اليمنيون المرحلون من غوانتانامو إلى الإمارات.. معاناة مستمرة وإهمال متعمَّد

قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن ملف المعتقلين اليمنيين المرحلين من معتقل “غوانتانامو” إلى السجون الإماراتية لا زال يراوح مكانه.

يذكر أن سنوات قد مرت على قرار السلطات الأمريكية إغلاق المعتقل سيء السمعة، وإطلاق سراح المعتقلين فيه بعد وعود – لم تتحقق- بإرسالهم إلى دول إسلامية لإعادة تأهيلهم ومساعدتهم في الاندماج داخل المجتمعات، وفتح الطريق أمامهم للحصول على الوظائف والمال والزواج.

وذكرت المنظمة في بيان لها صدر اليوم الخميس 24 يونيو 2021، عن الأوضاع القانونية المتعلقة باليمنيين في دولة الإمارات، بأن سجناء غوانتنامو من اليمنيين والذي تم ترحيلهم إلى دولة الإمارات، والبالغ عددهم 18 يمنيا، كانوا استثناءً مؤلمًا، مقارنة بآخرين عادوا إلى بلدانهم أو استضافتهم دول أخرى وفرت لهم بيئة إنسانية لدمجهم في مجتمعات تراعي حقوقهم وتوفر لهم الدعم المطلوب.

حيث أشارت “سام” إلى أن اتفاق التعاون لإعادة توطين معتقلي غوانتنامو وتحسين أوضاعهم بين الولايات المتحدة والإمارات العربية هو نفسة الاتفاق مع دول اخرى، والذي بموجبه تحسنت أوضاع اليمنيين الذين تم إطلاقهم لدول أخرى وأطلقت حريتهم وتم توطينهم في تلك الدول.

حيث وقع “تشاك هاجل”، الذي شغل منصب وزير الدفاع الأمريكي من 2013 إلى 2015، شخصيًا على إطلاق سراح أكثر من 40 محتجزًا. “نقول للدول المضيفة التي ستقبلهم، نريد أن يعود هؤلاء الناس إلى المجتمع، حيث يكونون مواطنين منتجين. هذا يعني التعليم، وهذا يعني إعادة التأهيل.”

لكن حكومة الإمارات -وبحسب أٌسر المعتقلين- تراجعت عن تنفيذ ما جاء في الاتفاقيات المبرمة متجاهلة الأعراف الدولية والأخلاقية والإنسانية، وذكر بيان تلك الأسر الذي نشر في وقت سابق أن الإمارات قامت بسجن جميع الأفراد المفرج عنهم من معتقل غوانتنامو إليها وتقييد حرياتهم والتضييق عليهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية في الحصول على حياة طبيعية وآمنة.

وأشارت “سام” إلى أن الـ18 يمنيا تم اعتقالهم من أفغانستان وباكستان بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول حيث يقبعون في الحجز داخل الإمارات العربية المتحدة لمدة جاوزت الخمس سنوات، وفقًا لما قالته أسرهم ومحاموهم في تصريحات سابقة لوكالة أسوشيتيد برس.

وتحدث المعتقلون في اتصالات هاتفية متفرقة من عدة أماكن غير معلنة في الإمارات بما في ذلك سجن سيء السمعة مليء بالتعذيب، حيث قالوا لعائلاتهم إنه على الرغم من سوء الحياة في غوانتانامو، فإنهم يتمنون العودة إلى هناك.

وبينت “سام” أن هناك خطرا حقيقيا يضاف على مجموعة الانتهاكات التي يتعرض لها اليمنيون هناك وهو خطر إعادتهم قسريًا إلى اليمن، حيث تخشى عائلاتهم أن يواجهوا معاملة أسو في ظل العدوان المستمر على اليمن والأوضاع الأمنية والاقتصادية المعقدة.

وتحدثت “سام” عن مخاوف الأسر الذين تواصلت معهم حول عدم توفر الإمكانيات الكافية لديهم للمطالبة بحقوق أقاربهم بسبب الظروف المادية الصعبة التي يعانون منها.

