القمع يتصاعد في السودان بغطاء تعديلات قانونية خطيرة تمس حرية التعبير

ستوكهولم – أعربت مؤسسة “سكاي لاين” الدولية اليوم، عن بالغ قلقها من تشديد إجراءات تكميم الأفواه وقمع الحريات العامة في السودان عبر ملاحقات تعسفية للصحفيين بموجب تعديلات على قانون “جرائم المعلوماتية” المخصص لمواجهة الجرائم الإلكترونية.

وقالت سكاي لاين ومقرها ستوكهولم في بيان صحفي، إنها تنظر بخطورة لتلقي صحافيين سودانيين تهديدات بمقاضاتهم بزعم مكافحة نشر الأخبار الكاذبة ضد الجيش في حال نشر تقارير منتقدة.

وأشارت إلى أن وتيرة هذه التهديدات زادت بعد تعديل أجرته الحكومة الانتقالية في السودان بهدف تشديد العقوبات من دون تحديد طبيعة الأخبار الكاذبة أو كيفية تشويه سمعة الجيش، بحيث بقيت المصطلحات فضفاضة ما يمكن بسهولة استغلالها لإسكات الصحافيين.

وشُددت أحكام السجن للعديد من الجرائم في تعديلات قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية في تموز/يوليو الماضي، وتم رفع الحد الأقصى لعقوبة السجن بموجب المادة 23، والتي تتضمن حظرًا مبهمًا على “نشر أخبار كاذبة” لتهديد السلامة العامة، إلى أربع سنوات بدلاً من سنة واحدة.

وأصدر الجيش السوداني بيانا قال فيه إنه عيّن مفوضا خاصا لرفع دعاوى قضائية ضد الأفراد الذين “يسيئون” إلى القوات المسلحة، بمن فيهم النشطاء والصحافيون الذين يكتبون على الإنترنت، داخل وخارج السودان.

وقانون “جرائم المعلوماتية” هو قانون فضفاض صدر عام 2007، واستخدمه النظام السابق لاستهداف المنتقدين على الإنترنت، ويُجرّم مفاهيم غامضة مثل “نشر الأخبار الكاذبة” ونشر “محتوى مخل بالحياء أو مناف للآداب”. وعند إقرار قانون الجرائم المعلوماتية، خصص السودان شرطة ونيابة ومحكمة لذلك النوع من الجرائم، والتي تتصل بصورة مباشرة بالشبكة العنكبوتية.

ولم تصحح التعديلات الأخيرة الأحكام الإشكالية في القانون، لكنها بدلا من ذلك زادت أحكام السجن، حيث هدد الجيش كذلك باستخدام قانون الصحافة والمطبوعات، وأحكام “الجرائم الموجّهة ضد الدولة” في القانون الجنائي لعام 1991.

وبموجب التعديلات الأخيرة، شددت الحكومة الانتقالية تشريعاتها ضد الجرائم الإلكترونية والتي يخشى الصحفيون لجوء الحكومة لها في محاربة الصِّحافة الإلكترونية والتعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وبالرغم من أن القانون يختص بالأخبار الكاذبة إلا أن كثيرًا ما يرفض المسؤولون العسكريون ومؤيدوهم التقارير التي تضعهم في “صورة سيئة” باعتبارها “أخبارًا مزيفة”، ويخشى صحفيون ونشطاء سودانيون أن يستخدم الجيش التهمة سلاحاً لإسكات الانتقادات، بدلاً من مكافحة المعلومات المضللة.

وتعقيبا على ذلك، أكدت سكاي لاين على معارضتها أي إجراءات لتشديد قمع الحريات العامة واستهداف حرية الرأي والتعبير بدعوى المساس برموز الجيش، مشددة على أن قانون الجرائم المعلوماتية يحتاج إلى تعريفات لمصطلحات مثل الحفاظ على النظام العام والأخلاق.

وحذرت المؤسسة من أي أن القانون المذكور يمكن إساءة استخدامه بسهولة من السلطات السودانية لملاحقة والتضييق على الصحفيين والمدونين ونشطاء حقوق الإنسان بما يخالف الاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان.

وأشارت سكاي لاين إلى أن تعديل قانون الجرائم المعلوماتية وزيادة التضييق على الصحفيين يأتي في ظل واقع متردي من الحريات العامة وحملات حكومية للترهيب والمضايقة والاعتقال والاعتداء على الصحفيين وغيرهم بسبب ممارستهم حقهم في حرية التعبير.

وأكدت سكاي لاين أن على السلطات في السودان إصلاح القوانين لجعلها تتماشى مع المعايير الدولية وإلغاء الأحكام المبهمة بشأن الإهانات والتحريض بدلا من تعديل قوانين لجعلها أكثر قمعا وترهيبا ضد حرية التعبير.

قد يعجبك ايضا