مجلس حقوق الإنسان يدعو لحماية المدنيين وإجراء مفاوضات سلام في السودان
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – عقد مجلس حقوق الإنسان في جنيف دورة استئنائية الخميس لبحث الوضع في السودان، بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من القتال العنيف بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والذي اندلع في 15 نيسان/ أبريل.
وتسبب القتال، حتى الآن، في مقتل أكثر من 600 شخص، وفرار ما يزيد عن 150 ألفا من السودان، ونزوح أكثر من 700 ألف شخص داخليا. ومن المتوقع أن يبلغ الجوع مستويات غير مسبوقة في البلاد خلال الأشهر المقبلة.
افتتح مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الدورة بإدانة “العنف الوحشي” الذي تسبب في زيادة الجوع والحرمان والتشريد للشعب السوداني، مشيرا إلى أن الجانبين “داسا القانون الإنساني الدولي، ولا سيما مبادئ التمييز والتناسب والحذر”، التي تفرق بين الأهداف المدنية والعسكرية وتراعي حماية المدنيين.
وأوضح أن مجلس حقوق الإنسان دعا لهذه الدورة الاستثنائية للإعراب عن اهتمامه العاجل بحقوق الشعب السوداني وحياته.
وحث جميع الدول ذات النفوذ في المنطقة على تشجيع حل هذه الأزمة بكل الوسائل الممكنة.
وقد اعتمد مجلس حقوق الإنسان قرارا اليوم الجمعة قرر بموجبه أن تشمل ولاية الخبير المعين بشأن السودان “رصدا تفصيليا وتوثيقا لجميع انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة والتجاوزات منذ 25 أكتوبر 2021، بما في ذلك تلك التي تنشأ مباشرة من النزاع الحالي”.
وتبنى المجلس القرار بأغلبية 18 صوتا، مقابل تصويت 15 دولة ضد القرار وامتناع 14 عن التصويت.
من الدول التي صوتت ضد القرار: الجزائر، المغرب، قطر، دولة الإمارات العربية المتحدة، السودان والصين.
من الدول التي صوتت لصالح القرار: فرنسا، ألمانيا، المكسيك، أوكرانيا، المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.
ودعا القرار إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية “دون شروط مسبقة”، وإعادة التزام جميع الأطراف بالعودة إلى الانتقال نحو حكومة يقودها مدنيون.
كما سلط الضوء على الحاجة الملحة لحماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني، فضلا عن ضمان المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان.
وقال السيد تورك إن شعب السودان أشعل “منارة أمل” للملايين في جميع أنحاء العالم من خلال الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت عام 2019 وأنهت “عقودا من الاستبداد وانتهاكات حقوق الإنسان، وأطاحت بديكتاتورية عمر البشير التي امتدت لفترة طويلة”.
وأشار إلى أن النساء والشباب تصدروا هذه الاحتجاجات مطالبين بالحكم الرشيد وبعقد اجتماعي جديد بين الدولة والشعب، يقوم على الديمقراطية والحرية والعدالة ونصيب عادل من التنمية.
وتطرق إلى زيارته للبلاد قبل ستة أشهر، في أول مهمة له بصفته مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان. وتزامنت تلك الزيارة مع المحادثات الجارية لتشكيل الانتقال إلى حكومة مدنية ديمقراطية بالكامل.
وأضاف: “أعربت عن تضامني مع الشعب السوداني، وكنت بحاجة إلى إيصال رسالة قوية: يجب أن تكون المساءلة وحقوق الإنسان في صميم أي اتفاق مستقبلي”.
وقال إنه التقى خلال الزيارة بالفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان والفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، وحثهما وجميع المشاركين في المحادثات، على التركيز على المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان السابقة، وعلى الصالح المشترك.
وأضاف السيد تورك: “اليوم، وقعت أضرار جسيمة دمرت آمال الملايين من الناس وحقوقهم”.