يضاف لذلك عدم معرفتهم بطرق التحرك القانونية وماهية المنظمات التي تملك اختصاص التواصل مع السلطات الإماراتية والحكومة اليمنية التي لم تتحرك بشكل فعلي لإنهاء ملف اليمنيين داخل اليمن الممتد منذ سنوات.

إضافة لخشية تلك العائلات من ردود الفعل من الجهات الحكومية وأجهزة المخابرات وممارسات التهديد بالاعتقال والإخفاء والتعذيب وغيرها في حال تحركت تلك العائلات.

ووصفت “سام” معاناة أسر المعتقلين اليمنيين في السجون الإماراتية بأنها في غاية التعقيد، وخليط من الأمل والترقب والخوف على حياتهم بعد توارد أنباء عن أوضاعهم هناك عبر الاتصالات المحدودة جدًا من ذويهم هناك.

حيث تمكنت المنظمة من الحصول على بعض الإفادات من ذوي المعتقلين اليمنيين في دولة الإمارات والذين كانوا متواجدين في معتقل غوانتنامو قبل ترحيلهم، مؤكدين أن هذه الاتصالات انقطعت منذ شهرين.

ولم يعود المعتقلين قادرين على التواصل مع ذويهم, أو الاطمئنان على صحتهم.ذكر شقيق “علي” في إفادته لفريق “سام” بأن أخاه البالغ من العمر 42 ” فُقدت آثاره عام 2001، ثم عرفنا بأنه معتقل داخل غوانتنامو عن طريق رسالة منه عام 2002.

تم ترحيل أخي ونقله إلى الإمارات عام 2015. عندما كان في غوانتنامو كان يتواصل معنا من خلال الرسائل التي كانت توصلها لنا الصليب الأحمر كما كنا نجري معه اتصالًا مرئيًا بالصوت والصورة لمدة ساعتين، لكن هذا الأمر تبدل بعد ترحيل أخي إلى الإمارات حيث نتواصل معه لمدة خمس دقائق عبر الهاتف مرة واحدة كل شهر”.

وأضاف شقيق “علي” أنه “خلال الفترة الأخيرة وبعد انقطاع لفترة تزيد عن سبعة أشهر، اتصل بنا أخي قبل العيد لمدة تقل عن ثلاث دقائق واتصل مرة أخرى يوم العيد لمدة دقيقة واحدة، وبعد العيد اتصل لمدة تقل عن ثلاث دقائق”.

وأشار إلى أن “مكان الاعتقال أو الحجز غير معروف ولا يسمح لنا بالتحدث عن أية معلومات حول ظروف ومكان الاعتقال وغيره، عدا الأخبار الشخصية، لكن يوجد تعذيب نفسي تم استنتاجه من التصريحات والطلبات التي تطلب منهم ويخبرونا بها، الوضع الذي هم فيه أشبه بالحبس أو الإقامة الجبرية”.

كما أكد شقيقة بأن عدد المعتقلين 18 يمنيا 17 معتقلا وفرد واحد قيد الإقامة الجبرية لمدة أكثر من ثلاث سنوات بسبب تصريحه لأخيه خلال اتصاله عن ظروف الاعتقال والتعذيب الممارس عليهم.

وبينت “سام” من خلال ما جمعته من شهادات أن عددًا من الأفراد الذين قاموا بزيارة أقاربهم في الإمارات يقولون إن الزيارة كانت متعبة وفترة الزيارة لمدة شهر واحد في السنة، حيث يتم وضعهم في فنادق وأماكن الإقامة مقيدين الحرية وعدم السماح لهم بالخروج الا في موعد الزيارة كل أسبوع زيارة.

بعض الأخبار تفيد أنه لمدة يوم واحد والبعض لمدة ساعتين، والزيارة في معتقل يجتمع السجين بذويه مع إجراءات مشددة من ناحية التفتيش والإجراءات الأخرى. حيث ذكر بعض الأهالي أن تكلفة الزيارة باهظة الثمن وأن السفر متعب جدًا بسبب التعقيدات التي تفرضها السلطات الإماراتية.

