تحركات السعودية والإمارات في اليمن تشكل جريمة عدوان ضد سيادة اليمن

جنيف ــ قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن التحركات العسكرية للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في اليمن، تشكل جريمة عدوان ضد دولة ذات سيادة (الجمهورية اليمنية).

وترتبت على هذه التحركات العسكرية انتهاكات جسيمة وواسعة النطاق لحقوق الإنسان.

وأشارت المنظمة، إلى أن ممارسات السعودية والإمارات على الأراضي اليمنية تتعارض مع أهداف التدخل العسكري المحددة في رسالة الرئيس عبدربه منصور هادي إبان طلبه لمجلس التعاون الخليجي، والتي تشكّل على إثرها تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية.

وأكدت منظمة سام “أن نهج التحالف يقوم على تقاسم النفوذ والمصالح، وإنشاء مليشيات مسلحة ومدها بالسلاح والإشراف عليها بصورة مباشرة من قبل دولة الإمارات إدارياً وماليًا وعسكريًا.

إضافة إلى استخدام القوة ضد إرادة الدولة اليمنية، وهي تصرفات تشكل في جوهرها جريمة عدوان، تمس سيادة واستقلال بلد عضو في الأمم المتحدة، وتشكل انتهاكاً خطيرًا للقانون الدولي وفي مقدمتها ميثاق الأمم المتحدة الذي يؤكد على أنه “لا يحق لأية دولة أن تتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر، ولأي سبب كان، في الشؤون الداخلية والخارجية لأية دولة أخرى؛ وبأن من واجب جميع الدول أن لا تهدد باستعمال القوة أو تستعملها ضد سيادة الدول الأخرى أو استقلالها السياسي أو سلامتها الإقليمية:”.

وقالت سام “إن من الممارسات التي تنتهك السيادة اليمنية، دعم التمرد في محافظتي عدن وجزيرة سقطرى، وطرد الحكومة اليمنية من عدن ومسؤولي السلطة المحلية من جزيرة سقطري، وتشكيل قوات مسلحة خارج إشراف الدولة اليمنية، وقصف الجيش اليمني بسلاح طيران التحالف بأكثر من 63 غارة جوية، وقتل وجرح عدد من أفراد وضباط الجيش، وإنشاء قواعد عسكرية على الأرض اليمنية في بعض الجزر كجزيرتي ميون وسقطرى ودون تنسيق مع الحكومة اليمنية، والتحكم في المنافذ اليمنية كالمطارات والموانئ وإدخال عناصر أجنبية بعيدًا عن إشراف الحكومة اليمنية”.

وتابعت سام “أن وزارة الخارجية في اليمن وجهت رسالة إلى مجلس الأمن بتاريخ 5 مايو/ أيار 2018 تتهم فيها دولة الإمارات العربية المتحدة العضو في التحالف العربي بتشجيع التمرد ضد الحكومة الشرعية في جنوب اليمن عام 2019، ووصولًا إلى طرد الحكومة من عدن، واعترافها بقصف الجيش الوطني في أغسطس/ آب ٢٠١٩ على مشارف العاصمة المؤقتة عدن، ما أدى إلى قتل وإصابة أكثر من ٣٠٠ جندي يمني”.

وبتاريخ ١٩ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٩، وجه محافظ محافظة سقطرى رسالة للرئيس عبدربه منصور هادي، وعنوانها: “بلاغ بإقدام عناصر إماراتية على اقتحام مطار سقطرى بالقوة”، وتبعه استقدام عناصر مسلحة للانقلاب على السلطة المحلية وطرد المسؤولين المحليين الذين عينتهم الحكومة اليمنية في الجزيرة، علاوة على تورط الإمارات والسعودية أو الأطراف المدعومة من الدولتين في انتهاكات جسيمة للقانون الدولي في حق المدنيين العزل، كالاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والقتل خارج نطاق القانون والقضاء، إضافة إلى استعانة الإمارات بمرتزقة أمريكيين وفرنسيين لارتكاب جرائم اغتيالات وتصفيات جسدية طالت عددًا من السياسيين والإعلاميين ورجال الدين.

