تبرئة إسرائيل ضابطًا مسؤولًا عن قتل مصاب بالتوحد تكريس لنهج الإفلات من العقاب عبر القضاء
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بشدة تبرئة محكمة إسرائيلية الخميس ضابطًا في شرطة الحدود اتُّهم بقتل رجل فلسطيني مصاب بالتوحد في البلدة القديمة في القدس عام 2020.
وكان ضابط إسرائيلي قتل “إياد الحلاق” (32 عامًا)، في 30 مايو/أيار 2020، بعد مطاردته وإطلاق ثلاث رصاصات تجاهه، أصابت الجزئين السفلي والعلوي من جسده، بينما كان في طريقه إلى مؤسسة ذوي الإعاقة التي اعتاد ارتيادها.
وأصرت القوة الإسرائيلية على ملاحقة “الحلاق” رغم عدم حيازته سلاحًا، وبينما كانت مرشدته المدرسية التي تواجدت في مكان الحدث تصرخ للضباط منبهةً إياهم أن الرجل مصاب بالتوحد.
وقضت المحكمة في القدس أن الضابط كان يتصرف دفاعًا عن النفس، ووصفت الحادث بأنه خطأ مأساوي أجبر الضابط على اتخاذ قرار في موقف خطير كون “المجازفة جزء لا يتجزأ من النشاط العسكري”
وقال المرصد الأورومتوسطي إن قرار المحكمة برأ المسؤولين عن قتل “الحلاق” رغم تحملهم مسؤولية قتل خارج نطاق القانون لمدني غير مسلح ومن ذوي الإعاقة>
خاصة وأن تحقيقات الأورومتوسطي الميدانية عقب الحادثة والإفادات التي جمعها فريقه من ذويه وشهود العيان، أشارت إلى أنه لم يشكل خطرًا يستدعي استخدامًا للقوة المفرطة وإعدامًا ميدانيًّا بثلاث رصاصات متتالية.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن مقارنة المحكمة حادثة قتل “الحلاق” في الأراضي الفلسطينية المحتلة مع حادثة قتل “جورج فلويد” في الولايات المتحدة الأمريكية لا يمنحها أية شرعية أو تبرير>
خاصة وأن الشرطي الأمريكي المسؤول عن قتل “فلويد” لم يفلت من العقاب، وواجه حكمًا بالسجن لأكثر من 22 عامًا.
وبيّن الأورومتوسطي أن تبرئة الضابط المسؤول عن قتل “الحلاق” دليل إضافي على افتقار النظام القضائي الإسرائيلي للمصداقية، في الوقت الذي تستخدم فيه إسرائيل قضاءها لإضفاء غطاء قانوني على سياسة الإفلات من العقاب.
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الشهر الماضي كذلك إغلاقه تحقيقًا في حادثة إطلاق نار وقتل الطفل الفلسطيني “محمد التميمي“، ذي العامين، قرب قرية النبي صالح في الضفة الغربية المحتلة، دون توجيه اتهامات جنائية أو اتخاذ إجراءات تأديبية بحق العناصر المسؤولة عن قتله.
واكتفى الجيش بقوله إنه “سيوبخ” أحد الضباط المتورطين في الحادث، رغم اعترافه بارتكابه مخالفة “قتل عن غير قصد”، حيث اعتقد الجندي أن الطفل ووالده متشددون هاربون.
وسبق مقتل “الحلاق” في الشهر ذاته قتل حراس أمن إسرائيليين الشاب الفلسطيني “مصطفى يونس“، 27 عامًا، والذي كان يعاني من مرض الصرع، قبالة مستشفى “تل هشومير” في مدينة تل أبيب، بعد أن دار خلاف بينه وبين مواطنة إسرائيلية في المستشفى الذي كان يتلقى العلاج فيه، بسبب عدم ارتدائه كمامة.
وأغلقت النيابة العامة الإسرائيلية في أكتوبر/تشرين أول 2021 ملف التحقيق مع ثلاثة عناصر أمن في المستشفى بدعوى أن حراس الامن “تصرفوا وفقًا للتعليمات الموجودة من قبل الشرطة ولم يتجاوزوها”
وقال المرصد الأورومتوسطي إن استمرار إسرائيل في اتباع سياسة حماية مرتكبي الانتهاكات والمتورطين في حوادث قتل ميداني لمدنيين فلسطينيين يستدعي تدخلًا عاجلًا من المجتمع الدولي.
وأضاف المرصد أن الأمر يفرض مسؤوليات على أجسام الأمم المتحدة ذات العلاقة لاتخاذ آليات وإجراءات تضمن عدم إفلات مرتكبي الانتهاكات من العقاب.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن إسرائيل لديها سجل طويل في الامتناع عن إجراء التحقيقات المستقلة في حوادث قتل الفلسطينيين بشكل متعمد.
فيما أجرت -في حالات عديدة- تحقيقات شكلية انتهت في غالب الأحيان بتبرئة المسؤولين ومنحهم غطاء قانونيًّا لضمان حمايتهم وإفلاتهم من العقاب.
وأضاف أن الحوادث المتكررة التي تتضمن القتل العمد لمدنيين فلسطينيين غير مسلحين قد تشكل جريمة حرب.
وعليه رأى المرصد أنه يتوجب فتح تحقيقات دولية مستقلة وشفافة في كل حادثة، استنادًا إلى بروتوكول مينيستوتا المتعلق بالتحقيق في حالات الوفاة التي يحتم أن تكون غير مشروعة لعام 2016.
وأظهرت معلومات أصدرتها الحكومة الإسرائيلية عام 2017 ردًّا على طلب من منظمة “ييش دين” غير الربحية أن إسرائيل فشلت في توجيه الاتهام إلى الجناة في 95% من هجماتهم ضد الفلسطينيين.