الأمم المتحدة تطرح عملية متعددة المسارات “كفرصة حقيقية” لإنهاء الصراع في اليمن

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، “هانس غروندبرغ”، إن هناك طريقة للخروج من الحرب، فالسماح باستمرارها خيار وكذلك هو إنهاؤها.

وفي هذا الصدد، أكد أنه يعمل الآن على تطوير إطار عمل سيحدد خطته للمضي قدما نحو تسوية سياسية شاملة.

وفي إحاطته أمام مجلس الأمن في المقرّ الدائم بنيويورك ظهيرة يوم الثلاثاء، قال “غروندبرغ” إن خطته تشكل إنشاء عملية متعددة المسارات. وأكد “غروندبرغ” أنه يمكن من خلال هذه العملية معالجة مصالح الأطراف المتحاربة في سياق أجندة يمنية أوسع. وأضاف أن ذلك ممكناً على طول المسارات الثلاثة للقضايا السياسية والأمنية والاقتصادية.

وأكد أيضا أنه كجزء من هذا الجهد، سيبدأ الأسبوع المقبل سلسلة من المشاورات الثنائية المنظمة. حيث تهدف هذه المشاورات إلى الإعلام عن إطار العمل وإدخال تحسينات عليه.

وأضاف يقول: “سأتواصل مع العديد من أصحاب المصلحة اليمنيين، بمن في ذلك الأطراف المتحاربة والأحزاب السياسية. بالإضافة إلى ممثلو المجتمع المدني وخبراء يمنيون في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية”.

وأشار إلى أن هذه المشاورات من شأنها أن تستكشف أولويات اليمنيين على المدى القريب والبعيد للمسارات الثلاثة. بالإضافة إلى تطلعاتهم ورؤيتهم الأوسع من أجل إنهاء الصراع. واعتبرها فرصة حقيقية للأطراف اليمنية من أجل تغيير المسار ورسم طريق سلمي للمضي قدما.

وقال: “لقد ظل اليمنيون لفترة طويلة بدون عملية سياسية وبدون أمل في أن ينتهي هذا الصراع. من خلال الشروع في عملية منظمة تحاول معالجة العناصر الرئيسية للصراع، يمكن استعادة الأمل في إنهاء المعارك”. وسيقدم إطار العمل في ربيع هذا العام.

وتزامنا مع العمل على إنشاء عملية متعددة المسارات يمكن أن تنتج حلولا دائمة لهذا الصراع، أكد “غروندبرغ” أنه يبحث عن أي فرصة لخفض التصعيد الفوري.

تأتي الإحاطة أمام مجلس الأمن في وقت تستمر الحرب في اليمن دون بوادر على انحسار الأزمة.

وأشار “غورندبرغ” إلى أن الثقة منخفضة، إلا أن إنهاء الحرب يتطلب تنازلات غير مريحة “لا يرغب أي طرف متحارب في تقديمها”.

ولذلك شدد على أن عملية سياسية برعاية الأمم المتحدة، بدعم من مجلس الأمن، هي أفضل طريقة للمضي قدما على حدّ تعبيره.

من جانبه، قال السيد “مارتن غريفيثس”، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية إن الحرب تواصل تهديد حياة الملايين في جميع أنحاء البلاد.

وقال “غريفيثس”: “شهدنا خلال الأسابيع الستة الماضية تصعيدا حادا وخطيرا في الصراع. وقد كان لذلك عواقب وخيمة على المدنيين والبنية التحتية المدنية. وتم الإبلاغ عن أكثر من 650 ضحية في صفوف المدنيين في كانون الثاني/يناير.”

وفسّر ذلك بالقول: “هذا يعني في المتوسط، مقتل أو إصابة 21 مدنيا يوميا بالغارات الجوية والقصف والأسلحة الصغيرة وأعمال العنف الأخرى. إنها، حتى الآن، أعلى حصيلة خلال ثلاث سنوات على الأقل”.

وقال إن أحدا لم يسلم من الحرب، لا الأشخاص في منازلهم، ولا المدارس والمستشفيات وغيرها من الأماكن التي يجب حماية المدنيين فيها.

