أسلحة أمريكية تُستخدَم في هجمات التحالف في اليمن أودت بحياة العشرات
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان- قالت منظمة العفو الدولية، إن التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن قد استخدم ذخيرة دقيقة التوجيه، مُصنَّعة في الولايات المتحدة.
فقد استهدفت غارة جوية مركز احتجاز بصعدة، أسفرت عن مقتل 80 شخصًا على الأقل وإصابة أكثر من 200 آخرين. وذلك وفقًا لما ذكرته منظمة أطباء بلا حدود.
وتُعَد القنابل المُوجَّهة بأشعة الليزر، التي اُستُخدمت خلال الهجوم وتُصنعها شركة رايثيون – Raytheon الأمريكية للصناعات الدفاعية، آخر ما ورَد في مجموعة أكبر من الأدلة على استخدام أسلحة أمريكية الصنع، في أعمال قد ترقى إلى حد جرائم الحرب.
وفي أثناء الأسبوع الماضي، أطلق التحالف الذي تقوده السعودية شمال اليمن، غارات جوية كثيفة بلا هوادة. أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا في صفوف المدنيين، وتدمير البُنى التحتية والمنشآت الخدمية.
وجاء هذا التصعيد بعدما شَنّ الحوثيون هجمات صاروخية في 17 يناير/كانون الثاني 2022. استهدفت منشأة نفطية بأبو ظبي وأودت بحياة ثلاثة مدنيين.
وقالت منظمة العفو الدولية: “إن الصور المُروعة التي وردت من اليمن، على الرغم من انقطاع الإنترنت لمدة أربعة أيام، تُعَد تذكيرًا صارخًا بهؤلاء الذين يدفعون ثمنًا باهظًا نظير بيع الأسلحة للمملكة العربية السعودية وحلفائها، والذي يُدر أرباحًا لدول الغرب”.
وأضافت المنظمة: “يجب على الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول المُورِدة للأسلحة أن تُوقِف على الفور عمليات نقل الأسلحة والمعدات والمساعدات العسكرية إلى جميع الأطراف المُتورطة في النزاع باليمن”.
وقالت أيضاً: “وتقع على عاتق المجتمع الدولي المسؤولية عن إغلاق الأبواب أمام جميع عمليات بيع الأسلحة التي تتسبّب بتأجيج معاناة المدنيين في خضم النزاع المُسلح دون أي مبرر”.
وأضافت المنظمة الدولية: “ونظرًا إلى توريدها المعدات إلى التحالف الذي تقوده السعودية، مع معرفتها المسبقة باستخدامها لارتكاب انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني مرارًا وتكرارًا، فإن الولايات المتحدة – إلى جانب المملكة المتحدة وفرنسا – تشترك في تحمُل المسؤولية عن هذه الانتهاكات”.
وأجرى خبراء الأسلحة لدى منظمة العفو الدولية تحليلاً لصور بقايا الأسلحة المُستخدَمة في الهجوم الذي شُنّ على مركز الاحتجاز. وتبَيَّن لهم أن القنبلة من طراز “جي بي يو 12″، وهي قنبلة من صنع رايثيون تُوجَه بأشعة الليزر ويبلغ وزنها 500 رطل.
ومنذ مارس/آذار 2015، أجرى باحثو منظمة العفو الدولية تحقيقات بشأن عشرات الغارات الجوية. واِتَّضَح لهم عدة مرات وجود بقايا لذخائر أمريكية الصنع وحدّدوا ماهيتها.
وكانت المنظمة قد حدّدت سابقاً استخدام قنابل رايثيون أمريكية الصنع. حيث كانت قد استخدمت في 21 يناير/كانون الثاني 2022، في غارة جوية شُنَّت بقيادة السعودية. استهدفت في وقتها منزل آهل بالسكان في محافظة تعز باليمن، وأودت بحياة ستة مدنيين، من بينهم ثلاثة أطفال.
وفي سبتمبر/أيلول 2021، أصدر مجلس النواب الأمريكي مادة في مشروع قانون الدفاع السنوي الخاص به. تنهي هذه المادة دعم الولايات المتحدة للعمليات الهجومية والغارات الجوية التي تشِنها قوات التحالف بقيادة السعودية على اليمن. إلا أن المادة حُذِفت من مشروع القانون النهائي قبل إقراره فيما بعد.
وإضافة إلى ذلك، تخلى الرئيس الأمريكي جو بايدن عن وعوده التي قطعها في بداية تولي منصبه. و“وضع حقوق الإنسان في محور السياسة الخارجية”، والعمل على “مساءلة” منتهكي الحقوق.
ولكن من الظاهر أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة قد اُستُثنِيتا من تلك الوعود. إذ أن إدارة الرئيس بايدن توافق على بيع – ومنح الشركات الأمريكية عقودًا لتوريد – الصواريخ والطائرات ونظام الدفاع المضاد للصواريخ الباليستية منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021، للمملكة السعودية. بما في ذلك صفقة تبلغ قيمتها 28 مليون دولار أمريكي لصيانة الطائرات السعودية في منتصف يناير/كانون الثاني الجاري.
وتضمن ذلك الموافقة على بيع صواريخ، من إنتاج رايثيون أيضًا، بقيمة 650 مليون دولار للسعودية، بعد موافقة الكونغرس الأمريكي. على الرغم من تقدم بعض أعضائه بمقترحات لعرقلة بيعها.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2021، أعلنت الإدارة الأمريكية أنها “لا تزال ملتزمة” بعرضها لبيع طائرات من طراز “إف 35” و“إم كيو 9 بي” وذخائر أخرى بقيمة 23 مليار دولار إلى الإمارات. وذلك على الرغم من بواعث القلق البالغ بشأن حقوق الإنسان.
ولا يُعَد الاستمرار في تسليح التحالف الذي تقوده السعودية إخلالاً بالتزامات الولايات المتحدة بموجب القانون الدولي فحسب، بل أيضًا يُمثل انتهاكًا للقانون الأمريكي نفسه.
إذ أن قانون المساعدة الخارجية وقوانين ليهي تحظر بيع الأسلحة الأمريكية وتقديم المساعدات العسكرية إلى مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وفي 20 يناير/كانون الثاني 2022، شَنّ التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية غارات جوية على مدينة الحُديدة الساحلية، ما أسفر عن مصرع ثلاثة أطفال على الأقل، وفقًا لمنظمة أنقذوا الأطفال.
واستهدفت الغارات الجوية أيضًا مبنى للاتصالات اللاسلكية بالحُديدة، ما أدى إلى انقطاع الإنترنت على مستوى البلاد؛ فقد انقطعت الخدمة عن معظم اليمن لمدة أربعة أيام، ما تسبب في انقطاع الاتصال بين الأسر والأصدقاء، وقيّد سُبل الحصول على المعلومات أو تشاركها أمام الأفراد.
ووفقًا للقانون الإنساني الدولي، فإن جميع أطراف النزاع لديهم التزامًا واضحًا بحماية أرواح المدنيين العالقين وسط الأعمال القتالية، بما في ذلك المُحتجزين. وإن الهجوم عمدًا على الأهداف المدنية وتدمير الممتلكات على نحو واسع وغير مُبرر يُعتبران من جرائم الحرب.
ومع هذا، أنكر التحالف استهدافه مركزًا للاحتجاز في صعدة الذي تعرَّض لضربة جوية في 21 يناير/كانون الثاني 2022، بينما وصفت الأمم المتحدة الهجوم بأنه “أسوأ الحوادث التي وقعت فيها إصابات بين صفوف المدنيين على مدى الأعوام الثلاثة الماضية”.