منظمة الصحة العالمية تحذر من التأثير المدمر الذي يتسبب فيه قطاع الوقود الأحفوري الإماراتي على صحة الإنسان
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – أصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” لحقوق الإنسان أمس تقرير أكدت فيه بأن قطاع الوقود الأحفوري الإماراتي يساهم في التلوث السام للهواء.
هذا وبحسب المنظمة الحقوقية فقد رأت أن قطاع الوقود الأحفوري الإماراتي يشارك بشكل كبير في التأثير المدمر على صحة الإنسان.
وذكرت المنظمة الحقوقية أن هذا التأثير السلبي يأتي في الوقت الذي تسعى فيه حكومتها إلى وضع نفسها في موقع الرائد العالمي في قضايا المناخ والصحة في “كوب 28”.
يذكر أن التقرير الصادر مكون من 24 صفحة معنون بعنوان “̕يمكنك شم النفط في الهواء̔: الوقود الأحفوري في الإمارات يغذي التلوث السام”.
ووثقت المنظمة في تقريرها الارتفاع المقلق في تلوث الهواء في الإمارات، الذي يخلق مخاطر صحية كبيرة على مواطنيها والمقيمين فيها، ويساهم في أزمة المناخ العالمية.
الإمارات هي إحدى أكبر منتجي النفط في العالم، وموطن لسبعة مما يسمى “القنابل الكربونية”، وهي أكبر مشاريع إنتاج الوقود الأحفوري في العالم.
يرتبط تلوث الهواء مباشرةً بتغير المناخ، إذ يساهم حرق الوقود الأحفوري في تلوث الهواء ويؤدي إلى تغير المناخ.
قال ريتشارد بيرسهاوس، مدير قسم البيئة في هيومن رايتس ووتش: “يلوث الوقود الأحفوري الهواء الذي يتنفسه الناس في الإمارات”.
وأضاف: “لكن قضاء الحكومة الإماراتية على المجتمع المدني يعني أنه لا يمكن لأحد أن يعبّر علنا عن مخاوفه أو ينتقد تقاعس الحكومة عن منع هذا الضرر”.
حددت “منظمة الصحة العالمية” تلوث الهواء على أنه “أكبر تهديد بيئي على الإطلاق لصحة الإنسان” عالميا.
وذكرت الصحة العالمية بأن أكثر الأشخاص عرضة للتعرض للهواء السام أو التأثر سلبا به هم:
- الذين لديهم أمراض معينة مثل الربو.
- الحوامل
- الأطفال.
- المسنون.
- الأشخاص ذوو الإعاقة.
- العمال الوافدون، لا سيما الذين يعملون في الهواء الطلق.
- الأشخاص الذين يعيشون في الفقر.
- وغيرهم من السكان المهمشين اجتماعيا واقتصاديا.
هذا وأكدت هيومن رايتس ووتش بأنها قامت بمراجعت وتحليل البيانات الحكومية لتلوث الهواء من 2018 إلى 2023.
بالإضافة إلى تحليل بيانات الأقمار الصناعية، والتقارير الحكومية. وأكدت المنظمة أنها قامت بإجراء مقابلات مع 12 عاملا وافدا، منهم عمال منخفضو الأجر يعملون في الهواء الطلق.
وأضافت ووتش أنها تحدثت أيضا مع إماراتيين في المنفى، وخبراء أكاديميين، ومجموعات بيئية دولية ومحلية، وراجعت السياسات الحكومية والتقارير الإعلامية ذات الصلة.
وجد تحليل هيومن رايتس ووتش لمستويات PM2.5 (بي إم 2.5، وهي جزيئات صغيرة جدا يبلغ حجمها 2.5 ميكرومتر أو أصغر ويمكن أن تخترق عمق الرئتين وتدخل مجرى الدم بسهولة) التي التقطتها 30 محطة رصد أرضية حكومية في سبتمبر/أيلول 2023، أنها كانت في المتوسط نحو ثلاثة أضعاف المستويات اليومية التي توصي بها “المبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية بشأن جودة الهواء”.
وفقا لأحدث بيانات “البنك الدولي”، متوسط التعرض السنوي لجسيمات PM2.5 في الإمارات يزيد بأكثر من ثمانية أضعاف عما تعتبره منظمة الصحة العالمية آمنا لصحة الإنسان، ويموت نحو 1,872 شخصا كل عام بسبب تلوث الهواء الخارجي في الإمارات، وفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية.
قالت الحكومة الإماراتية إن نوعية الهواء في البلاد سيئة، لكنها ترجع ذلك بشكل أساسي إلى الغبار الطبيعي الناتج عن العواصف الرملية.