وبتاريخ ٢٠ سبتمبر/ أيلول ٢٠٢٠ رفع محافظ سقطرى رمزي محروس رسالة للرئيس عبدربه منصور هادي بعنوان “ملخص بالمستجدات في محافظة أرخبيل سقطرى”، ذكر فيها عددًا من الممارسات التي تقوم بها دولة الإمارات منها: تعليق الإجراءات الاعتيادية في المنافذ وخاصة المطار، ووصول سفن تحمل معدات واتصالات دون علم الحكومة الشرعية، ونهب المعسكرات وبيع السلاح، والاستمرار في نقل المسلحين إلى الجزيرة، ومنع سلطات المنافذ من مزاولة عملها، وهي تصرفات تشكل خرقاً واضحاً لسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة.

اشتكى محافظ محافظة شبوة محمد صالح بن عديو في مقابلة مع قناة بلقيس اليمنية، بتاريخ 11 مارس/ آذار 2020، من رفض دولة الإمارات العربية المتحدة العضو في التحالف مغادرة منشأة بلحاف الغازية، إلى معسكر آخر، وتسليمها للسلطات الحكومية بعد أربع سنوات على تحرير المحافظة من قبضة مليشيا الحوثي، ما يعرقل تفعيل الميناء من قبل الحكومة اليمنية اقتصاديا لتحفيف العبء الاقتصادي على المواطنين.

ولفتت سام إلى تزايد السخط اليمني على ممارسات الدولتين في اليمن، وانتهاكاتها للسيادة اليمنية، ففي تاريخ 5 سبتمبر/ أيلول 2020 وجّه النائبان في البرلمان؛ على حسين عشال، وعلي المعمري، رسالة الى رئيس مجلس النواب اليمني الجديد سلطان البركاني “حول ممارسات دولة الإمارات العربية في جزيرة سقطري، منها إنشاء معسكرات وتسيير عدد 6 رحلات جوية من بين ركابها أجانب يعتقد أنهم خبراء عسكريون من دون تنسيق أو علم الحكومة اليمنية، وقيام شركة اتصالات إماراتية بإنشاء عدد 8 أبراج اتصالات خاصة بها.

وبتأريخ 10 سبتمبر 2020، وجه 28 نائبا في مجلس النواب، رسالة إلى رئيس الجمهورية ونائبه، ورئيسي مجلسي النواب والوزراء، يدعونهم فيها إلى إلغاء اتفاق ستوكهولم والعودة إلى داخل اليمن لقيادة معركة تحرير الحديدة وبقية المحافظات اليمنية.

وفي وقت لاحق بتأريخ 23 سبتمبر الجاري، اتهم نائب رئيس مجلس النواب اليمني عبدالعزيز جباري خلال مقابلة لبرنامج بلا حدود على قناة الجزيرة، اتهم التحالف العربي بمنع الحكومة اليمنية من ممارسة وظيفتها في المناطق التي تحت سيطرة الشرعية، ويمنعون الشرعية وجميع مؤسساتها من العودة إلى الأراضي اليمنية”.

وأكدت سام أن ممارسات التحالف، قوضت سيطرة الحكومة اليمنية، ومنعتها من ممارسة وظيفتها الخدمية والاقتصادية، وساهمت بنشر الفوضى في مناطق سيطرتها، وقوضت بشكل كبير مع جماعة الحوثي فرص السلام، وأدت سياساتها إلى حرمان الشعب اليمني من فرص الحصول على حياة آمنة، مما شكل خطراً كبيرًا على الشعب اليمني وأمنه القومي، وعلى باقي دول المنطقة، وهو الأمر الذي يفرض على المجتمع الدولي تحركا عاجلا لإنقاذ اليمن من الانقلاب الحوثي والاحتلال والعدوان السعودي الإماراتي، وفرض عقوبات صارمة على من يثبت تورطه في استهداف الشعب اليمني ومنشآته المدنية.

وقال البيان: “لقد جلب التحالف المرتزقة إلى اليمن لإقلاق الأمن واغتيال الشخصيات المعارضة، وأنشأ السجون السرية في المحافظات الجنوبية، ومارس التعذيب الجسدي والإخفاء القسري الممنهج لعشرات المدنيين في محافظتي عدن وحضرموت، وقتل و جرح الآلاف من المدنيين اليمنيين خاصة من النساء والأطفال في قصف عشوائي للمناطق ذات الكثافة السكانية العالية، ودمر البنية التحية اليمنية بصورة بالغة، حيث دمّر ما يقارب 133 مستشفى، وعدد 80 جسرًا، وأكثر من 4000 محطة ومضخة مياه، وتسبب في تهجير سكان من مناطقهم، وهي انتهاكات جسيمة للقانوني الدولي”.

