تحالف عالمي جديد يدفع نحو احترام الحقوق في نقل السكان بسبب تغير المناخ
أطلق في نيويورك “التحالف من أجل إعادة التوطين الكريم المرتبط بالمناخ”، وهو تحالف عالمي يهدف إلى ضمان حق المجتمعات المعرضة لخطر تغير المناخ في التخطيط لإعادة توطينها بشروط تحترم كرامتهم وحقوقهم الأساسية.
جمع التحالف، الذي استضافته منظمة هيومن رايتس ووتش، أكثر من 40 من قادة المجتمعات المحلية، والباحثين، والمدافعين عن حقوق الإنسان من دول متعددة مثل بنما، وفيجي، والبرازيل، والمكسيك، وأستراليا، والسويد، وألمانيا، والولايات المتحدة، بهدف تبادل الخبرات وبناء رؤية استراتيجية مشتركة.
ورغم اختلاف الظروف السياسية والاقتصادية بين هذه المجتمعات، اتفقت جميعها على نقطة مركزية تتعلق بالتهديدات الوجودية التي تواجهها بسبب ارتفاع منسوب البحار، وتدهور الأراضي، والكوارث البيئية المتكررة.
وأكد قادة هذه المجتمعات أنهم غالبًا ما يواجهون هذه التحديات بمفردهم، مع غياب الدعم الحكومي أو عدم كفايته، مما يضع حقوق السكان – كحق السكن، والملكية، ومستوى المعيشة – في مهب المخاطر.
وأشارت التجارب المشتركة إلى أن عمليات إعادة التوطين التي تجرى دون تخطيط دقيق واحترام لحقوق السكان يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، من خلال فقدان الأراضي والتقاليد الثقافية، والتشريد القسري، وضعف الحماية القانونية.
على مدار يومين من النقاشات المكثفة، تبادل أعضاء التحالف الدروس المستفادة من تجارب إعادة التوطين في مختلف المناطق، واستعرضوا سبل الحوكمة التي تضمن مشاركة المجتمعات المعنية في كل مراحل التخطيط والتنفيذ.
ركز التحالف على هدفين رئيسيين:
تعزيز التضامن والتعلم المتبادل بين المجتمعات من مختلف الخلفيات الجغرافية والثقافية، لتمكينهم من مواجهة التحديات المشتركة بفعالية.
دعوة الدول الساحلية إلى تبني سياسات وإطارات حوكمة واضحة تضع حقوق السكان المحليين في مركز عمليات إعادة التوطين، مع توفير ضمانات لحماية حقوقهم القانونية والاجتماعية.
وأكد التحالف أن الأدوات اللازمة لتحقيق إعادة التوطين الكريم متوفرة، لكن العائق الأكبر هو نقص الإرادة السياسية والالتزام الحقيقي من الحكومات.
وشدد أعضاء التحالف على أهمية أن تقود المجتمعات المحلية – وخاصة تلك التي تتعرض لأشد المخاطر – عمليات إعادة التوطين بدلاً من أن تفرض عليها من أعلى، لما لذلك من أثر كبير في الحفاظ على كرامة السكان وتمكينهم من اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهم ومستقبلهم.
مع استمرار تفاقم آثار تغير المناخ، يتوقع أن يواجه المزيد من المجتمعات الساحلية الحاجة إلى الانتقال القسري أو المخطط له. في هذا السياق، يدعو التحالف الحكومات إلى تحمل مسؤولياتها بجدية، واتخاذ خطوات فعلية لوضع سياسات تعترف بهذه الحقائق وتعمل على تحقيق العدالة والكرامة للسكان المتضررين.
ويرى التحالف أن التحدي الأكبر يكمن في الانتقال من المواقف النظرية والمبادئ العامة إلى تطبيق الممارسات والسياسات على الأرض بشكل يضمن احترام حقوق الإنسان وحماية المجتمعات المتأثرة.
وتهدف المبادرة إلى مساعدة الدول على تطوير أُطر قانونية وتنظيمية تراعي خصوصيات المجتمعات المحلية وتضمن مشاركتها الكاملة، مع التركيز على حماية الحقوق المتعلقة بالسكن، والأراضي، والتقاليد الثقافية، والرفاه الاجتماعي.
ويمثل “التحالف من أجل إعادة التوطين الكريم المرتبط بالمناخ” خطوة مهمة في مواجهة تحديات الهجرة البيئية، ويعكس رغبة متزايدة في ضمان أن يكون نقل السكان المتضررين من تغير المناخ عملية تحترم حقوقهم وتدعم صمودهم، لا أن تكون مصدراً لمزيد من المعاناة والتشريد.
تظل مسألة إعادة التوطين المرتبط بالمناخ واحدة من أبرز القضايا الإنسانية والبيئية التي تتطلب تعاوناً دولياً حقيقياً وإرادة سياسية قوية لضمان مستقبل آمن وكرامة للسكان الذين يعيشون على خطوط المواجهة الأولى لتغير المناخ.