ترحيل 4 شقيقات يمنيّات من السعودية إلى والدهن المعنَّف في اليمن مقامرة بمصيرهن
جنيف- أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بشدة قرار وزارة الداخلية السعودية ترحيل أربع شقيقات يمنيات بشكلٍ قسري إلى اليمن بطلب من والدهن رغم شبهات تعنيفه لهنّ في وقت سابق، ووجود دعوى قضائية بشأن التعنيف -لم يفصل فيها بعد- رفعتها الفتيات ضد والدهن.
وقال المرصد الحقوقي الدولي ومقرّه جنيف في بيان صحفي اليوم إنّ الشقيقات الأربعة وهنّ: “هنا عبد السلام طه العطاس” (31 عامًا)، و”هاجر عبد السلام طه العطاس” (21 عامًا)، و”سارة عبد السلام طه العطاس” (22 عامًا)، و”هدى عبد السلام طه العطاس” (30 عامًا)، أرسلن برقية شكوى لولي العهد السعودي محمد بن سلمان يطالبنه فيها بحمايتهن من عنف والدهن، الذي يتعرض لهن بالأذى ولا ينفق عليهن ويحرمهن أيضًا من حقهن في الزواج، غير أن هذه الشكوى تم تحويلها فيما بعد لشرطة النزهة في مدينة جدة، وتم حفظها وتجاهلها دون تفسير، ما دفع الفتيات إلى تقديم الشكوى للنيابة العامة والتي بدورها أجرت جلستي تحقيق معهن للاستماع إلى أقوالهن ثم توقفت أيضًا بشكلٍ مفاجئ.
ولفت الأورومتوسطي إلى أنّ والدة الفتيات “جانيه أحمد فضل السيد” كانت تقدمت بشكوى لدى شرطة النزهة تشتكي فيها على بناتها بأنهن “عاقات لوالديهن”، ولكن تبيّن لاحقًا أنّ الوالدة قدّمت الشكوى تحت ضغط وتهديد والد الفتيات، ليتم إيداعهن بموجب هذه الشكوى في قسم التوقيف التابع لشرطة النزهة لعدة ساعات.
نُقلت الفتيات بعد ذلك إلى سجن ذهبان الجنائي في مدينة جدة، حيث مكثن 7 أيام، ليتم تحويلهن فيما بعد إلى دار الحماية استنادًا إلى خطاب صادر عن أمير المنطقة يقضي بذلك، ليقوم والد الفتيات أثناء احتجازهن في دار الحماية بتقديم طلب بترحيلهن مع أمهن إلى اليمن بشكلٍ نهائي.
وحصل الأورومتوسطي على صورة شكوى بتاريخ 17 مارس/آذار 2020 تقدمت بها أم الفتيات السيدة “جانيه السيد” تطلب فيها من مدير جوازات منطقة مكة المكرمة نقل كفالتها وكفالات بناتها إلى سجل أخيها، وتشير في الشكوى إلى أنّ إيداع الفتيات في دار الحماية كان بسبب ظلم والدهن لهن بحجة عقوقهن، كما ذكرت أنّ والدهنّ هدّد بتعذيبهن حال وصولهن اليمن.
حاولت الفتيات خلال فترة احتجازهن في دار الحماية رفع قضية في المحكمة يطالبن فيها بالنفقة، غير أن المحكمة رفضت الدعوى بحجة وجود أمر تنفيذي بترحيلهن خارج البلاد، كما طالبن بسكن إلا أن الطلب رُفض لوجودهن في دار الحماية، وتقدّمن كذلك بدعوى “عضل” – وهي دعوى ترفعها النساء لتزويج أنفسهن -على والدهن لرفضهن تزويجهن، ولكنّ الدعوى رُفضت أيضًا بحجة عدم وجود زوج في الوقت الحالي.
وفق المعلومات التي اطلع عليها الأورومتوسطي، احتُجزت الفتيات نحو سنة وسبعة أشهر في دار الحماية، وعلى الرغم من حصولهن على قرار صادر عن المحكمة بضمهن مع والدتهنّ، إلا أن احتجازهنّ في دار الحماية عرقل تحركاتهن القانونية، وبالتالي لم يتمكنّ من الاستفادة من قرار ضمهنّ مع والدتهن.
بحسب المعلومات المتوفّرة، تُحتجز الفتيات حاليًا في مركز الإيواء في الشميسي، وهو سجن يودع فيه جميع الأجانب المراد ترحيلهم بما فيهم المجرمون، حيث تم تقييد أيدي الفتيات واحتجازهن تمهيدًا لترحيلهن.
وفي إطار محاولاتهن لإلغاء قرار الترحيل، حصلت الفتيات على ورقة “إثبات إعالة وإثبات حالة اجتماعية” من القنصلية اليمنية في جدة -اطلع الأورومتوسطي على نسخة منها- تُفيد أنّ شقيقهن “هاشم عبد السلام طه العطاس” هو العائل والمسؤول عنهن، ولكنّ تلك الإفادة لم تُغيّر شيئًا من الواقع، واستمرت إجراءات ترحيلهنّ نحو الأراضي اليمنية.
والأحد الماضي 6 سبتمبر/أيلول 2020، خاطبت القنصلية اليمنية في جدة مركز الإيواء لوقف ترحيل الفتيات يمثل خطرًا على حياتهنّ، ولوجود دعوى مرفوعة أمام المحكمة لم يتم الفصل فيها بعد، إلا أنّ هذا الخطاب تم تجاهله أيضًا.
من جانبه، أعرب المرصد الأورومتوسطي عن قلقه الشديد على مصير الفتيات، مؤكداً أن ترحيلهنّ بشكل قسري اعتداء على حقوقهن الأساسية في التقاضي والإقامة رفقة عائلتهن، وتمزيق لشمل الأسرة، فضلاً عن الأخطار التي قد يتعرضن لها فور وصولهن إلى اليمن، خاصةً وأنّهن تلقين تهديدات سابقة من والدهن بالتعذيب.
ودعا الأورومتوسطي السلطات السعودية إلى وقف قرار الترحيل بشكل فوري، والعمل على تمكين الفتيات والنساء من حقهن في التقاضي العادل، خاصةً وأن الكثير من الفتيات قد يواجهن نفس المصير من قبل الآباء المعنِّفين. كما كما طالب الأورومتوسطي السلطات اليمنية المعنية بضرورة متابعة قضية الفتيات، والتأكد -في حال تمت عملية الترحيل – من توفير الحماية الكاملة لهن، والتحرّك بشكل سريع وفاعل لمنع والدهنّ من تنفيذ تهديداته، وتعريض حياة الفتيات للخطر الشديد.
اقرأ أيضاً: الأورومتوسطي: الجهود الرسمية في الأردن ما تزال قاصرة في مواجهة العنف ضد النساء