خطة ترحيل اللاجئين السوريين غير إنسانية وتمثّل خطرًا حقيقيًا على سلامتهم
دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات اللبنانية إلى التراجع الفوري عن خطة ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلادهم قسرًا، والامتناع عن اتخاذ أي إجراء من شأنه تعريض أمنهم وسلامتهم للخطر.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي إنّه تابع بقلق بالغ تصريحات وزير المهجّرين اللبناني “عصام شرف الدين” التي قال فيها إنّ لبنان يخطط لإعادة 15 ألف نازح سوري شهريًا، بزعم أنّ “بلادهم أصبحت آمنة بعدما انتهت الحرب فيها”.
وأكّد الأورومتوسطي أنّ إعادة اللاجئين على عكس إرادتهم يمثّل انتهاكًا واضحًا لمبدأ عدم الإعادة القسرية، والذي يحمي اللاجئين من الطرد أو الإعادة إلى بلدان تكون فيها حياتهم أو حرياتهم معرضة للخطر، ويشمل ذلك إمكانية تعرضهم للتعذيب والمعاملة القاسية والمهينة.
وأشار إلى أنّ لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية أكّدت في تقرير لها في سبتمبر/ أيلول 2021، أنّ سوريا ما تزال مكانًا غير آمن أو مستقر لعودة اللاجئين إليها، أو حتى عودة النازحين داخليًا إلى مناطقهم التي اضطروا إلى تركها بسبب النزاع المسلح.
وقالت مسؤولة الإعلام في المرصد الأورومتوسطي “نور علوان“: “إعادة اللاجئين السوريين في لبنان قسرًا إلى بلادهم تعني التوقيع على قرارات بإخفائهم أو تعذيبهم أو حتى إعدامهم.
وأضافت “علوان“: “هل ينبغي لنا بعد كل الممارسات الوحشية للنظام السوري أن نثق في رغبته أو قدرته على احتضان مئات آلاف اللاجئين وتوفير حياة آمنة وكريمة لهم؟”
وتابعت: “نتفهم الأزمات المعقدة التي يعيشها لبنان، ولكنّ حلّ هذه الأزمات لا يبدأ من إرغام أشخاص ضعفاء على العودة إلى المناطق التي هربوا منها في ظل استمرار الخطر على حياتهم، وعدم وجود ضمانات كافية لعدم تعرضهم للاضطهاد مرة أخرى”.
وانتقد الأورومتوسطي التقدير غير الواقعي للحكومة اللبنانية بشأن تعامل النظام السوري مع المعارضين من اللاجئين المقرر ترحيلهم.
إذ قال الوزير اللبناني إنّهم أمام خيارين؛ إما العودة إلى سوريا مع التعهد بعدم ممارسة أي أعمال سلبية، أو أن تتكفل مفوضية شؤون اللاجئين بنقلهم إلى دولة ثالثة.
لافتًا إلى أنّ منظمات حقوقية وثّقت تعرّض عدد من اللاجئين الذين عادوا إلى سوريا سابقًا لانتهاكات خطيرة وصلت في بعض الحالات إلى الإعدام.
ويعيش في لبنان نحو 1.5 مليون لاجئ سوري، منهم حوالي 950 ألفًا مسجلون لدى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.
ويعاني اللاجئون السوريون في لبنان من أوضاع معيشية غاية في السوء، إذ يعيش 9 من كل 10 منهم في فقر مدقع، وتصل نسبة عائلات اللاجئين السوريين التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي إلى نحو 49%.
كما أنّ 60% من العائلات السورية اللاجئة تعيش في مساكن مكتظة أو معرضة للخطر أو دون المعايير المطلوبة.
ومنذ سنوات، يتعرض اللاجئون السوريون في لبنان إلى ممارسات تمييزية وعنصرية، بما في ذلك عدد من القوانين التي تحد من قدرتهم على التمتع بحقوقهم الأساسية ولا سيما الحق في الصحة والحق في العمل.
إضافة إلى تعرّضهم لعدد كبير من الاعتداءات التي تسبّبت بمقتل عدد منهم وإحراق بعض المخيمات، والتي تكون غالبًا مدفوعة بخطابات كراهية وتحريض من مسؤولين سياسيين وشخصيات حزبية.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي على ضرورة رفض المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لخطة ترحيل اللاجئين السوريين من لبنان وعدم التعاون معها في شكلها الحالي، والاستمرار في تقديم الدعم والخدمات للاجئين السوريين، إلى جانب التواصل مع السلطات اللبنانية بشكل حثيث لبيان عواقب الترحيل القسري للاجئين.
وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنّ لبنان مُلزم بموجب تعهداته في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب بعدم إجبار أي شخص يُخشى أن يتعرض للتعذيب للعودة إلى بلاده.
إذ جاء في المادة (3) من الاتفاقية أنّه “لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أيّ شخص أو تعيده (“أن ترده”) أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقة تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب”.
وطالب المرصد الأورومتوسطي الأمم المتحدة بالضغط على السلطات اللبنانية للتراجع عن خطة ترحيل اللاجئين السوريين، وتمكينهم من حرية تقرير مصيرهم، وعدم السماح بإعادتهم إلى ديارهم إلا بعد التأكّد من أنّها أصبحت آمنة، وضمن برامج إعادة طوعية منظمة.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي الدول المانحة على تكثيف المساعدات المالية للبرامج الإنسانية الخاصة باللاجئين في لبنان، ودعم جهود السلطات اللبنانية في استضافتهم وتقديم الخدمات الأساسية لهم.