مأساة متفاقمة لآلاف النازحين العراقيين جراء تلكؤ السلطات في منحهم أوراقًا ثبوتية
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات العراقية إلى اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمنح آلاف النازحين وثائق ثبوتية بدلًا من تلك التي فقدوها أثناء فرارهم من منازلهم إبان الحرب على تنظيم “داعش”.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي الأحد إن هؤلاء النازحين يعانون على نحو مضاعف نتيجة فقد وثائقهم الثبوتية.
إذ يحرمون هؤلاء من عدد من حقوقهم الأساسية مثل العمل والتنقل، ولا يحصلون في بعض الحالات على المساعدات الإنسانية كغيرهم من النازحين.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ مصادر من داخل مخيّمات النازحين أبلغت فريق الأورومتوسطي أنّ عددهم قد يصل إلى 10 آلاف نازح، إلا أنه لا يوجد عدد دقيق للنازحين الذين فقدوا وثائقهم الثبوتية.
وبيّن أنّ هؤلاء النازحين محرومون من العمل سواء خارج المخيم لعدم قدرتهم على الحصول على أذونات للخروج، أو حتى داخل المخيم لأنّ الأعمال المتاحة تُلزمهم بإحضار أوراق ثبوتية.
وهذا أثّر على نحو كبير على وضعهم المعيشي المتدهور أصلًا، إذ لا يتمكنون من تأمين احتياجاتهم الأساسية لتعذر الحصول على مصدر دخل، ويعتمدون في عيشهم على بعض المساعدات الغذائية الشحيحة.
واطّلع المرصد الأورومتوسطي على مزاعم لبعض النازحين حول تعرّضهم لعمليات ابتزاز مالي من جهات رسمية مقابل الحصول على أوراق ثبوتية، إذ قالوا إنّ بعض الدوائر الرسمية المختصة تتعمد عرقلة إجراءات حصولهم على وثائق ثبوتية، بهدف إرغامهم على دفع رشاوى من أجل ذلك.
وأكّدوا أنّهم يُرغمون في كثير من الحالات على محاولة تأمين مبالغ مالية باهظة ودفعها كرشاوى مقابل الحصول على وثائق ثبوتية، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ معظمهم لا يمتلكون المال بسبب تعطلّهم عن العمل.
شرح أحد النازحين (فضّل إخفاء هويّته) لفريق المرصد الأورومتوسطي تأثير فقدان أوراقه الثبوتية على حياته، حيث قال: “لا أستطيع الخروج من المخيم للعمل لأني لا أحمل أي وثائق ثبوتية، ولا يمكنني كذلك العمل مع أي من المنظمات الإنسانية داخل المخيم لأنهم يشترطون الحصول على الوثائق الثبوتية.
لا نستطيع ابتياع أي من حاجياتنا مهما كانت بسيطة، فقوالب الثلج التي نحتاجها بشكل كبير في هذه الأجواء الملتهبة يبلغ ثمنها 500 دينار (حوالي 0.34 دولار)، ولكنّنا لا نستطيع توفير هذا المبلغ للحصول عليها”.
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ تبعات فقدان النازحين لوثائقهم الثبوتية لا تتوقف على حرمانهم من الحق في العمل، بل قد تحول دون حصولهم على المساعدات الغذائية.
وقد تجعلهم عرضة للاعتقال في حال خروجهم من المخيم لأي سبب.
إذ أبلغت إحدى النازحات (فضلت عدم ذكر اسمها) فريق الأورومتوسطي: “أعاني كثيرًا بسبب عدم امتلاكي لوثائق ثبوتية، فكثير من الجهات الإغاثية رفضت تزويدنا بالمساعدات كوننا لا نمتلك أي أوراق تثبت هويتنا”.
وأضافت: “أودّ الخروج مع ابني خارج المخيم لكنّني أخشى أن يتم اعتقالنا وأن نُلقى في السجن، خاصة مع وجود حالات اعتقال سابقة مشابهة”.
وقال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي “عمر عجلوني” إنّ حرمان النازحين من استصدار وثائق ثبوتية يضاعف مأساتهم ويعقّد من ظروف معيشتهم دون وجود أي ضرورة لذلك.
وأكّد أنّ حصول النازحين على وثائق ثبوتية يعد حقًا أصيلًا لهم بموجب التشريعات الدولية ذات العلاقة؛ إذ نصت المادة (6) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنّ “لكل إنسان، في كل مكان، الحق بأن يعترف له بالشخصية القانونية”.
وحث المرصد الأورومتوسطي السلطات العراقية على اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتمكين النازحين من استصدار جميع الوثائق الثبوتية التي فقدوها.
ودعا المرصد إلى التحقيق في مزاعم تعرّض عدد منهم لعمليات ابتزاز من بعض الجهات الرسمية مقابل الحصول على الوثائق، ومحاسبة المتورطين في حال ثبوت ذلك.
وطالب المرصد الأورومتوسطي السلطات العراقية بضرورة العمل بإمكاناتها كافة من أجل ضمان عودة آمنة وكريمة للنازحين إلى بيوتهم التي أجبرتهم الحرب على الفرار منها، على النحو الذي قد يسهم في إنهاء معاناتهم.
ودعا المرصد الحقوقي إلى منح هؤلاء النازحين الشعور بالأمن والاستقرار، ويمكنّهم من ممارسة من ممارسة حقوقهم كافة.