وأشار البيان إلى أن “الصراع الذي خلقه التحالف في اليمن ساهم بصورة كبيرة في تغذية خطاب الكراهية بين اليمنيين، وعمل على انقسام المجتمع اليمني بصورة مخيفة، ترتب عليها ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على أسس مناطقية وجهوية، كالقتل بالهوية ونهب الممتلكات والتهجير القسري للعاملين في مدينة عدن”.

وقالت المنظمة إن استيلاء التحالف على الموانئ اليمنية الجنوبية على البحر العربي وخليج عدن إضافة الى ميناء المخا على البحر الأحمر وتعطيل المطارات، حرم الموازنة اليمنية من مليارات الدولارات، كما ساهم في تفاقم الأوضاع المعيشية، وتدهور سعر العملة اليمنية.

وتؤكد كل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن على وحدة وسلامة أراضي الجمهورية اليمنية، كما ينص دستور الجمهورية اليمنية على أن اليمن دولة “ذات سيادة، وهي وحدة لا تتجزأ ولا يجوز التنازل عن أي جزءٍ منها، والشعب اليمني جزء من الأمة العربية والإسلاميــة”. وهي المخولة الوحيدة بأن تنشئ القوات المسلحة والشرطة والأمن وأية قوات أخرى، وتتولى إدارة الموانئ والثروة العامة، ولها كامل الصلاحيات على أرضها، وكونها “عضو في الأمم المتحدة لا يجوز التعدي عليها، ويعد أي مساس بالسيادة اليمنية جريمة عدوان”.

تعرف “جريمة العدوان” بأنها “قيام شخص ما له وضع يمكنه فعلا من التحكم في العمل السياسي، أو العسكري للدولة، أو من توجيه هذا العمل بتخطيط، أو إعداد، أو بدء، أو تنفيذ عمل عدواني يشكل بحكم طابعه، وخطورته، ونطاقه، انتهاكا واضحا لميثاق الأمم المتحدة”.

ويعد العمل عدوانيًا، وفقا لهذا التعريف، “استعمال القوة المسلحة من جانب دولة ما ضد سيادة دولة أخرى، أو سلامتها الإقليمية، أو استقلالها السياسي، أو بأي طريقة أخرى تتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة، وتنطبق صفة العمل العدواني على قيام دولة ما باستعمال قواتها المسلحة الموجودة داخل إقليم دولة أخرى بموافقة الدولة المضيفة على وجه يتعارض مع الشروط التي ينص عليها الاتفاق، إرسال عصابات أو جماعات مسلحة، أو قوات غير نظامية، أو مرتزقة من جانب دولة ما أو باسمها تقوم ضد دولة أخرى بأعمال من أعمال القوة المسلحة”.

وفي هذا السياق، دعت سام في نهاية بيانها التحالف السعودي الإماراتي إلى كفّ عدوانهما وحربهما على اليمن وشعبه من خلال وقف دعمهما للقتال بين الأطراف اليمنية، واحترام سيادة الدولة اليمنية، والمصالح العليا للشعب اليمني ووقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتقديم الدعم الإنساني لإنقاذ اليمن من الوضع الصحي والإنساني الذي يعيشه البلد.

وطالبت سام الحكومة المعترف بها دوليا القيام بواجباتها الدستورية والقانونية تجاه ما يحدث في اليمن، وعلى رأسها الرئيس اليمني عبدربه منصور والمؤسسات التنفيذية والتشريعية إلى تفعيل صلاحياته الدستورية والقيام بدوره في حماية شعبه من جرائم التحالف العربي، عبر اللجوء إلى الآليات الأممية والدولية، وعلى رأسها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية في لاهاي. كما دعت المجتمع الدولي للعمل بصورة جادة وفاعلة على إحلال السلام في اليمن، و وقف التدخلات الدولية وجرائم العدوان التي تنتهك السيادة اليمنية وتحريك مبدأ المساءلة تجاه منتهكي حقوق الإنسان في اليمن.

 

اقرأ أيضاً: فريق الخبراء الأممي بشأن اليمن يعلن دعمه لإنشاء آلية عدالة جنائية دولية للتحقيق

قد يعجبك ايضا