مرصد حقوقي يوثق نبش الجيش الإسرائيلي للمقابر وسلب للجثامين في حربه على قطاع غزة
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قام الجيش الإسرائيلي باستكمال اعتداءاته المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر من العام المنصرم، حيث تعمد تجريف 12 مقبرة على الأقل، بالإضافة إلى نبش القبور وسلب الجثامين منها.
هذا وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قد وثق هذه الإعتداءات في خضم جريمة الإبادة المستمرة ضد المدنيين الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي.
وأظهرت إفادات أولية جمعها المرصد أن هجمات إسرائيلية طالت عدة مقابر في قطاع غزة.
مؤكدا أت فريقه الميداني عاين يوم أول أمس الجمعة 5 يناير/كانون ثانٍ الجاري تعرض مقبرة (البطش) شرقي مدينة غزة إلى عمليات تجريف واسعة شملت نبش القبور والدوس بالآليات العسكرية على جثامين القتلى فيها وتقطيع بعضها.
وقال سكان في محيط منطقة المقبرة إنها استُحدثت في 22 أكتوبر/تشرين أول الماضي بغرض دفن العشرات من القتلى مجهولي الهوية بعد تكدسهم لأيام في حينه داخل مجمع الشفاء الطبي في غزة.
وذكر السكان أن مقبرة (البطش) استقبلت لاحقًا عددًا كبيرًا من القتلى والأموات بسبب عدم تمكن ذويهم من الوصول إلى المناطق الشرقية لمدينة غزة ودفنهم في المقابر الرئيسية.
وأكمل السكان في إفادتهم أن بعد ذلك تعرضت المقابر لاقتحام من الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي بآليات وجرافات عسكرية.
ولوحظ في المقبرة بعد اقتحامها تجريفها بالكامل ونبش القبور حد استخراج أغلب الجثامين منها وتقطيعها وتشويهها ونهب عدد منها، بما في ذلك بعض الشواهد التي وضعت للاستدلال على هوية من دفن فيها.
وقالت السيدة “نور ناصر” من سكان مدينة غزة ونزحت إلى مناطق جنوبي القطاع، إن شقيقها الشهيد “محمد (في العشرينيات من عمره) دُفن في مقبرة “البطش” وهو بحالة أشلاء متقطعة”.
وأضافت أنهم صدموا لاحقًا بتعرض المقبرة لعمليات تجريف وعدم تبقي أي أشلاء لشقيقها. وأضافت “ناصر“: “الجيش الإسرائيلي لم يكتف بقتل شقيقي بل إنه ذهب حد حرمان العائلة من مجرد زيارته داخل قبر”.
وفي حادثة أخرى، داهم الجيش الإسرائيلي بآلياته العسكرية مقبرة حي (التفاح) شرقي مدينة غزة، ونبش أكثر من ألف قبر، فيما قال أهالي الحي إنه سرق ما يزيد عن 150 جثمانا لقتلى دفنوا حديثًا منها.
وفي 25 ديسمبر/كانون أول الماضي، تلقى المرصد الأورومتوسطي أيضا عدة إفادات بتجريف الجيش الإسرائيلي مقبرة (بيت حانون) شمالي قطاع غزة وتخريب قبور بداخلها.
وفي الفترة من 17 إلى 20 ديسمبر/كانون أول الماضي، داهم الجيش الإسرائيلي مقبرة (الشيخ شعبان) في منطقة ميدان فلسطين بمدينة غزة وجرف عشرات القبور فيها ودهس جثامين القتلى والموتى.
هذا وأكد الأورومتوسطي أن فريقه عاين في 20 ديسمبر/كانون أول الماضي، عمليات تدمير وتخريب واسعة مارسها الجيش الإسرائيلي في مقبرة تبعد حوالي 1.7 كيلومتر شرقي الجزء الأوسط من خان يونس جنوبي قطاع غزة، شملت نبش القبور في مساحة تبلغ حوالي 2,500 متر مربع.
ومطلع الشهر ذاته، جرى الكشف عن مداهمة الجيش الإسرائيلي مقبرة (الفالوجا) في جباليا شمالي قطاع غزة وإحداث دمار كبير فيها ظهر للعيان بعد تراجع الآليات العسكرية عنها، تضمنت تخريب قبور وشواهد منها وسلب بعض الجثامين منها.
ووثق المرصد الأورومتوسطي هجمات إسرائيلية طالت مقابر (علي بن مروان) و(الشيخ رضوان) و(الشهداء/المقبرة الشرقية) و(المقبرة التونسية)، إضافة إلى مقبرة (كنيسة القديس برفيريوس) وجميعها تقع في مدينة غزة.
هذا إلى جانب مقبرة (الشهداء) في بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع، ما أدى إلى تخريب وتحطيم عشرات القبور فيها والاعتداء على كرامة الشهداء ودون مراعاة لحرمة المقابر والموتى.
وأدت الهجمات المتكررة إلى إحداث حفر كبيرة داخل تلك المقابر بحيث ابتلعت بداخلها عشرات القبور، وتناثر بسببها رفات الموتى واختفى بعضها، فضلُا عن تضرر عشرات القبور المجاورة لها بشكل بليغ.
يشار إلى أن المرصد الأورومتوسطي وثق إنشاء أكثر من 120 مقبرة جماعية عشوائية في محافظات قطاع غزة لدفن قتلى الهجمات العسكرية.
حيث يواجه السكان ظل صعوبة كبيرة الوصول للمقابر الرئيسية والمنتظمة والاستهداف الإسرائيلي المستمر للمقابر ومحيطها.
وكانت عائلات في قطاع غزة لجأت لإنشاء مقابر جماعية عشوائية في الأحياء السكنية وأفنية المنازل والطرقات وصالات الأفراح والملاعب الرياضية.
وقد وصل عدد هذه المقابر إلى أكثر من 120 مقبرة جماعية عشوائية دفن فيها 3 أفراد فأكثر من أبناء العوائل المستهدفة.
وشدد الأورومتوسطي على أن جريمة الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي لم يسلم منها حتى الموتى في ظل تواطؤ دولي مستهجن.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن إسرائيل تنتهك بشكل منهجي حرمة الأموات ومقابرهم وتخالف مبادئ القانون الدولي الإنساني وقواعد الحرب بشأن ضرورة حماية المقابر أثناء النزاعات المسلحة.
إذ تنص القواعد العرفية للقانون الدولي الإنساني على ضرورة معاملة جثامين الموتى بطريقة تتسم بالاحترام، واحترام قبورهم وصيانتها بشكل ملائم.
كما يحظر القانون الدولي الإنساني سلب جثامين القتلى، وذلك بموجب اتفاقيات لاهاي، واتفاقيات جنيف لعام 1949، التي تجمع اتفاقيتها الأولى والثانية والرابعة على ضرورة حماية جثامين القتلى من السلب وسوء المعاملة.
كما وينص البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977، على حظر انتهاك رفات الأشخاص الذين توفوا بسبب الاحتلال أو الأعمال العدائية.
كما ويعتبر الاعتداء على الكرامة والمعاملة المهينة للأشخاص، بما يشمل الموتى، جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وأعاد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان التأكيد على وجوب إلزام إسرائيل بقواعد القانون الدولي التي تنص على ضرورة احترام جثامين القتلى وعدم سلبها وحمايتها أثناء النزاعات المسلحة.
إضافة إلى ضرورة اتخاذ أطراف النزاع كل الإجراءات الممكنة لمنع سلب القتلى والموتى كرامتهم وتشويه جثامينهم.