اعتقالات جماعية للعمالة الوافدة في الكويت: انتهاكات حقوقية وتحديات قانونية

في عام 2025، شنت السلطات الكويتية حملة واسعة ضد العمالة الوافدة المخالفة لقانون الإقامة الجديد، الذي صدر بموجب المرسوم الأميري رقم 114، وأدى إلى اعتقال نحو 440 أجنبيًا حتى الآن. يُعد هذا القانون بديلاً للقانون السابق رقم 17، الذي ظل ساريًا لأكثر من ستة عقود، لكنه جاء مصحوبًا بصلاحيات موسعة لوزارة الداخلية أثارت قلقًا واسعًا لدى منظمات حقوق الإنسان والمراقبين.

ينص القانون الجديد على إجراءات أكثر صرامة بحق العمال الوافدين، أبرزها المادة 20 التي تمنح وزارة الداخلية صلاحيات واسعة لترحيل الأجانب الذين لا يملكون دخلًا أو الذين يخالفون أحكام المادة 19، دون أي رقابة قضائية. هذه المادة تتيح ترحيل الأفراد لأسباب غامضة تشمل ما يسمى “المصلحة العامة” أو “الأمن العام” أو “الآداب العامة”، وهو ما يفتح الباب أمام تعسف محتمل في استخدام هذه السلطة دون وجود ضمانات قانونية تحمي حقوق المتضررين.

الصلاحيات المتزايدة لوزارة الداخلية تثير قلقًا حقيقيًا، خصوصًا بالنظر إلى سجل الوزارة في التعامل مع المحتجين والعمال الوافدين. فقد سجلت حالات اعتقال تعسفي وتعذيب في مراكز الاحتجاز، وترحيل أجانب بسبب مخالفات بسيطة مثل العمل في مهن غير مرخصة أو مخالفة شروط الإقامة. القانون الجديد، بموجبه، قد يشجع الوزارة على تصعيد هذه الممارسات والانتهاكات بشكل أكبر، دون مساءلة أو رقابة فعالة.

إضافة إلى ذلك، يُعزز القانون نظام الكفالة التقليدي في الكويت، الذي يُعدّ من أبرز العوائق أمام حماية حقوق العمال المهاجرين. ففي الوقت الذي تتفاقم فيه الانتهاكات ضد هؤلاء العمال، بما في ذلك الإساءات الجسدية والمعنوية وحرمانهم من حقوقهم الأساسية، لا يقدم القانون الجديد أية ضمانات تُذكر لهم. وقد أكد مجلس حقوق الإنسان في تقريره الدوري الأخير أن نظام الكفالة هو بيئة خصبة لانتهاكات حقوق العمال، ودعا بشكل واضح إلى إلغاء هذا النظام الذي يحول العمال إلى رهائن بين يدي كفلائهم.

وينص القانون على ضرورة موافقة الكفيل على عمل العامل، وهو ما يجعل هؤلاء العمال عرضة للتلاعب والاستغلال. تنص المادة 19 من القانون على حظر العمل لدى أي جهة دون إذن الكفيل، بينما تمنح المادة 20 وزارة الداخلية صلاحية ترحيل العمال بناءً على طلب كفلائهم في حالة وجود “انتهاكات مزعومة”. هذا الواقع يُضعف من قدرة العمال على الدفاع عن حقوقهم، إذ لا توجد حماية فعالة تمنع ترحيلهم التعسفي أو إساءة معاملتهم.

الاعتقالات الجماعية التي تشهدها الكويت اليوم ليست سوى مؤشر على أزمة أعمق تتعلق بحقوق العمال الوافدين، الذين يشكلون العمود الفقري للاقتصاد الكويتي. في ظل الاعتماد الكبير على اليد العاملة الأجنبية، تصبح الحاجة ملحة لاتخاذ تدابير تحمي هؤلاء العمال وتمنع انتهاكات حقوقهم.

وتطالب منظمات حقوق الإنسان الكويت بإصلاحات عاجلة تشمل منح المحاكم صلاحيات رقابية على قرارات الترحيل التي تتخذها وزارة الداخلية، خصوصًا في ضوء المادة 20 المثيرة للجدل، والتي تفتح الباب لاستخدام عبارات فضفاضة مثل “المصلحة العامة” و”الأمن العام” لتبرير الترحيل. كما تدعو إلى مراجعة شاملة لنظام الكفالة وإلغائه أو على الأقل تخفيف صلاحيات الكفلاء الذين يتحكمون بحياة العمال بشكل مطلق.

إن ضمان حقوق العمال الوافدين يتطلب إجراءات أكثر صرامة وشفافية من قبل الحكومة، مع ضرورة إشراك المجتمع المدني والمراقبين الدوليين في مراقبة أوضاع العمال. كما يجب تحسين آليات استقبال الشكاوى وتوفير الدعم القانوني للمتضررين، لمنع وقوع انتهاكات متكررة تعكس واقعًا مؤلمًا تعيشه شرائح واسعة من العمالة الأجنبية.

في النهاية، يبقى نجاح الاقتصاد الكويتي مرتبطًا بشكل وثيق بظروف عيش العمالة الوافدة وحمايتهم من الانتهاكات، مما يحتم على السلطات تبني نهج أكثر إنصافًا وشفافية، يراعي حقوق الإنسان وكرامة الإنسان بغض النظر عن جنسيته أو وضعه القانوني. فالعمل على إصلاح هذا النظام يمثل خطوة أساسية نحو تحقيق تنمية مستدامة ومجتمع أكثر عدالة.

قد يعجبك ايضا