شقيق “بشير ناصر المرولة” في إفادته لـ”سام” قال شقيقي “بشير” البالغ من العمر 43 عام “تم اعتقاله عام 2002 في مدينة كراتشي الباكستانية على يد الجيش بتهمة أنه عربي، وتم تسليمه للقوات الأمريكية ونقله لسجن “باغرام” الأفغاني في كابول، وبعدها تم نقله إلى معتقل غوانتنامو”.

وأضاف: “مكث أخي في السجن الأمريكي لمدة 15 عاما قبل أن يتم ترحيله عام 2016 إلى دولة الإمارات، حيث كان الهدف من الترحيل إعادة التأهيل والدمج كبقية الأسرى المفرج عنهم من دول أخرى، لكننا تفاجأنا أن أخي انتقل من سجن لآخر حيث لا نعلم ظروف اعتقاله، ويكاد التواصل يكون معدومًا”.

وضاف: “لكن ما نسمعه من معلومات عن طريقة تعامل السلطات الإماراتية مع المعتقلين اليمنيين لديها تثير مخاوفنا وقلقنا على حياة شقيقنا”.

وأشارت “سام” إلى مقابلة أجرتها قناة الجزيرة مع أسرة أحد المعتقلين وهو “أيوب مرشد علي صالح” بتاريخ 10 سبتمبر 2020، والتي ذكرت أن المعتقلين القادمين من غوانتنامو يعانون من أوضاع مزرية، حيث عبرت الأسرة عن امتعاضها وأسفها في أن التواصل مع ابنهم ليس “مريحا”.

وتقول إن السلطات الإماراتية كانت تسمح له بالتحدث إلى ذويه ثلاث مرات شهريا، بمحادثة لا تتجاوز العشر دقائق في أول عهده إلا أنه ومنذ أكثر خمسة أشهر أصبح التواصل معه مرة أو مرتين شهريا ولا يسمح له بالحديث مع أهله أكثر من دقيقتين.

ووصفت أسرة أيوب وضع ابنهم وتقول “إننا نشعر من خلال المكالمة معه أنه محبط جدا وأنه محاط بالمراقبة”. وتحصلت “سام” من أحد المعتقلين السابقين على بعض تفاصيل ما يتعرض له المعتقلون اليمنيون داخل سجون الإمارات حيث قال “خرجنا في أغسطس من العام 2016 من معتقل غوانتانامو.

فور وصلولنا وأول ما نزلنا من الطائرة وقبل أن نركب الباصات تم تفتيشنا بواسطة عساكر يعملون مع المخابرات الاماراتية، وكان التفتيش سيئا جداً، حتى أنني لا أستطيع شرح ما حدث معنا لما في الأمر من إهانة”.

وأضاف :”كان بعض زملائي يلبسون أكثر من بنطال من شدة البرد فنزعوها منهم وهم واقفين وركبنا في الباصات وغطوا أعيننا وتم منعنا من الكلام، وكانت المعاملة سيئة جدا وطلبنا الماء منهم لنشرب لكن كانت معاملة غير محترمة”.

وأضاف أيضاً: “وكانت المسافة تقريبا ساعتين أو أكثر حتى وصلنا الحبس الانفرادي وجلسنا فيه لمدة شهر كل شخص لوحده، وكنا نطلب الماء وكان يأتينا بصعوبة، وعندما كنا نذهب للحمام كان يجب علينا خلع الملابس ويعطونا القميص نغطي به أنفسنا ونذهب وفقًا لأوامرهم”.

وذكر المعتقل السابق: “وبعد شهر تم نقلنا إلى حبس انفرادي آخر، وكانت الغرفة أكبر مساحة من سابقتها بقليل ولكن كنا نعاني من نفس المعاملة السيئة بل أشد مما كنا فيه”.

وأضاف: “كان الجنود هناك تابعين لأمن الدولة وكانت المعاملة أشد وسيئة جدا. وكان الخلاء مسموح لنا أربع مرات وكان الحمام خارج الغرفة، ونفس الشيء للذهاب إلى الحمام لابد أنتخلع الملابس في أي وقت سواء في نصف الليل أو حتى عند أن نستيقظ من النوم للحمام تخلع ملابسك”.

