تأثيرات متحور أوميكرون المقلقة على طالبي اللجوء والمهاجرين في أوروبا

حددت منظمة الصحة العالمية في 26 نوفمبر/تشرين الثاني متحورًا جديدًا لفيروس كورونا وأطلقت عليه اسم أوميكرون.

ويُحتمل أن يكون لهذه الحالة الصحية الطارئة الجديدة تأثيرات إضافية على الحقوق الأساسية لطالبي اللجوء والمهاجرين.

هذا على الرغم من أن جائحة كورونا قد أثرت بالفعل على تدفقات الهجرة وعمل أنظمة اللجوء في أوروبا. حيث أعادت الدول الأوروبية في جميع أنحاء القارة فرض تدابير الطوارئ التي فرضتها في المرحلة الأولى من انتشار الفيروس. في حين لم تصل لحد الآن لمرحلة التوازن العادل بين حماية الصحة العامة وحماية حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء.

وظهرت بعض التأثيرات بالفعل في جميع أنحاء أوروبا على الرغم من صعوبة التنبؤ بجميع النتائج طويلة المدى لمتحور أوميكرون على حركة الهجرة واللجوء. خصوصًا أن السياسات الوطنية المتبعة في الدول الأوروبية لمحاربة انتشار الفيروس تختلف كثيرًا عن بعضها.

وبعبارة أخرى، أصبحت الأدوات والممارسات الخطيرة المؤقتة دائمة. وبدأ التغاضي عن الممارسات غير القانونية، والمشاكل القديمة باتت تزداد سوءًا.

أصبحت العديد من الأدوات والممارسات التمييزية أو عالية الخطورة المنفذة على أساس مؤقت كاستجابة فورية للتخفيف من حالة الطوارئ الصحية طبيعيةً أكثر فأكثر مع ارتفاع معدلات الإصابة بمتحور أوميكرون. ومن المرجح أن تظل قائمة حتى بعد موجة أوميكرون.

وكانت رقمنة إجراءات اللجوء واحدة من هذه الممارسات. حيث بدأت عدة دول من الاتحاد الأوروبي بتسجيل طلبات اللجوء عبر الإنترنت. وقامت الدول بإجراء المقابلات الشخصية عن طريق الاتصال بالفيديو مع الترجمة الفورية. بالإضافة إلى توفير المعلومات والإخطار بالقرارات عن بعد.

كما أوصت مفوضية الاتحاد الأوروبي بتوفير إمكانية تقديم الطلبات عن طريق نموذج يُرسل إما عن طريق البريد أو عبر الإنترنت. وإجراء فحص قبول أولي لطلب ما عن طريق تقديم مكتوب فقط دون إجراء مقابلة شخصية.

تثير هذه الرقمنة مخاوف جدية بشأن كفاءة وإنصاف ونزاهة إجراءات اللجوء بأكملها. خصوصًا عند الأخذ بعين الاعتبار أن المفوضية نفسها كانت قد وصفت أنظمة الذكاء الاصطناعي المستخدمة في إدارة الهجرة واللجوء ومراقبة الحدود بأنها خطيرة للغاية.

والاحتجاز المطول قبل ترحيل طالبي اللجوء والمهاجرين هي إحدى الممارسات الأخرى التي يتم تطبيعها. ولن يتم إيقاف العمل بها الآن خصوصًا في ظل ارتفاع حالات الإصابة بمتحور أوميكرون.

وكانت قلة توفر الرحلات الجوية قد حدت مرة أخرى من قدرة دول الاتحاد الأوروبي على تنفيذ “عمليات نقل دبلن”. بالإضافة لقلة موظفي سلطات الهجرة، وتدابير الدخول التقييدية التي أدخلتها دول ثالثة. لاسيما قيود السفر داخل وخارج أوروبا التي فُرضت مؤخرًا، وإجراءات العودة القسرية والطوعية. هذا كله أدي إلى الاحتجاز الإداري المطول بحجة منع الهروب.

وتعمل حالة الطوارئ الصحية على تطبيع شكل آخر من أشكال الاحتجاز التمييزي؛ ألا وهو الحجر الصحي الانتقائي. حيث تلزم السلطات في صربيا وألمانيا واليونان وقبرص مخيمات المهاجرين وأماكن الإقامة المشتركة بالحجر الصحي الإلزامي.

هذا الإجراء أثار مخاوف من استهداف غير المواطنين على وجه التحديد بهذه التدابير. واستخدمت الحكومة الإيطالية منذ أبريل/نيسان العام الماضي سفن الرحلات البحرية، التي يُطلق عليها اسم “سفن الحجر الصحي”. فقد استخدمت لحجر الأشخاص الذين يتم إنقاذهم في البحر بغض النظر عما إذا كانت نتيجة اختبارهم إيجابية أم لا. ومعهم المهاجرين الذين يحملون تصاريح إقامة قانونية.

أدت جائحة كورونا إلى تكثيف أوجه عدم المساواة والتمييز الحالية في أوروبا على أساس العرق والانتماء والجنسية ووضع الهجرة. لكن الانتهاكات حدثت خلال الموجات الماضية من الوباء لتمر دون أن يلاحظها أحد. بل وتستمر بسبب إعطاء الأولوية لحالة الطوارئ الصحية المحدثة.

سيؤدي تطبيق تدابير الإغلاق الجديدة إلى مزيد من الوصم والعنف تجاه طالبي اللجوء. هذا بسبب عدم وجود مساءلة النسبة لاستخدام مسؤولي إنفاذ القانون القوة بشكل غير قانوني. حيث يحاولون في كثير من الأحيان تبرير الإجراءات القسرية من خلال القول بأن الأفراد لا يمتثلون للحجر الصحي.