مع ذلك، أظهرت دراسات أكاديمية أن الأسباب الطبيعية ليست العامل الوحيد في تلوث الهواء، أو في بعض الحالات ليست حتى العامل الرئيسي.
مثلا، وجدت دراسة أجريت العام 2022 أنه بالإضافة إلى الغبار، فإن الانبعاثات، بما فيها تلك الناتجة عن الوقود الأحفوري، تساهم بشكل كبير في المشكلة في الإمارات.
أولئك في الإمارات الذين يريدون الإبلاغ عن مخاطر التوسع في استخدام الوقود الأحفوري وارتباطه بتلوث الهواء، أو الحديث عن تلك المخاطر، يواجهون خطر المراقبة غير القانونية، والاعتقال، والاحتجاز، وسوء المعاملة.
خلال العقد الماضي، واصلت السلطات الإماراتية الاعتداء على حقوق الإنسان والحريات، إذ استهدفت نشطاء حقوق الإنسان، وسنّت قوانين قمعية، واستخدمت نظام العدالة الجنائية للقضاء على حركة حقوق الإنسان.
قال ناشط في مجال المناخ: “لن يحاسب أي أحد أبدا الحكومة في العلن. لا نتمتع بالقدرة على الكلام علنا ضد الحكومة”.
وصف عمال وافدون أن الهواء الذي يتنفسونه يحرق رئاتهم، ويشعرون بضيق التنفس في العمل، ولديهم حكة في الجلد، وغيرها من المشاكل الصحية التي يعتقدون أنها قد تكون مرتبطة بالهواء السام.
لكنهم قالوا إنه لم يُزوَّدوا بمعلومات حول مخاطر تلوث الهواء، ومصادره، ومن هم الأكثر تضررا، وكيف يمكنهم حماية أنفسهم.
قال أحد العمال، وهو يتواجد في دبي منذ ثلاث سنوات: “أحيانا، تصبح الأجواء مظلمة وعكرة. نناقش سبب ذلك مع الأصدقاء… وتنتهي المحادثة عند هذا الحد. في مثل هذه الأوقات يمرض الأصدقاء أيضا”.
قدمت حكومة الإمارات العام 2023 مساهمة منقحة محددة وطنيا (خطة عمل محلية للمناخ يتطلبها “اتفاق باريس بشأن تغيّر المناخ”) إلى هيئة “اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ” رغم أن هذه الخطة تحدد بعض الالتزامات الطموحة، إلا إنها تشير أيضا إلى نية الحكومة زيادة إنتاج الوقود الأحفوري، وهو هدف لا يتوافق مع الحد من زيادة الحرارة عالميا ضمن سقف 1.5 درجة مئوية لتجنب الآثار الأسوأ لأزمة المناخ على مستوى العالم.
قالت هيومن رايتس ووتش إن التوسيع المخطط لعمليات الوقود الأحفوري يقوّض أيضا أهداف حكومة الإمارات في الحد من المستويات المرتفعة لتلوث الهواء.
تدرك الحكومة أن تلوث الهواء يمثل مشكلة، لكن معايير جودة الهواء الحالية أضعف بكثير مما توصي به منظمة الصحة العالمية. لا تراقب الحكومة أو تعالج مستويات التلوث المرتفعة بشكل مناسب، ولا تحمي السكان الأكثر عرضة للخطر.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة معالجة الأسباب الجذرية لتلوث الهواء بالحد بشكل كبير من انبعاث الملوثات الضارة بصحة الإنسان، بما يشمل وضع خطط للتخلص التدريجي والكامل من الوقود الأحفوري.
وطالبت ووتش حكومة الإمارات اتخاذ خطوات ملموسة لتحسين مراقبة جودة الهواء من خلال نشر المعلومات وتسهيل الحصول عليها وفهمها من قبل الجميع.
هذا ودعت المنظمة إلى تطبيق معايير صارمة لجودة الهواء بما يتماشى مع توصيات منظمة الصحة العالمية، وتقييم المخاطر على صحة الإنسان والإبلاغ عنها بوضوح والتخفيف من حدتها، بما فيه على الفئات المعرضة للخطر.
قال بيرسهاوس: “تلوث الهواء سر قذر في الإمارات. ما لم تسمح الحكومة للمجتمع المدني بالتدقيق في العلاقة بين تلوث الهواء وقطاع الوقود الأحفوري والحديث عن ذلك بحرية، سيستمر الناس في المعاناة من ظروف صحية يمكن منع حدوثها كليا”.