وأضاف أيضاً: “وعند الحمام يصرخ عليك الحارس ويستعجلك في الخروج من الحمام، المعاملة سيئة جدا وبقينا ثلاثة أشهر، حتى أننا اشتكينا من سوء الحال التي أوصلت بعض السجناء لقضاء حاجتهم داخل الزنزانة”.

وتابع المعتقل السباق قائلاً: “بعدها، تم نقلنا إلى عنبر جماعي لكنه ضيق، فيه أربعة وعشرون غرفة. هو مثل العنابر في المعسكر الخامس، وقاموا بإحضار المعتقلين السابقين وبعد فترة أحضروا سعيد الروسي أيضا لنا وحاجي ولي وياسين “.

ويواصل: “وبدأوا دروسا دينية لنا واحضروا لنا اثنين من المشايخ وكانت المدة تقريبا ثمانية أشهر أو تسعة أشهر” .

واستطرد قائلاً: “بعدها تم نقلنا إلى سجن الرزين وكان لكل واحد غرفة كبيرة فيه تلفاز وفيه مجلس كبير ومكان للصلاة وملعب، وكنا نلعب به لكننا كنا منهارين تمام ونفسياتنا مدمرة، لعدم معرفة مصيرنا المجهول وإن كان بعضنا يفعل رياضة للحفاظ على ما تبقى من عقله وصحته، لكن مقارنة كان الرزين يعتبر أفضل بالمعاملة من السجون الأخرى وإن كانت كلها سجون سيئة السمعة”.

“وكان أحد المعتقلين سأل أحد المسئولين: ما ذنبي أنا ذهبت إلى أفغانستان وقضيتي مع الأمريكان وانتهت، فقال له المسئول اسكت ولا تتكلم ووجه له ألفاظًا نابية وسيئة”.

وذكر معتقل آخر أفغاني أنه يريد الرجوع الى غوانتانامو، فرد عليه المسئول: اسكت. وقال له: “أسكت، أستطيع جرك من لحيتك دون أن يراجعني أحد، وأمر العساكر بإدخاله إلى الحبس الانفرادي”.

وشدد المعتقل السابق “لم يكن هناك أية عيادة لكن إذا كان الحالة تستدعي التدخل الطبي كانوا يحملون المعتقل في سيارة بها صندوق خلفي ويتم تقييد عيني المعتقل”.

وأضاف: “قبل خروجي جاءنا مسئول يقال له أبو عفراء، أظنه ثاني أو ثالث أكبر مسئول في البرنامج، وقال أكبر مشكله عدم تعاون الشرعية معنا، وقصد السفارة اليمنية بحجة عدم وجود أي أوراق إثباتات لكي يتم إخراج المعتقلين اليمنيين”.

واختتم المعتقل شهادته بقوله: “عندما خرجت إلى أفغانستان تم إعطائي أوراق مكتوب عليها الخروج إلى البلاد، ولا أعلم أي تفاصيل عن كيفية تم إخلاء سبيلي. لابد أن للمؤسسات الحقوقية والإعلامية والمحامين من التحرك لمساعد المعتقلين اليمنيين في الإمارات، لأن قضيتهم شائكة وحكومة اليمن لا تفعل شيئا، والمعتقلون يعانون ليلا ونهارا من المعاملة السيئة”.

وأضاف في ختام شهادته قائلاً: “إلى متى سيظل أولئك المعتقلون على هذا الحال؟”. أخي رحل إلى الإمارات عام 2015, وقلنا بداية فرج, واستبشرنا خيرا, لكن الآن يقول لسان حال أخي: معتقل غوانتنامو كان أفضل، ففي معتقل غوانتنامو كان التواصل معه يتم بشكل مستمر بالرسائل عبر الصليب الأحمر, والاتصال صوت وصوره لمدة ساعتين”.

وأضاف: “عندما تم نقله إلى الإمارات قال محامية سيكون تحت مرحلة التأهيل لمدة 9 أشهر، ولكن للأسف بعد الانتقال إلى الإمارات أصبح الاتصال الهاتفي شهريا لمدة خمس دقائق، وتحت الرقابة، ولا يسمح لهم بالتحدث عن أية معلومات حول ظروف ومكان اعتقاله”.

