15 ديسمبر/كانون الأول.

وأوصحت المنظمة في بيان لها أن ثلاثة من العاملين لدى جمعية أرض اللجوء تونس، ومن بينهم شريفة الرياحي ومحمد جوعو، محتجزون تعسفيًا رهن الإيقاف التحفظي منذ أكثر من 19 شهرًا، إلى جانب موظفين من البلدية كانوا قد تعاونوا معهم.

وقالت سارة حشاش، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “ندعو السلطات التونسية إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، ووضع حدّ لهذا الظلم، وضمان الإفراج عن العاملين لدى المنظمة غير الحكومية وعن موظفيّ البلدية المحتجزين تعسفيًا معهم. فهم يلاحقون قضائيًا لمجرّد ممارستهم عملهم المشروع في تقديم المساعدة الحيوية والحماية للاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين الذين يعيشون أوضاعًا محفوفة بالمخاطر.

إنَّ الحكم الصادر مؤخرًا بحقّ العاملين لدى المجلس التونسي للاجئين يؤكد تجريم تقديم الدعم للاجئين وطالبي اللجوء، ويأتي بعد أن أوقفت السلطات التونسية سُبل مباشرة إجراءات اللجوء في البلاد. ومن شأن ذلك أن يوجه رسالة مروعة إلى العاملين في المجال الإنساني ومنظمات المجتمع المدني، الذين يؤدّون غالبًا دورًا محوريًا في مساعدة الدول على الوفاء بالتزاماتها الدولية في ما يتعلق بحقوق اللاجئين والمهاجرين، فضلًا عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأوسع لفائدة عموم السكان”.

ويُحاكم العاملون لدى المنظمة غير الحكومية إلى جانب 17 موظفًا ومسؤولًا سابقًا في البلدية، متهمين بالتعاون مع الجمعية. ويأتي ذلك في أعقاب الحكم بالسجن لمدة عامين، الصادر في 24 نوفمبر/تشرين الثاني، بحق موظفيْن في المجلس التونسي للاجئين، في ظل تصاعد حملة القمع التي تستهدف منظمات المجتمع المدني، ما أسهم في تفكيك منظومة الحماية الممنوحة للاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين في البلاد بشكل كامل.

تهم زائفة بحق عاملين في المجال الإنساني

في 15 ديسمبر/كانون الأول، من المقرر أن يمثل 23 من العاملين لدى جمعية أرض اللجوء تونس ومسؤولي وموظفيّ البلدية الذين تعاونوا معهم، أمام المحكمة الابتدائية بتونس. ولا يزال ثلاثة من المدافعين عن حقوق الإنسان والعاملين لدى جمعية أرض اللجوء تونس – المديرة السابقة شريفة الرياحي، والمدير المالي والإداري محمد جوعو، والمدير الحالي – رهن الإيقاف التحفظي التعسفي منذ القبض عليهم في ماي/أيار 2024، وذلك إلى جانب إيمان الورداني، نائبة رئيس بلدية سوسة السابقة، ومسؤول سابق آخر في البلدية، لمجرد سماحهم للجمعية باستخدام مبنى تابع للبلدية لممارسة أنشطتها.

وتُلاحق السلطات المجموعة قضائيًا بسبب عملها الإنساني في تقديم الدعم للاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين، بتهم فضفاضة للغاية تتضمن “إيواء الأشخاص الداخلين أو المغادرين للتراب التونسي خلسة” و”إعانة أجنبي بصفة مباشرة أو غير مباشرة أو محاولة تسهيل دخوله إلى البلاد التونسية أو خروجه منها أو جولان أو إقامته بها بصفة غير شرعية”.

إن جمعية أرض اللجوء تونس مسجّلة رسميًا وفقًا للقانون التونسي، وكانت تعمل بشفافية وبشكل مباشر بالتعاون مع السلطات التونسية المحلية والوطنية. وتُعَد هذه الملاحقة القضائية انتهاكًا لحقهم في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. كما أنها تُجرِّم التعاون المشروع بين المجتمع المدني والسلطات المحلية، وتنتهك بذلك التزامات تونس بموجب القانون الدولي تجاه اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين، وكذلك تجاه المدافعين عن حقوق الإنسان، من خلال تقويض العمل الهادف لتقديم الحماية أو المساعدة.