وأشار كل من “غريفيثس” و”غروندبرغ” إلى الغارة الجوية التي استهدفت مرفقا للاحتجاز في صعدة في 21 كانون الثاني/يناير. وذكر ما تسببت به هذه الغارة من مقتل وإصابة أكثر من 300 من الموقوفين. كما تصاعدت الهجمات عبر الحدود، مما أسفر عن مقتل وإصابة وتهديد المدنيين في المنطقة.

وقال “غريفيثس”: “يطالب القانون الإنساني الدولي جميع الأطراف باحترام مبادئ التمييز والتناسب، واتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين والبنية التحتية المدنية. أحث الأطراف على احترام هذه الالتزامات، وأدعو إلى المساءلة عن أي انتهاكات خطيرة”.

أشار السيد “غريفيثس” إلى أن التصعيد الأخير ليس سوى أحدث منعطف في الصراع الذي استمر الآن لسبع سنوات، ويطول أمد الأزمة، كما يكبر جيل من الأطفال وهو لا يعرف شيئا سوى الحرب.

وخلال هذه الأزمة، سعى الشركاء الإنسانيون لبذل قصارى جهدهم لتخفيف معاناة الناس. ففي 2021، عملت 200 منظمة تقريبا معا عبر خطة استجابة أممية لمساعدة أكثر من 11 مليون شخص شهريا. وإلى حد بعيد، فإن التحدي الأكبر أمام وكالات الإغاثة في الوقت الحالي هو التمويل.

وحذر “غريفيثس” من نفاد أموال وكالات الإغاثة بسرعة، مع حلول نهاية كانون الثاني/يناير، وبالفعل ما يقرب من ثلثي برامج المساعدات الرئيسية للأمم المتحدة تقلصت أو أغلقت بالكامل.

وأضاف أنه في آذار/مارس، قد تكون هناك حاجة إلى إلغاء معظم الرحلات الجوية الإنسانية في اليمن، مما قد يتسبب بمشكلات كبيرة للعمليات الإغاثية.

وتلوح في الأفق اضطرابات في خدمات المياه والصرف الصحي، مما قد يحرم 3.6 مليون شخص من المياه الآمنة للشرب، ويضعهم – خاصة الأطفال دون سن الخامسة – في خطر أكبر للإصابة بأمراض مميتة.

وأضاف يقول: “هذا المجلس استمع لتحذير وكالات الإغاثة بشأن النقص في التمويل في الماضي. لكن حجم الفجوات الحالية غير مسبوق في اليمن.”

وقال “غريفثيس”: “لم نفكر من قبل في عدم منح الملايين من الجياع أي طعام على الإطلاق. أو أننا على استعداد لتعليق الرحلات الجوية التي نحتاجها لإيصال عاملي الإغاثة والإمدادات إلى البلاد وداخلها”.

وحذر من أنه إذا لم تتم معالجة هذه الفجوات، فستكون بمثابة حكم بالإعدام على الأشخاص الذين استنفدوا كل آليات التأقلم. فهؤلاء الأشخاص يعتمدون على المساعدة من أجل البقاء على قيد الحياة.

وقد أطلق السيد “غريفيثس” الأسبوع الماضي 20 مليون دولار من الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ لدعم العمليات في مأرب – للمرة الثانية هذا العام.

ويحتاج أكثر من ثلثي السكان للمساعدة في اليمن، ونصفهم تقريبا يعتمد على المساعدات الإنسانية. وفي حين أن المستويات غير المسبوقة من دعم المانحين ساعدت على تجنّب الأسوأ في عامي 2019 و2021. فإن عمليات الإغاثة في اليمن الآن على وشك السقوط في الهاوية بسبب النقص الحاد في التمويل.

ويتم تقليص المساعدات الغذائية في وقت لا تزال فيه مستويات الجوع عالية بشكل ينذر بالخطر. إذ يحصل خمسة ملايين شخص فقط من 13 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد على حصص غذائية كاملة، بينما يحصل ثمانية ملايين شخص على حصص غذائية منخفضة.