وتشير البيانات الحالية المتعلقة بفرض الشرطة لعمليات الإغلاق المتعلق بفيروس كورونا في جميع أنحاء أوروبا إلى أنها استهدفت بشكل غير متناسب طالبي اللجوء والمهاجرين بالعنف والتحقق من الهوية والغرامات والمزيد من عمليات الإغلاق المطولة والقيود الشديدة على الحركة، والتي ما يزال يتعين التحقيق فيها.

في الواقع، لم يثنِ ظهور أوميكرون الدول الأعضاء في جميع أنحاء أوروبا عن اتباع سياسات تعكس كراهية وعنصرية الأجانب.

وبينما أشادت منظمة الصحة العالمية بجنوب أفريقيا وبوتسوانا لإبلاغهما عن ظهور أوميكرون لأول مرة ولسرعتهم وشفافيتهم في الإبلاغ عنه وتبادل المعلومات حوله، أجمعت أوروبا على الفور على فرض حظر سفر شامل على عدد من البلدان الأفريقية وهي: بوتسوانا وإسواتيني وليسوتو وموزمبيق وناميبيا وجنوب أفريقيا وزيمبابوي.

ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية فإن حظر السفر الشامل لن يمنع انتشار الفيروس دوليًا، بل على العكس من ذلك. فإنه يمكن أن يؤثر سلبًا على جهود الصحة العالمية من خلال تثبيط إقدام البلدان على الإبلاغ وتبادل المعلومات.

وعلاوةً على ذلك فقد تم اكتشاف المتحور الآن في عدة مناطق من العالم وكذلك في أوروبا ولا سيما في المملكة المتحدة.

لذلك لا يبدو أن فرض الاتحاد الأوروبي حظر السفر الفوري -الذي ما يزال قائمًا- على البلدان الأفريقية فقط مدفوعًا بأهداف مشروعة متعلقة بالصحة العامة وتستند إلى أدلة علمية موثوقة بل تحيزات عنصرية قائمة منذ فترة طويلة ما تزال ترى أن بعض الجماعات بشكل خاص “ينقلون” الأمراض.

وأول من يواجه مخاطر غير متناسبة في ظل انتشار أوميكرون في أوروبا هم المهاجرون وطالبو اللجوء. بسبب تفاقم العديد من المشكلات القديمة التي لم يتم حلها.

ويُعتبر المهاجرون الفئة الأقل تطعيمًا والأكثر تضررًا من فيروس كورونا لا سيما غير الموثقين الذين ما يزالون مستبعدين من الأنظمة الصحية في معظم دول الاتحاد الأوروبي.

وتبقى صحتهم الجسدية مهددة بشكل خاص، حتى بعد تطعيمهم، بسبب القابلية المرتفعة لانتقال العدوى للمتحور الجديد.

ونظرًا للظروف المزدحمة التي يعيشون فيها في كثير من الأحيان خصوصًا في ظل عدم تطبيق التباعد الاجتماعي واتخاذ تدابير الوقاية في مراكز اللجوء والاحتجاز، والتي تعتبر بيئات ذات خطورة عالية فيما يتعلق بانتقال عدوى فيروس كورونا.

وصحتهم العقلية مهددة أيضًا، إذ يجد طالبو اللجوء أنفسهم مهمشين بشكل خاص وذلك لأن إجراءات الطوارئ حرمتهم من الأنشطة الجماعية مثل كرة القدم ومشاهدة التلفاز، فضلاً عن الخدمات التي تقدمها منظمات المجتمع المدني مثل دروس اللغة والاستشارات القانونية والدعم النفسي.

وأضحى مجرد بصيص أمل بالاستقرار بعيدًا مع تصاعد المتغير الجديد، فعلى سبيل المثال، الانتهاء من إجراءات اللجوء الخاصة بهم، بعد سنوات من عدم اليقين والصدمات في كثير من الأحيان، يضيف مزيدًا من الألم النفسي إلى وضعهم الصعب بالفعل.

في النهاية، إنه لمن السهل على حكومات الاتحاد الأوروبي التذرع بمتحور كورونا الجديد لاستخدام وإبقاء التدابير الاستثنائية الخاصة بأوقات الخطورة العالية، والتغاضي عن الممارسات غير القانونية والاستمرار في تقييد حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء لأسباب صحة عامة زائفة.

حقيقة أن هذا الوباء يقوم على عدم المساواة بات واضحًا الآن، ولكن ما يثير القلق هو أن هذا النظام التقييدي التمييزي المرقمن للجوء قد يصبح “الوضع الطبيعي الجديد” بعد حالة الطوارئ الصحية.

إن رؤية أوروبا للسلامة متحيزة تمامًا وتمثل استعمارية جديدة ورأسمالية. هذا لأنها تميز بعض البشر وبعض البلدان دون الآخرين للحصول على شعور زائف بالأمن لمجتمعاتهم الخاصة. ولكن المزيد من التهميش وانتهاك حقوق المهاجرين لن يوفر أي شكل من أشكال الأمن الصحي.

من المهم أن تستجيب الدول الأوروبية للطفرة في متحور أوميكرون نظرًا للمخاطر غير المتناسبة التي يواجهها المهاجرون وطالبو اللجوء. مع الاهتمام بأولئك الذين يعيشون التحيز والتمييز يوميًا داخل مجتمعاتنا بسبب جنسيتهم وعرقهم ووضعهم كمهاجرين لجعلهم على نفس المستوى الحقيقي من الحماية المكفولة للمواطنين الأوروبيين، كما يقتضي حق الإنسان في الصحة.

قد يعجبك ايضا