هيومن رايتس ووتش: رد مصر على التعذيب: معاقبة الضحايا
تقاعست السلطات المصرية عن إجراء تحقيق ذي مصداقية في الانتهاكات المرتكبة بحق محتجزين في قسم شرطة القاهرة.
حيث كانت “الغارديان” قد نشرت في يناير/كانون الثاني تقريرا عن مقطعَي فيديو مسربين يظهران المحتجزين مصابين بجروح يبدو أنها نتيجة التعذيب.
بدل ذلك، أحال المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا “خالد ضياء” معظم المحتجزين الذين ظهروا في الفيديوهات إلى محاكمة جماعية.
هذا مجرد أحدث مثال على الإفلات من العقاب في بلد معروف بالتعذيب المستشري ونظام قضائي يغضّ البصر عن التعذيب.
في 28 مايو/أيار، عقدت محكمة الإرهاب جلستها الأولى .
من بين المتهمين 18 رجلاً وفتى 17 عاما تعرضوا للتعذيب من قبل عناصر في قسم شرطة السلام أول. حيث سُجل الفيديو في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، بحسب الغارديان.
بحسب أمر الإحالة من المحكمة، يواجهون تهما بـ “الانضمام إلى جماعة إرهابية” و”تمويل تلك الجماعة” و”نشر أخبار كاذبة”.
استندت جميع التهم إلى مزاعم “قطاع الأمن الوطني” بأن الفيديوهات كانت جزءا من مؤامرة لـ”الإخوان المسلمين”. اتهمتهم السلطات بالتخطيط لمهاجمة الشرطة والمصالح العامة.
كما اتُهم ثلاثة رجال وامرأة تضمّن “تواطؤهم” توفير الهاتف المستخدم لتسجيل مقاطع فيديو للرجال المعتدى عليهم، الذين يعرفونهم، ثم نشر الفيديوهات على “يوتيوب”.
في 24 يناير/كانون الثاني، نفس اليوم الذي نشرت فيه الغارديان تقريرها عن الفيديوهات المسربة، قال مسؤولون أمنيون لم يتم الكشف عن أسمائهم لوسائل إعلام مصرية، دون تحقيق، إن الفيديوهات ملفقة.
في 15 فبراير/شباط، أصدر مكتب النائب العام المصري بيانا ادّعى فيه أن مزاعم التعذيب المصاحبة للتسجيلات المسربة كاذبة.
قال البيان إن الشرطة حققت في الأمر. وخلصت نتائج تحقيقاتها إلى أن الرجال جرحوا أنفسهم بـ “عملة معدنية” وسجلوا الفيديو “لإحداث زعزعة” في البلاد و”إثارة الفتن”.
أمرت النيابة بسجن الرجال في الفيديو وسجن معارفهم على ذمة المحاكمة، بينما ظل الجناة المزعومون طلقاء.
أظهرت القضية أن مصر بحاجة إلى آلية مستقلة، ويفضّل أن تكون ذات بعد دولي، لمعالجة التعذيب المستشري أثناء الاحتجاز. وأكدت مجريات القضية على وجوب محاسبة مرتكبي التعذيب أو التستر عليه.
تعاطي الدولة مع الفيديوهات الصادمة هو أبلغ تعبير عن غياب الإرادة السياسية للتصدي لانتهاكات قوات الأمن في حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي تعاقب الضحايا والمبلغين بدلا من ذلك.