وينخفض عدد أولئك الذين يحصلون على الحصص الكاملة إلى ثلاثة ملايين في شباط/فبراير، وسينخفض أكثر إلى مليونين في آذار/مارس. وسيُعقد مؤتمر المانحين حول اليمن في شهر آذار/مارس المقبل.

أبلغ “غريفيثس” مجلس الأمن عن تقدم تم إحرازه مؤخرا في الجهود المبذولة لحل قضية ناقلة النفط صافر. وذلك يشمل الاتفاق من حيث المبدأ على اقتراح منسَق من قبل الأمم المتحدة لنقل النفط إلى سفينة أخرى.

لكنه أوضح أن معوقات الوصول تمثل مشكلة رئيسية. حيث يواجه عاملو الإغاثة قيودا كثيرة، بما في ذلك عدم تسهيل وجودهم وتحركاتهم وأنشطتهم.

كما أن التحديات الأمنية مستمرة. وقال: “الأسبوع الماضي اختطف رجال مسلحون خمسة من موظفي الأمم المتحدة كانوا في مهمة رسمية في محافظة أبين. نحن نعمل بشكل عاجل على تأمين الإفراج الفوري عنهم، بدعم من حكومة اليمن. مثل هذه الحوادث، هي بالطبع غير مقبولة”.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر، اعتقل اثنان من طواقم الأمم المتحدة في صنعاء، وقد سُمح مؤخرا لأفراد الأسر بزيارتهما. وتواصل الأمم المتحدة السعي للإفراج الفوري عنهما أيضا. واحتجز ثالث في مأرب في كانون الأول/ديسمبر، وأطلق سراحه فيما بعد.

وقال “غريفيثس”: “أفضل شيء يمكن لأي شخص القيام به من أجل الشعب اليمني هو إيجاد نهاية عادلة ودائمة للحرب”. أشار السيد “هانس غروندبرغ” إلى أن الأشهر الأخيرة من التصعيد سلطت الضوء على البُعد الإقليمي للصراع في اليمن.

وقال: “تشير الهجمات على الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية إلى خطر خروج هذا الصراع عن نطاق السيطرة. يجب اتخالإٌثئذ جهود جادة وعاجلة من قبل الأطراف اليمنية والإقليم والمجتمع الدولي لإنهاء هذا النزاع”.

على الصعيد الاقتصادي، قال “غروندبرغ” إن الأطراف المتحاربة تواصل التصارع على الموارد والتدفقات التجارية والسياسية النقدية. “ولا يزال تأثير هذا الجانب من الحرب يصيب بشكل لا يقبل الجدل سكان اليمن ككل”.

وقد شهد الشهر الماضي نقصا حادا بشكل خاص في الوقود ومشتقات النفط. وكان النقص ملحوظا في المناطق التي يسيطر عليها عناصر حركة أنصار الله، مما يضع ضغطا غير مسبوق على الحياة اليومية للناس. وبعد تأخير طويل، مُنحت أربع سفن وقود تصريحا لدخول الحديدة هذا الشهر.

وقال “غروندبرغ”: “أدعو الأطراف مرة أخرى إلى إزالة جميع العوائق أمام الاستيراد والتوزيع المحلي للوقود والسلع الأساسية الأخرى”.

ركز السفير اليمني لدى الأمم المتحدة، “عبد الله السعدي”، في إحاطته أمام مجلس الأمن على ما وصفه بمواصلة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران التمسك بخيار الحرب، ومحاولتها زعزعة أمن واستقرار اليمن والمنطقة، ورفضها لكل مقترحات ومبادرات السلام وإهدارها الكثير من الفرص للدفع قدما بمسار العملية السياسية.

وقال: “تؤكد الحكومة دعمها لكافة الجهود الرامية إلى تحقيق السلام الشامل والمستدام في اليمن، وفقا لمرجعيات الحل السياسي المتفق عليها وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية”.

وقال إن الحرب تستمر في مضاعفة حجم المعاناة الإنسانية لليمنيين، وأكد أن الحكومة “ملتزمة بمسؤولياتها ولن تتوانى عن اتخاذ ما يمكن لتخفيف هذه المعاناة عن كافة أبناء الشعب اليمني”.

قد يعجبك ايضا