وأضاف: “سمحوا لأهله بزيارة إلى الإمارات, فكانت الزيارة متعبه، وفترة الزيارة لمدة شهر, وضعونا في فندق في مدينة العين, وكان أخي وبقية المرحلين في صحراء مدينة العين خارج المدينة, فكانت زيارة أخي كل أسبوع في معتقل وإجراءات مشددة من ناحية التفتيش”.

واستطرد قائلاً: “مر على حالهم في الإمارات أربع سنوات, وحالتهم تزداد سوء. من جانبها ذكرت “سام” أن من بين أساليب التعذيب النفسي التي تتبعها السلطات الإماراتية مع المعتقلين اليمنيين، قيام المسؤولين الإماراتيين بالتصريح للمعتقلين بتواصلهم مع المسؤولين في الحكومة اليمنية من أجل القيام بزيارتهم والتنسيق معهم لإطلاق سراحهم وتحسين أوضاعهم ودمجهم في المجتمع الإماراتي ولكن المسؤولين اليمنيين يرفضون التعاون مع الإماراتيين وزيارة رعاياهم لتلمس احتياجاتهم، كما كان بعض أولئك المسئولين يطلبون من أقارب المعتقلين التواصل مع الحكومة اليمنية للقيام بواجباتها تجاه رعاياهم اليمنيين.

ولفتت المنظمة الحقوقية إلى قيام دولة الامارات – مؤخرًا- بمنع الاتصالات الأسبوعية والتي تكون ما بين 2-10 دقائق لجميع الأهالي منذ أكثر من ثلاث أسابيع إلى يومنا هذا.

تواصلت “سام” مع عدد من أهالي المرحلين إلى دول أخرى مثل سلطنة عمان, والمملكة العربية السعودية وجمهورية الجبل الأسود، لإحداث مقارنة, ووجدت المنظمة أن المرحلين حصلوا على الرعاية اللائقة، وتمكن الغالبية العظمي منعوا من الالتقاء بأهاليهم، والاندماج السلس في المجتمع الجديد، والبدء بحياة طبيعية.

ففي دولة الجبل الأسود يتحدث أحد الذين نقلو إليها لـ”سام”: “أنه يتمتع بحرية كاملة في التنقل والاندماج, وقد سافر إلى السودان والتقي بأهله، ثم بدأ حياة جديدة حيث انضمت إليه أسرته ويعيش حياة مستقرة وهادئة، وفي سلطنة عمان التي استقبلت ما يقارب 26 معتقلا سابقا كانوا في جوانتانامو.

تحدث احدهم لمنظمة سام وقال: “الحمدلله نتحرك بحرية إلى المناطق الحدودية لكن لابد أن نبلغهم حتى لو حدث مكروه أو شيء لا قدر الله يكونون على علم ويبلغون جماعتهم في هذه المناطق إذا احتجنا شيء”.

وأضاف: “السكن، الحكومة متكفلة به، والزيارات اللهم لك الحمد الحكومة متكفل بالاستقبال وضيافتهم في الحدود وتمرير واستخراج الفيز لهم”.

لا يختلف الوضع كثير لليمنين المرحليين الى دولة كازخستان كثيرا عن دولة الإمارات، حيث نقل ثلاثة يمنين عام 2018 وتونسيان من سجن قاعدة جوانتانامو، توفى أحد اليمنيين المنقولين ويدعي عاصم ثابت الخلاقي بعد أربعة أشهر، حيث كان يعاني من الفشل الكلوي الكامل ولم يجد العلاج الكافي، ولم تسمح له السلطات الكازاخستانية بإقامة جنازة تليق به، حيث منع من حضور جنازته أو الصلاة علية إلا لثلاثة أو أربعة أشخاص، بقي اثنان من اليمنيين في كازخستان، لم يحصلوا على أوراق الإقامة القانونية، غير مسموح لهم العمل, وممنوع عليهم مغادرة المدينة، في إقامة جبرية، بسبب الرقابة، ومحرومون من زيارة أهاليهم، ومع ذلك وضعنا يعتبر أفضل من الذين ذهبوا إلى الإمارات.

