الأورومتوسطي: عرض جماجم بشرية للبيع بمزاد علني في بلجيكا
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ عرض وتسعير رفات بشرية تعود لحقبة الاستعمار بمزاد علني في بلجيكا يظهر بوضوح أنّ الدول الأوروبية ما تزال تعيش في ماضيها الاستعماري الوحشي.
ودعا المرصد الحكومة البلجيكية إلى التعامل مع إرثها الاستعماري في إطار رؤية شاملة وناقدة.
وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي أنّ رفاتًا بشرية لأشخاص أفارقة من عهد “دولة الكونغو الحرة” عُرضت أخيرًا للبيع في مزاد علني بإحدى مناطق العاصمة البلجيكية بروكسل.
حيث عرضت دار مزاد “Vanderkindere” قطعة رقم 405 بسعر يتراوح بين 750 و1000 يورو، وكانت عبارة عن ثلاث جماجم بشرية وُضعت تحت تصنيف “Curiosa” (غريب أو مثير للاهتمام).
وعقب إزالة القطعة أخيرًا من المزاد والموقع الإلكتروني، عرضت دار المزاد مكانها رسالة اعتذار كُتب فيها: “نحن قطعًا لا نقبل المعاناة والإذلال اللذان عانى منهما السكان ضحايا هذه الأعمال الاستعمارية، ونُعرب مرة أخرى عن أسفنا الشديد لأي شخص تعرض للإساءة أو الأذى من بيع هذه القطعة”.
وقالت الباحثة في شؤون اللجوء والهجرة في المرصد الأورومتوسطي “ميكيلا بولييزي“: “حقيقة وجود مثل هذه القطعة وتسعيرها وبيعها كقطعة فنية أمر خطير للغاية”.
وأضافت: “يدل ذلك على سياق أوسع من التجرد من الإنسانية، والتمييز العنصري، والإفلات من العقاب لماضٍ استعماري وحشي لم يُعترف به بشكل حقيقي وشامل”.
وتابعت أنّ: “الماضي الاستعماري أبعد ما يكون عن كونه ماضيًا إذا كان عرض جثث الأشخاص من غير البيض ما يزال ممكنًا ومقبولًا”.
وأكملت: “إذا كان ما يزال ممكنًا إلى اليوم في بلد أوروبي امتهان الكرامة الإنسانية للأشخاص السود، والسماح بترويج جثثهم وشرائها باعتبارها مقتنيات “غريبة ومثيرة للاهتمام” لإثراء المجموعات الخاصة بالأغنياء وربما البِيض”.
وكان ملك بلجيكا “فيليب” أعرب في عامي 2020 و2022 عن أسفه بشأن الأعمال الوحشية التي تعرض لها شعب الكونغو خلال عهد الاستعمار، ولكنّه لم يقدم أي اعتذار رسمي أو وعود بتعويضات مالية عن الأرواح والثروات الطبيعية والثقافية المسروقة.
وأكد المرصد الأورومتوسطي عدم وجود قانون في بلجيكا يحظر عمليات البيع هذه، إذ أوضح عضو الحزب الاشتراكي وزير الدولة البلجيكي للتعافي الاقتصادي والاستثمارات الاستراتيجية “توماس درمان”، أنّ الدولة لا يمكنها التدخل في عملية البيع نظرًا لأن الجماجم تخضع لملكية خاصة وليس ملكًا لمؤسسة عامة.
وأشار إلى أنّ هذه السلوكيات تعبّر بشكل جلي عن الوحشية الناتجة عن الاستعمار، والذي ما يزال مستمرًا حتى يومنا هذا، حيث يتم إعادة إنتاج نزعة العنف وتفوق النظام الاستعماري بشكل دائم.
ويظهر على الموقع الالكتروني لمجموعة “Drouot” في باريس والتي تعد “أكبر دار مزاد علني في العالم منذ عام 1852″، قطعة وصفها يشرح نفسه:
“ثلاث جماجم بشرية: جمجمة ذات قواطع مدببة لشخص من آكلي لحوم البشر المتحدثين بلغة البانغالا شمال شرق الكونغو، وجمجمة الزعيم العربي “موين موهارا” الذي قُتل على يد الرقيب “كاسارت” بمنطقة “أوجوي” في 9 يناير/كانون الثاني 1893 وتزينت مقدمتها بجوهرة، بالإضافة إلى جزء من جمجمة جمعها الطبيب “لويس لوران” في 5 مايو/أيار 1894 من منطقة “شجرة تين الموت” في قرية “بومبيا” بمقاطعة “مونغالا” وتحمل ملصقات الطبيب القديمة. (المصدر: المجموعة السابقة للدكتور لويس لوران في مدينة “نامور” ببلجيكا، الفترة: القرن التاسع عشر)”.
وكان من المقرر عقد المزاد يوم الأربعاء 14 ديسمبر/ كانون أول الجاري، وعرض الرفات في دار المزاد قبلها بأيام قليلة، جنبًا إلى جنب مع قطع أخرى مثل الحقائب أو المجوهرات أو اللوحات وحتى الأواني الفضية دون أدنى اعتبار لكرامة هؤلاء البشر.
وشدّد الأورومتوسطي على أنّ أي مظهر من مظاهر التفوق القائم على أساس الاختلاف العرقي زائف علميًا، ومدان أخلاقيًا، وغير عادل اجتماعيًا، إذ لا يمكن تبرير التمييز العنصري بجميع أشكاله في جميع الظروف.
وحث المرصد الأورومتوسطي الحكومة البلجيكية على تحديد جميع الرفات الخاصة بأفراد الشعوب الأفريقية خلال الحقبة الاستعمارية.
وطالب المرصد بإنشاء إطار قانوني واضح ينص على حظر التصرف الخاص بهذه الرفات وحفاظ الدولة البلجيكية عليها في مكان مناسب يحفظ الكرامة الإنسانية -في حال لم يُطلب إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية بالتشاور مع مجتمعات البلدان المعنية-.
ودعا المرصد الأورومتوسطي الحكومة البلجيكية إلى معالجة إرثها الاستعماري بشكل كامل ونقدي، والاعتراف ليس فقط بانتهاكاتها الممنهجة ضد حقوق الإنسان والوحشية التي عانى منها السكان المُستَعمرون، ولكن أيضًا بالانتهاكات المتكررة الحالية الناشئة عن نظام الهيمنة الاستعماري.