مرصد حقوقي يطالب السلطات في قطر بتعويض العمال المهاجرين وحمايتهم
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الحكومة القطرية إلى الوفاء بوعودها بشأن بتعويض وحماية حقوق العمال المهاجرين في البلاد، خاصةً مع ترأس البلاد الدورة 111 لمنظمة العمل الدولية.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي إنّه بعد مرور ستة أشهر على تنظيم كأس العالم 2022، ما يزال يتعيّن على قطر والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) اتخاذ مزيد من الخطوات لتحقيق العدالة المنتظرة للعمال الذين ساهموا في إنجاح هذه البطولة.
ولفت إلى أنّه عشية حفل افتتاح كأس العالم قطر 2022، أكّد رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم “جياني إنفانتينو” وعدًا سابقًا بتحديد نسبة من أرباح البطولة لتعويض العمال المهاجرين الذين تعرضوا لانتهاكات حقوق الإنسان أثناء بطولة كأس العالم أو أثناء التحضير لها.
وبالمثل، أكّدت قطر أنّ صندوق دعم وتأمين العمال الذي أنشأته عام 2018 سيساعد العمال الذين لم يتقاضوا أي رواتب، وأعلنت توزيع 320 مليون دولار في عام 2022 على العمال من خلال الصندوق.
وقال وزير العمل القطري “علي بن صميخ المري“: “إذا كان هناك من يستحق التعويض ولم يستلمه، فعليه أن يبلغنا وسنساعده حتى لو كان عمر قضيّته عشر سنوات”.
لكنّ الواقع على الجهة الأخرى يثير القلق، إذ تسبّبت الثغرات القانونية والتعقيدات البيروقراطية والافتقار إلى آليات التنفيذ والحماية غير الكاملة إلى إعاقة تعويض العمال الذين عانوا من ظروف قاسية أو انتهاكات مختلفة، بما يشمل التأخير في دفع الأجور والمستحقات أو عدم دفعها على الإطلاق، فضلًا عن ساعات العمل الطويلة وقلّة أيام الإجازة والسكن غير اللائق.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ العديد من العمال الذين شاركوا في تشييد مرافق كأس العالم 2022 يعانون من الفقر المدقع بسبب عدم تلقيهم أجورهم ومستحقات نهاية الخدمة، وسط تباطؤ العمل في قطاعات البناء، إذ لا يُكلّف العمال بمهام أخرى ولا يستطيعون تغيير وظائفهم.
ويجبر هذا الوضع العمال على البقاء عالقين في قطر، ويجعلهم غير قادرين على العودة إلى بلدانهم خشية من فقدان مستحقاتهم المالية.
وقال رئيس المرصد الأورومتوسطي “رامي عبده“: “من الضروري معالجة محنة العمال المهاجرين المتعثرين، لا سيما أن الاتحاد الدولي لكرة القدم جنى أرباحًا قياسية بلغت 7.5 مليار دولار من كأس العالم 2022، كما حقّق الاقتصاد القطري نموًا كبيرًا بنسبة 4.8% في عام 2022”.
وأضاف أنّه “ينبغي على الحكومة القطرية والاتحاد الدولي لكرة القدم تحمل مسؤولياتهما وتقديم نموذج إيجابي في حماية وتعزيز حقوق العمال”.
ومن بين الأمور التي تثير القلق الصعوبات المتزايدة التي يواجهها العمال المهاجرون في الوصول إلى النظام القانوني بسبب مدد الانتظار الطويلة والتكاليف الباهظة وقصور آليات التنفيذ.
وفي هذا السياق، قال “عبده“: “ينبغي أن يكون بديهيًا للحكومة أنّ العمال المهاجرين الذين وقعوا في براثن الفقر بعد حرمانهم من أجورهم لن يتمكنوا من الذهاب باستمرار إلى وزارة العمل لمتابعة قضاياهم وحضور جلسات الاستماع والانتظار لأشهر طويلة حتى تتم معالجة قضاياهم”.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّه على الرغم من اتخاذ الحكومة القطرية بعض الخطوات في سبيل تحسين ظروف العمل والمعيشة للعمال المهاجرين، مثل تعيين الحد الأدنى للأجور وإلغاء نظام الكفالة رسميًا ووضع قواعد تسمح للعمال بتغيير وظائفهم أو مغادرة البلاد وتحسين وصولهم للعدالة، إلا أنّ تلك الخطوات اشتملت على أوجه قصور خطيرة، ولم تنفذ على النحو الذي يؤدي إلى تحسين وضع العمال المهاجرين في البلاد.
على سبيل المثال، ألغت السلطات القطرية عام 2020 شرط حصول العمال على “شهادة عدم ممانعة” من أصحاب العمل الحاليين ليتمكنوا من تغيير وظائفهم، إلّا أن العديد من العمال طُلب منهم “طلب موافقة على الاستقالة” والذي يحمل نفس التأثير السلبي على حريّات العمال.
وأبلغ بعض العمال عن تعرضهم لردود فعل انتقامية من أصحاب العمل عند محاولتهم ترك وظائفهم، مثل إلغاء تصاريح إقاماتهم أو تقديم بلاغات “هروب” كيدية ضدهم.
وقالت وزارتا الداخلية والعمل في قطر إنهما اتخذتا بعض الخطوات لربط أنظمتهما والتحقق من المعلومات للحد من هذه الأعمال الانتقامية، إلّا أن هناك حاجة ماسّة إلى مزيد من العمل لوقف مثل هذه الانتهاكات.
وذكر بعض العمال أنّهم مثقلون بالديون بسبب رسوم الاستقدام التي لم يسددها لهم أصحاب العمل على الرغم من العقود المكتوبة التي تلزمهم بذلك، الأمر الذي يستدعي تحرك السلطات لضمان إنفاذ عقود العمل وتسهيل تقديم العمال للشكاوى في هذا الصدد.
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّه وسط التقارير التي تشير إلى تباطؤ قطاعات الأعمال في قطر بعد كأس العالم، يتعيّن على السلطات اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة لتيسير الأوضاع على العمال المهاجرين ليتمكنوا من تغيير وظائفهم بحرية أو يتلقوا مستحقاتهم ورواتبهم في أقرب وقت، ولا يضطرون إلى الانتظار المفتوح وغير الضروري للحصول على حقوقهم.
وأكّد على مسؤولية الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في المساهمة بدفع مستحقات العمال عن الأعمال المرتبطة ببطولة كأس العالم 2022.
وشدّد على دور الحكومة القطرية في ضمان تحقيق العدالة في سلاسل الإمداد، إذ ترفض أو تؤخر بعض الشركات الكبرى دفع المبالغ المستحقة لمقاوليها، والذين يقومون بدورهم بترحيل المشكلة إلى الموظفين.
ودعا المرصد الأورومتوسطي الحكومة القطرية إلى إنشاء خط ساخن ومنصة رقمية لتقديم شكاوى سرقة أجور العمال المهاجرين، ووضع أطر زمنية واضحة ومعقولة للتعامل مع القضايا، والالتزام بدفع التعويضات في القضايا التي يصدر فيها أحكام لصالح العمال، على النحو الذي سيسمح للعمال بالسفر إلى بلدانهم الأصلية ومتابعة قضاياهم عن بُعد.
وطالب المرصد الأورومتوسطي السلطات القطرية بإعادة النظر في اللوائح والقوانين المتعلقة بتشكيل وتنظيم النقابات، بما يضمن إنهاء حرمان العمال المهاجرين من تأسيس النقابات أو الانضمام إليها، والمشاركة على نحو فاعل في الدفاع عن حقوقهم.