وينضوي أي عمل لمساعدة المهاجرين إنسانيًا وحقوقيًا، بصرف النظر عن وضعهم القانوني، تحت رعاية الحق في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، كما ورد في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وإعلان الأمم المتحدة المتعلق بالمدافعين عن حقوق الإنسان ولا يجوز مطلقًا مساواة هذا العمل بجرائم تهريب البشر أو الاتجار بهم، وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، التي صادقت عليها تونس. ويجب على الدول أيضًا أن تكفل توفير بيئة آمنة ومواتية تمكِّن المدافعين عن حقوق الإنسان من العمل بدون خوف من الأعمال الانتقامية.

تصعيد القمع ضد المجتمع المدني

تأتي هذه المحاكمة في أعقاب الإدانة المثيرة للقلق الصادرة في 24 نوفمبر/تشرين الثاني، بحق عاملَيْن إنسانيَّيْن في المجلس التونسي للاجئين، وهي منظمة غير حكومية كانت تعمل بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لتقديم المساعدة الأساسية. فقد أصدرت المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة حكمًا بالسجن لمدة سنتين بحق مصطفى الجمالي وعبد الرزاق كريمي وهما بالتراتب المدير التنفيذي ومدير المشروع في المجلس، بينما أوقفت تنفيذ ما تبقى من محكوميتهما بعد أن وضعت في الحسبان مدة الـ 18 شهرًا التي أمضياها أصلًا رهن التوقيف التحفظي، فأُفرج عنهما.

منذ ماي/أيار 2024، تصعّد السلطات التونسية من قمع منظمات المجتمع المدني، لا سيّما تلك العاملة في مجال الهجرة. وقد شملت حملة القمع عمليات الاعتقال التعسفية، والاحتجاز، وتجميد الأصول، وفرض قيود مصرفية، وقرارات قضائية بتعليق نشاط بعض المنظمات، ما طال 15 منظمة خلال الشهرين الماضيين.

وبحسب بيان صادر عن الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بتاريخ 8 ديسمبر/كانون الأول 2025، رفضت السلطات التونسية في أربع مناسبات على الأقل خلال الشهر الماضي السماح للمنظمة بزيارة السجون، على الرغم من مذكرة التفاهم الموقعة عام 2015 بين الرابطة ووزارة العدل. وقد نفت الوزارة أي نية لإنهاء المذكرة.

من بين المنظمات الأخرى التي طالتها التحقيقات الجنائية والاحتجاز التعسفي: منظمة منامتي المناهضة للعنصرية ومنظمة أطفال القمر بمدنين غير الحكومية المعنية بحقوق الطفل؛ ويظلّ مديرا هاتين المنظمتين رهن الاحتجاز منذ ماي/أيار ونوفمبر/تشرين الثاني 2024 على التوالي. كما احتجزت السلطات المديرة التنفيذية لجمعية تفعيل الحق في الاختلاف، سلوى غريسة، تعسفيًا رهن الإيقاف التحفظي منذ 12 ديسمبر/كانون الأول 2024.

في جوان/حزيران 2024، أمرت السلطات التونسية بتعليق عملية تسجيل طالبي اللجوء والبت في وضع اللاجئين التي تقوم بها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ما أدّى فعليًا إلى إلغاء المسار الوحيد لطلب اللجوء في البلاد.

لقد أثر قمع منظمات المجتمع المدني، إلى جانب تعليق أنشطة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشكل بالغ على إمكانية الوصول إلى الحماية والخدمات الأساسية، مثل المأوى الطارئ، والرعاية الصحية، وحماية الأطفال، والمساعدة لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، والمساعدة القانونية. وقد ترك ذلك الآلاف من اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين، بمن فيهم الأطفال غير المصحوبين بذويهم، أكثر عرضة لخطر انتهاكات حقوق الإنسان والإيذاء.

وقالت آن سافينيل باراس، رئيسة فرع منظمة العفو الدولية في فرنسا: “إن الاستهداف المتواصل للمنظمات غير الحكومية، وخصوصًا تلك التي تقدم الحماية للفئات الضعيفة من اللاجئين والمهاجرين، يكشف عن استراتيجية مقلقة جدًا تنتهجها الدولة بهدف تفكيك أسس الحيّز المدني في تونس”.

قد يعجبك ايضا