يقول “منصور الضيفي”، المرحل من جوانتانامو إلى صربيا، إنه تعرض للعديد من المضايقات في صربيا، حيث توقفت مستحقاته المالية أكثر من مرة، وهدد بالطرد من السكن والترحيل إلى اليمن، بل تعرض للاعتداء من قبل رجال المخابرات الصربية ويشعر أنه مراقب باستمرار”.

وأضاف: “برغم أني أدرس حاليا في جامعة خاصة وأوشكت على التخرج إلا أني لا أعلم هل سيتم منحي الشهادة الجامعية أم لا، لأني لا أستطيع دفع رسوم الجامعة الباهظة”.

في مقابلة مع صحيفه npr بتاريخ 21 فبراير 2017، قال “الضيفي: “عندما أحضروني إلى صربيا جعلوا حياتي أسوأ. إنهم يقتلون أحلامي تمامًا. إنه يجعل حياتي أسوأ. . ليس لأنني أحب غوانتانامو، لكن حياتي أصبحت أسوأ هنا. أشعر أنني في سجن آخر “.

وقال الصحفي الذي أجرى اللقاء مع “الضيفي”: “لقد جئت إلى صربيا لأكتشف لماذا كان نقل سجناء غوانتانامو السابقين الذين يُعتبرون مستعدين للعودة إلى المجتمع أمرًا صعبًا للغاية”.

وأضاف: “وعلى الفور شعرت بالمشكلة. بعد لحظات من حديثي مع ضيفي للمرة الأولى، أوقفتني الشرطة واستجوبوني. على الرغم من موافقة الحكومة الصربية على منحه منزلًا، إلا أنها لا تزال غير مرتاحة لوجود إرهابي متهم يعيش في عاصمتها”.

قال المسؤولون الذين تحدثت معهم، حتى رئيس الوزراء، إن المعتقل السابق في بلغراد يتأقلم بشكل جيد. لكن بعد مقابلتنا الأولى اختفى ضيفي.

لمدة يومين لم يرد على هاتفه أو بابه. ثم ظهر في الفندق الذي أقيم فيه، وبدا مذعوراً، وظهرت كدمة جديدة على رأسه. كان على يقين من أنه تمت ملاحقته وأننا كنا مراقبين في ردهة الفندق، لذلك ذهبنا إلى غرفتي للتحدث.

أخبرني أنه في اليوم التالي لمقابلتنا الأولى، اقتحم العديد من الرجال الصرب الذين يرتدون أقنعة شقته، ووضعوه على الأرض. بينما كان الآخرون يفتشون شقته، صرخ عليه الرجل الذي يمسكه قائلاً أشياء مثل: “إذا كنت تريد البقاء هنا، عليك أن تغلق فمك. أنت تكذب.أنت تلعب”.

قال الضيفي إنه شعر بالإهانة ، وانهار وهو يروي القصة. قال: “أخبروني ببساطة أغلق فمك وأنا أكذب. إذا لم تبق في هذا المكان، فسوف نأخذك إلى مكان لا تحبه”. “ما أطلبه هو أن يتم إرسالي إلى بلد آخر حيث يمكنني أن أبدأ حياتي. هذا هو ما أريده، لبدء أسرة، والبدء في إنهاء دراستي الجامعية والعيش كشخص عادي. هذا هو ما أريده في حياتي. ليس أكثر”.

قال: “حلم بسيط. آمل أن أغادر هنا، حيث يمكنني أن أبدأ حياتي، وهذا أملي. حيث يمكنني الحصول على بعض الدعم وإلى أي بلد – أي بلد آخر حيث يمكنني أن أصنع شيئًا من حياتي على الأقل، امض قدمًا مع حياتي، هذا ما أريده “.

على صعيد آخر، عبرت “سام” عن مخاوفها من الأخبار الواردة حول إمكانية ترحيل اليمنيين المعتقلين في الإمارات إلى اليمن لا سيما بعد التصريحات التي تناقلتها لمسئول حكومي يمني رفيع المستوى “بأن الخطط في انتظار الترتيبات الأمنية”. وأشار مسؤول بوزارة الخارجية إلى أنّ الحكومة الأميركية كانت على علم بحدوث ذلك.