ودعا المفوض السامي الطرفين إلى الالتزام- على وجه السرعة- بعملية سياسية شاملة وبسلام تفاوضي، مشددا على ضرورة استكمال المحادثات الجارية في جدة، التي تركز على التوصل إلى وقف لإطلاق النار بالتزامات تضمن إرساء هدنة إنسانية، تمكـّن من إيصال المعونة المنقذة للحياة؛ والسماح بممرات آمنة للمدنيين في مناطق القتال؛ وحماية الإمدادات الإنسانية من النهب.
وأكد على أهمية توسيع نطاق المناقشات لتشمل احترام القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين ووضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان.
وعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية المكثفة- ولا سيما الجهود التي يبذلها الاتحاد الأفريقي، وهيئة الإيقاد وجامعة الدول العربية، والأمم المتحدة- لم يتفق قادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على إنهاء أعمالهم العدائية.
وشكك مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف حسن حامد حسن في قرار عقد الدورة الاستثنائية قبل أسابيع فقط من انعقاد الدورة العادية للمجلس في يونيو/ حزيران.
وأشار السيد حسن إلى أن انعقاد الدورة الاستثنائية لم يحظ بتأييد أي دولة أفريقية أو عربية.
تنوع وجهات النظر
استمرت الجلسة الطارئة لمجلس حقوق الإنسان طوال يوم الخميس، وتحدث خلالها ممثلون لحوالي 70 من الدول الأعضاء والدول المراقبة في مجلس حقوق الإنسان، فضلا عن منظمات غير حكومية.
وقدمت هذه الأصوات مجموعة متنوعة من الآراء حول الحاجة إلى عقد الدورة الخاصة ومدى ونطاق انخراط المجتمع الدولي في الأزمة في السودان.
وتحدث أندرو ميتشيل، وزير الدولة للتنمية وأفريقيا، ممثلا للمملكة المتحدة، وهي راعية رئيسية للدورة الاستثنائية، مؤكدا ضرورة تنفيذ “رؤية” الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان لمجلس حقوق الإنسان عند إنشائه عام 2006، بوصفه هيئة يمكن أن تستجيب بسرعة لحالات الطوارئ المتعلقة بحقوق الإنسان مثل السودان.
كما حظيت الجلسة الخاصة بدعم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
ونيابة عن مجموعة الدول العربية، رحب سليم بدورة، مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف بجميع المبادرات الدولية والإقليمية الهادفة إلى إنهاء الصراع، وآخرها محادثات جدة برعاية الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.
وشدد على أن السودان، بصفته البلد المتضرر، له الحق في أن تؤخذ آراؤه بعين الاعتبار قبل إنشاء أي آليات جديدة أو تمديد الولايات القائمة.
ونيابة عن مجموعة الدول الأفريقية، أعرب نائب الممثل الدائم لكوت ديفوار لدى الأمم المتحدة في جنيف، ألو لامبرت ياو عن دعمه لمبدأ “الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية”، مشيدا بجهود الوساطة التي تبذلها الهيئة الحكومية للتنمية الدولية (إيقاد) تحت رعاية الاتحاد الأفريقي.
وقدم ممثل باكستان، خليل هاشمي منظورا نقديا آخر للجلسة، قائلا إنها تنطوي على “مخاطر ازدواجية غير ضرورية”، حيث إن مجلس الأمن يبحث بالفعل الوضع السياسي في السودان، مشددا على ضرورة إعطاء جهود الوساطة الأولوية.
وفي بيان منفصل صدر الخميس، سلطت مجموعة من خبراء حقوق الإنسان المستقلين الضوء على “المعاناة الهائلة” التي يعاني منها شعب السودان.
وأعرب الخبراء عن أسفهم لانتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها “المدنيون من جميع الأعمار”، بما في ذلك الاعتداء الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، ونقص الغذاء والماء والرعاية الصحية.
وأعرب الخبراء عن قلقهم إزاء قصف مأوى للفتيات من ذوات الإعاقة في الخرطوم، فضلا عن الهجمات الأخرى على مرافق الرعاية الصحية والعاملين في المجال الإنساني والمدافعين عن حقوق الإنسان.
ودعا الخبراء أطراف النزاع إلى الالتزام بضمان سلامة المدنيين والبنية التحتية المدنية، مثل المدارس والمستشفيات.
يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف.
ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم.