منظمات حقوقية تدعو لوقف بيع تكنولوجيا المراقبة إلى الحكومات الاستبدادية
دعت أكثر من 40 منظمة حقوقية إلى الوقف الفوري لاستخدام وبيع ونقل تكنولوجيا المراقبة إلى الحكومات القمعية الاستبدادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وطالبت العريضة التي أطلقها تحالف المراقبة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بقيادة آكسس ناو ومراسلون بلا حدود ومركز الخليج لحقوق الإنسان، ووقعت عليها إمباكت و33 منظمة أخرى، بفرض وقف تام على التعاطي مع هذه التكنولوجيا إلى أن يتم وضع إطار تنظيمي واضح ومعني بسياسات واعتبارات حقوق الإنسان.
هذا خاصة بعدما تكشَّف من معلومات أوضحت الحدِّ الذي بلغته مراقبة المدافعين عن حقوق الإنسان، بمن فيهم الصحفيون والمدونون ونشطاء الإنترنت، والتي سهَّلتها برمجيات التجسس المسمَّاة “بيغاسوس” التي طوَّرتها المجموعة الإسرائيلية NSO.
وقالت المنظمات إنه ومن بين المضامين الصادمة التي كشف عنها تحقيق مشروع بيغاسوس، برزت عمليات المراقبة الجماعية واسعة النطاق التي نفَّذتها السلطات المغربية على قائمة من المستهدفين قوامها عشرة آلاف رقم هاتف، بما في ذلك أرقام عدد من قادة العالم والناشطين والصحفيين.
وحدَّد التحليل ما لا يقل عن 35 صحفياً استهدفتهم الحكومة المغربية ببرمجيات بيغاسوس، تمت لاحقاً محاكمتهم في ظروف تدعو إلى الريبة، أو تعرضوا إلى حملات من الترهيب والمضايقة أقرَّتها الدولة، ومن بين هؤلاء توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني، محررا صحف أخبار اليوم.
وصدر بحق بوعشرين حكم بالسجن لمدة 15 عاما باتهامات تتصل بالاتجار بالبشر والاعتداء الجنسي والاغتصاب والبغاء. كما اعتقل زميله الريسوني بتهمة الاعتداء الجنسي في أيار/ مايو 2020، وحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات في 9 تموز/ يوليو 2021. وقد شابت محاكمة كلٍّ منهما انتهاكاتٌ للإجراءات القانونية الواجبة والحق في المحاكمة العادلة.
وأضافت المنظمات أنه ومنذ التحقيق الذي أجرته منظمة سيتيزن لاب في عام 2016، الذي بيَّن أحد الاستخدامات المبكرة لبيغاسوس من قبل الإمارات العربية المتحدة للتجسس على المدافع الإماراتي البارز عن حقوق الإنسان أحمد منصور، الذي يقضي حالياً 10 سنوات في السجن في ظروف غير إنسانية، ما فتئت صناعة المراقبة تزدهر دونما رادع.
وقد كشف التحقيق العاجل الذي أجرته كلٌّ من منظمة العفو الدولية ومنظمة فوربيدِن ستوريز (قصص محظورة)، المعنون مشروع بيغاسوس، عن البيانات المسربة لـخمسين ألف رقم هاتف تم تحديدها باعتبارها أهداف مراقبة محتملة، بما في ذلك أربعة من عملاء مجموعة NSO الحكوميين من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقية، هم الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والمغرب، والمملكة العربية السعودية.
ومن بين أهداف المراقبة البارزة الأخرى التي ظهرت على قائمة بيغاسوس المسربة آلاء الصدّيق، الناشطة الإماراتية والمديرة التنفيذية لمنظمة القسط، التي قضت في حادث سير في حزيران/ يونيو 2021، ومؤسس منظمة القسط والمدافع السعودي عن حقوق الإنسان يحيى عسيري. وكان كل من الصدّيق وعسيري قد انتقلا إلى المملكة المتحدة فراراً من التنكيل الذي لقياه في بلديهما.
وقالت “مروة فطافطة”، مديرة سياسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة آكسس ناو إن “منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا باتت أرضًا خصبة للمراقبة، مما يسمح لشركات التكنولوجيا الخاصة بجني الأرباح من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”، مضيفة أن “تصدير تكنولوجيا المراقبة إلى الحكام المستبدين تدفع ثمنه حقوق الإنسان بشكل باهظ” مشيرة إلى أنه لا ينبغي أن يكلفنا الأمر “خاشقجي آخر” حتى تستيقظ الدول وتضع حدًا فوريًا لتلك الممارسات.
وأكدت المنظمات أنه وفي ظل غياب أي رقابة أو تنظيم لصناعة تكنولوجيا المراقبة المزدهرة وغير المتسمة بالشفافية، وجدت الحكومات الاستبدادية في المنطقة ضالَّتها في استخدام هذه الأدوات من أجل مواصلة التنكيل بالمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين، وقمع حرية التعبير ووسائل الإعلام، مع الإفلات التام من العقوبة.
وطالبت المنظمات بإلغاء جميع تراخيص تصدير تكنولوجيا المراقبة والعلاقات التجارية مع الدول غير الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي ترتكب انتهاكات حقوق الإنسان بشكل منهجي.، والشروع في إجراء تحقيق مستقل ونزيه ومتسم بالشفافية في حالات المراقبة الموجَّهة، ولا سيما في حالات استهداف الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وطالبي اللجوء السياسي خارج الحدود الإقليمية لبلدانهم، وضمان تمكين ضحايا المراقبة غير القانونية من استخدام سبل الانتصاف والتعويض.
كما دعت إلى اعتماد إطار قانوني يتطلب الشفافية بشأن استخدام تكنولوجيات المراقبة والحصول عليها، وجعل هذه المعلومات متاحة في السجلات العامة على نحوٍ استباقي، بما في ذلك على المنتجات والخدمات المشتراة، فضلاً عن عقود الأعمال التجارية مع شركات المراقبة الخاصة، للسماح بالتدقيق والمساءلة العامَّين.