هناك مخاوف كبيرة وجدية يتحدث عنها المرحلون في حال عودتهم أهما “المخاطر. الاغتيال من جماعات أخرى، التعرض للسجن والابتزاز والتعذيب الإخفاء القسري، إضافة إلى صعوبة الاندماج مع الواقع الجديد في ظل عدم وجود دولة على الأرض، انتشار الجماعات المسلحة المقاتلة”.

يقول منصور الضيفي لـ”سام”: “إن جماعة الحوثي اقتحمت منزله في ريمه، وأهانت والده السبعيني واعتدت عليه بالضرب، وهددت باغتصاب أخته, وأخوه الكبير مطارد، هو مهجر قسريا من قريته. كل ذلك بسبب بعض الكتابات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث توقف بالنهاية بعد طلب أبيه منه التوقف بسبب الأذى الذي لحقهم.

المحامي عبدالرحمن برمان محام متابع لملف المعتقلين، رئيس المركز الامريكي للعدالة ” إن إعادة التوطين معتقلي جوانتنامو فكرة أمريكية ، لتخلص من المازق القانوني والحقوقي الأخلاقي التي وقعت فيها ، حيث عمدت الى توقيع اتفاقيات سرية مع بعض الدول دون اطلاع المعتقلين أو محاميهم، تهدف الى نقل المعتقلين الى هذه الدول والعمل على تأهيلهم ودمجه في المجتمع والحياة العامة “.

وأضاف ” أن نجاح الاندماج وفشله يعود الى طبيعه النظام السياسي، والالتزام بمبادئ حقوق الإنسان ، والخلفية التاريخية ، مثل المانيا وفرنسا ” وبعضه يعود الى مصداقية الدول وحرصها على تقديم المبدأ الإنساني ” كسلطنة عمان”

من جانبهم وصف خبراء حقوقيون في الأمم المتحدة عودة المعتقلين المرتقبة إلى الوطن بأنها “عودة قسرية”، محذرين من أن مثل هذه الانتهاكات تشكل اعتداء صارخاً على القوانين الدولية، مؤكدين على أن وجهة المعتقلين ستكون إلى دولة عربية فقيرة دمرتها حرب أهلية طاحنة على مدى السنوات الست الماضية، حيث ينتشر التعذيب والاحتجاز التعسفي في شبكات السجون السرية والرسمية التي تديرها فصائل مختلفة تسيطر على مناطق مختلفة من البلاد.

وخلُصت “سام” في ورقتها الحالية إلى أن الأوضاع المأساوية التي يعاني منها 18 يمنيا لا بد من إنهائها بشكل عاجل دون أية اشتراطات، مع وجوب تحمل السلطات الإماراتية لالتزاماتها القانونية والتعاقدية مع الولايات المتحدة الأمريكية من دمج وتوطين أولئك اليمنيين في الإمارات أو في أي بلد يختارونه، والعمل على تمكينهم من حقوقهم الأساسية التي كفلها لهم القانون الدولي عبر اتفاقياته المتعددة. مشددة على ضرورة سماح دولة الإمارات لأولئك الأشخاص بالتنقل وممارسة حياتهم بشكل طبيعي دون أي تقيدات.

واختتمت “سام” بيانها بدعوة المجتمع الدولي لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، لضرورة التحرك والضغط على الإمارات لتطبيق ما وقعت عليه من التزام بدمج اليمنيين في المجتمع الإماراتي والعمل على ضمان تنفيذ ذلك الاتفاق عبر إطلاق سراح كافة المعتقلين والسماح لهم بالبدء في ممارسة حياتهم الطبيعة دون أية اشتراطات، والبدء بتنفيذ برنامج الدمج تحت إشراف أممي ووقف كافة أشكال التضيق والتعذيب الجسدي والنفسي بحق اليمنيين المعتقلين لدى سلطات دولة الإمارات.

اقرأ أيضاً: ترحيب بقرار ادارة بايدن اغلاق معتقل غوانتانامو

قد يعجبك ايضا