توقف الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان دليل على زيف مزاعم الإصلاح في مصر

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان- إن اعلان الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في 10 يناير 2021 تعليق نشاطها، هو مؤشر جديد على وهمية الادعاءات بالسعي إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر.

ويؤكد هذا الفعل على مصادرة جميع سبل الاصلاح في مصر. بالإضافة إلى غلق المجال العام بشكل كامل أمام كل صوت مستقل، سواء فرد أو جماعة، سياسية كانت أو حقوقية.

وعبر مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان عن أسفه لهذه الخسارة الفادحة، وقال أنه يتفهم تمامًا أسباب هذا القرار الاضطراري. هذا وأعرب المركز عن تضامنه الكامل مع الشبكة العربية ومؤسسيها وفريق العاملين فيها.

منذ انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيسًا عام 2014، عانت المنظمات الحقوقية في مصر تحت وطأة حرب ضارية. يذكر أن أخر محطاتها كانت ذلك الزام الكيانات الأهلية بالتسجيل تحت مظلة قانون قمعي تعسفي. وأعطت وقتها مدة أقصاها 11 يناير 2022 وإلا تعرضت للغلق.

ذلك القانون الذي وصفه خبراء مستقلين بالأمم المتحدة بأنه سيقضي فعلياً على أي مساحة من حرية تكوين الجمعيات.

وسبق واوضح مركز القاهرة في تعليقه على لائحته التنفيذية أنه يشكل خرقًا لنص المادة 75 من الدستور المصري، ولالتزامات مصر الدولية بموجب معاهدات حقوق الإنسان.

فمنذ تولي الرئيس السيسي الحكم، شهدت حركة حقوق الإنسان المصرية تناقص غير مسبوق في عدد منظماتها. وحتى تناقص أعداد العاملين فيها، وذلك بسبب الضغوط والقمع المستمر لعملها.

والشبكة العربية لن تكون الأخيرة بين المنظمات الحقوقية التي ستلجأ لتجميد نشاطها بدلاً من التسجيل تحت مظلة قانون يسعى بشكل ممنهج لاستئصال المجتمع المدني وتهميش دوره الإنساني والتنموي.

لقد تعرضت الشبكة ومؤسسها الحقوقي “جمال عيد” لضغوط أمنية وقضائية غير مسبوقة. بداية من تجميد أمواله ومنعه من السفر عام 2016 على ذمة التحقيق في قضية “الانتقام من المنظمات الحقوقية”. مروراً بالاعتداء عليه بدنيًا وتهديد حياته أربع مرات في أقل من 3 أشهر.

ففي أكتوبر 2019 سُرقت سيارته، وفي الشهر نفسه تعرض لمحاولة اختطاف وتعدي بالضرب المبرح في أحد الشوارع المؤدية لمنزله، مما أدى لكسور وكدمات متفرقة في أضلعه.

وقبل انقضاء الشهر نفسه اعترض طريقه مجهولون هشموا زجاج السيارة التي كان يستقلها عوضًا عن سيارته المسروقة. وفي 29 ديسمبر من العام نفسه تعرض للضرب والطرح أرضًا أمام منزله من أفراد أمن كان يستقلون 3 سيارات. ثم أمرهم ضابط أمن وطني – يعرفه جمال – بإغراقه بالدهانات، في محاولة لإيذاء جلده بمستحضرات كيميائية والسخرية منه.

كما تعرض عيد لحملات إعلامية وإلكترونية شرسة مُنظمة واسعة النطاق. حيث تم  اتهامه بـ الاستغلال السياسي لانتشار فيروس كورونا في الهجوم على السلطات المصرية. بالإضافة لتهم كنشر معلومات خاطئة عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر. وتصفه بالبلطجة والسعي للشهرة والتكسب المادي من عمله الحقوقي، فضلًا عن التشكيك في ذمته المالية.

هذا بالإضافة إلى تهديدات إعلامية وإلكترونية صريحة ومتكررة بأن وزارة الداخلية تدرس اتخاذ إجراءات قانونية ضده بعد نشره معلومات – وصُفت بالكاذبة- حول أوضاع أماكن الاحتجاز في مصر، وتحريك بعض الأشخاص بلاغات ضده أمام النائب العام تتهمه بالانضمام لجماعة الإخوان المسلمين (المصنفة من الحكومة المصرية كجماعة إرهابية)، وهي التهمة المكررة التي اعتادت الأجهزة الأمنية والقضائية توجيهها لعدد هائل من الأطراف والشخصيات علمانية وإسلامية.

ما تتعرض له الشبكة العربية لا ينفصل عن الهجمة الشرسة المتواصلة التي تشنها أجهزة الدولة بحق منظمات المجتمع المدني المستقلة العاملة في مجال حقوق الإنسان.

هذا بالإضافة إلى القبض على قيادات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ثم إخلاء سبيلهم بعد ضغوط خارجية، وصدور القرار بتجميد أموالهم.

وذلك كله بالتوازي مع الحملة الإعلامية التي تقودها الأجهزة الأمنية ضد كل ما تنشره المنظمات الحقوقية بشأن الانتهاكات الواقعة في البلاد.

أكد مركز القاهرة أن مساعي الدولة المصرية للقضاء على منظمات حقوق الإنسان المستقلة لا زالت مستمرة. وأكد أنها تتخذ طرق مختلفة، حتى ولو تم إغلاق القضية 173 لسنة 2011.

وأشار المرك إلى أن المشكلة لا تكمن في القوانين القمعية فقط، بل في غياب دولة القانون نفسها. بالإضافة إلى سيطرة الأجهزة الأمنية على كافة مؤسسات الدولة، بما في ذلك المؤسسة القضائية.

قد يعجبك ايضا