تقرير للأورومتوسطي يوثق شهادات لتورط خفر السواحل الليبي بوفاة وفقدان طالبي لجوء
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا يتعرضون لانتهاكات جسيمة بشكل مستمر.
وأكد المرصد أن هذه الإنتهاكات قد بلغت حد المساس بحياتهم وسلامتهم البدنية والنفسية بسبب الممارسات غير القانونية. هذه الإنتهاكات ترتكب على أيدي السلطات الليبية سواء أثناء عمليات الصد والإرجاع أو في السجون ومراكز الاحتجاز.
وقد أصدر المرصد الأورومتوسطي تقرير مفصّل بعنوان “اضطهاد مركّب.. منظومة قمع واستغلال متكاملة ضد المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا”.
وثق فيه انتهاكات مروّعة تمارسها السلطات الليبية بحق المهاجرين وطالبي اللجوء. ويشمل ذلك حالات الاحتجاز التعسفي، والمعاملة غير الإنسانية. وأكد التقرير أن من أهم الإنتهاكات عمليات الابتزاز المالي المنتشرة على نطاق واسع داخل السجون ومراكز الاحتجاز في ليبيا.
وفي إحدى الإفادات التي وثقها التقرير، أخبر الشاب السوري “م.م”، فريق المرصد الأورومتوسطي: “وضعونا في زنازين صغيرة بفتحات تهوية لا تتخطى (20×20) سم مكتظة بالمحتجزين”.
وأضاف: “كنا نحصل على وجبة طعام كل (20) ساعة، تتكون فقط من رغيف خبز صغير مع قطعة جبن صغيرة وكمية قليلة من المياه المالحة”.
واستطرد الشاب السوري بالقول: “بعد عدة أيام، زارنا أشخاص عرضوا علينا الإفراج مقابل مبالغ مالية كانت تخضع لمفاوضات ونقاش ولكنها كانت تتراوح بين (800-2,500) دولار أمريكي”.
في حالات أخرى، تبيّن ضلوع خفر السواحل الليبي في انتهاكات خطيرة خلال عمليات صد وإرجاع المهاجرين وطالبي اللجوء. وصل بعضها إلى ارتكاب أفعال قد تُفضي إلى وفاتهم أو فقدانهم.
وارتكز التقرير على أشهر من التوثيق الميداني. شملت مقابلات أجراها فريق المرصد الأورومتوسطي مع عدد من المهاجرين وطالبي اللجوء وذويهم. ومتابعة دقيقة لسلوك الأجهزة الليبية المختلفة تجاه المهاجرين وطالبي اللجوء. وفي مقدمتها خفر السواحل، وإدارات السجون، وقوات الأمن.
وبحسب البيانات التي جمعها الأورومتوسطي من مسؤول حكومي ليبي، فإن عدد المحتجزين من المهاجرين وطالبي اللجوء في السجون ومراكز الاحتجاز ومراكز الهجرة في ليبيا قد يصل إلى 13 ألف محتجز. ينحدرون من جنسيات مختلفة أغلبها أفريقية. مثل أثيوبيا، ونيجيريا، وتشاد، والنيجر، والسودان، ومصر، ودول المغرب العربي.
ولا يهدف معظم هؤلاء إلى الاستقرار في ليبيا، وإنّما الانطلاق من السواحل الليبية بحراًَ إلى السواحل الأوروبية.
وقال المرصد الأورومتوسطي: “تشترك السلطات الحاكمة شرقي وغربي البلاد في السياسات التمييزية وغير الإنسانية ضد المهاجرين وطالبي اللجوء. إذ تتشابه إجراءات الملاحقة، والاحتجاز والإهانة في سجون ومراكز احتجاز المهاجرين وطالبي اللجوء شرقي وغربي ليبيا.”
ولفت التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي تبنّى على مدار السنوات الماضية سياسات عقّدت من أوضاع المهاجرين وطالبي اللجوء، وقيّدت طرق الهجرة واللجوء إلى أوروبا بشكل قانوني.
فمنذ عام 2015، قدّم الاتحاد الأوروبي نحو 525 مليون دولار إلى ليبيا بهدف حماية حدود أوروبا الجنوبية والحدّ من وصول المهاجرين وطالبي اللجوء إليها.
ووجّه نصيبًا كبيرًا من هذا الدعم لتعزيز قدرات خفر السواحل الليبي وتحديث معداته وتدريب كوادره، لصدّ واعتراض قوارب المهاجرين وطالبي اللجوء داخل المياه الإقليمية الليبية، دون الالتفات إلى الممارسات العنيفة وغير القانونية التي يرتكبها خفر السواحل ضد المهاجرين وطالبي اللجوء.
واستعرض التقرير طرق التهريب المختلفة. إذ تبدأ عملية التهريب البحري باصطياد المهاجرين وطالبي اللجوء بالدعاية التي تروّجها شبكات التهريب داخل ليبيا أو خارجها. ومن ثم تجميعهم في مستودعات تنتشر في مدن ساحلية.
يحتجزهم المهربون قبل أيام أو أسابيع من الإبحار في مستودعات أو أراضٍ زراعية، في ظروف غير إنسانية. تشمل هذه الظروف التعذيب والحرمان من الطعام والشراب والرعاية الطبية.
ثم يتم تحديد موعد الرحلة البحرية والانطلاق بها عادة دون مراعاة ظروف السلامة المطلوبة، ودون أن يكون المهاجرون وطالبو اللجوء على دراية بتفاصيل الرحلة أو مسارها، أو احتياطات السلامة في حالات الطوارئ.
وأوصى المرصد الأورومتوسطى الحكومة الليبية وقوات اللواء المتقاعد “خليفة حفتر” بإطلاق سراح جميع المهاجرين وطالبي اللجوء المحتجزين تعسفيًا داخل مراكز الإيواء والسجون بشكل فوري.
وطالب المرصد أيضاً بوقف جميع الممارسات العنيفة لخفر السواحل الليبي ضد المهاجرين وطالبي اللجوء قبالة سواحل ليبيا.
ودعا المرصد لوقف عمليات الترحيل القسري. ومراعاة أحكام الاتفاقيات الدولية ونصوص القانون الدولي في إجلائهم والتعامل معهم.
ودعا المرصد الأورومتوسطي الاتحاد الأوروبي إلى استحداث آليات رقابية. حيث يجب التأكد من أنّ الدعم المالي واللوجستي المقدم لخفر السواحل الليبي لن يسهم في تمكينه من انتهاك حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء.
وطالب الأورومتوسطي الاتحاد بالالتزام بالمبادئ الأوروبية في التعامل مع قضايا المهاجرين وطالبي اللجوء.
كما حث دول جنسيات المهاجرين وطالبي اللجوء المحتجزين على أخذ دورها الطبيعي بتوفير الحماية المطلوبة لرعاياهم والتأكد من سلامة أوضاعهم الإنسانية.