الميثاق الأوروبي الجديد للهجرة يعزز إجراءات الحكومات المناهضة للمهاجرين
أكدت ميشيلا بولييزي الباحثة في شؤون الهجرة واللجوء أن الميثاق الأوروبي الجديد للهجرة يعزز إجراءات الحكومات المناهضة للمهاجرين.
وقالت بولييزي في مقال تعليقي نشره المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن الميثاق الجديد للهجرة واللجوء الذي أصدرته المفوضية الأوروبية في 24 سبتمبر الماضي جاء ليعزز من موقف الحكومات المناهضة للهجرة، ويترك الدول الحدودية تتحمل وحدها تقريبًا مسؤولية استقبال اللاجئين والمهاجرين، إضافة إلى أنّه يبادل المسؤولية الواجبة بالمال، ما يؤكد مرة أخرى أن النهج الأوروبي للتعامل مع أزمة اللجوء والهجرة قاصر إلى حد كبير.
على سبيل المثال، يمكنهم اختيار إرسال الامدادات والمعدات الطبية بدلًا من استضافتهم، أو تمويل مراكز الاستقبال، أو اختيار ما يسمى “رعاية العودة”، وهو تولي مسؤولية عمليات ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين إلى بلدانهم الأصلية.
إن خطة “التضامن الانتقائي” الجديد لا تشكك في المبدأ الأساسي الخاص بالدولة الأولى في لائحة دبلن، ولا تتبنى أيضًا آلية واضحة لتقاسم الحدود كما لا تفرض عقوبات على الدول التي ترفض استقبال طالبي اللجور كالمجر والتي أيضًا ترفض دعم البلدن الواقعة تحت الضغط.
وبالتالي فإن الدول الحدودية كإيطاليا واليونان لا تزال تتعامل مع موجات الهجرة لوحدها. وفي المقابل، طلب الميثاق الجديد من تلك الدول اتخاذ إجراءات أسرع غير محتملة، كإجراء فحوصات صحية وأمنية لطالبي اللجوء في غضون خمسة أيام كحد أقصى من وصولهم حتى يتسنى للدولة تحديد من له الحق في طلب اللجوء ومن يجب إعادته للوطن.
إن الإجراءات المستعجلة ستؤدي إلى تسهيل قرار الترحيل دون أدنى اعتبار انساني لوضع طالبي اللجوء، أو أي شكل من أشكال الحماية الدولية، كالحماية الواردة في المادة رقم 2 من توجيه المجلس الأوروبي رقم 95/2011.
فمن غير المنطقي تقرير مصير طلب اللجوء بناء على فحص سريع على الحدود عقب أيام قليلة من خوضه لرحلة تهدد الحياة، بل تحتاج إلى وقت ورعاية فائقة حتى يتم تقييم حالة اللاجئ بشكل مناسب. إضافًة إلى ذلك، فإن إخضاع اللاجئين لعمليات تقييم سريعة في البلدن الأوروبية الجنوبية القليلة، حيث عمليات الفحص واللجوء بطيئة جدًا، سيؤدي إلى الحبس والمعاناة الجماعية في البؤر المكتظة، وبالتالي تكرار الظروف الوحشية التي شهدها مخيم موريا للاجئين لسنوات.
إن التركيز بشكل أساسي على تعزيز الحدود الخارجية الأوروبية وعلى عمليات إعادة اللاجئين لأوطانهم، كما الاتفاقيات مع دول الاستقبال والعبور لمنع الأشخاص الوصول لأوروبا، وضع ميثاق الهجرة الجديد تحت مرمى النقد من العديد من منظمات حقوق الإنسان في أوروبا. حيث قالت رئيسة مكتب الاتحاد الأوروبي لمنظمة أوكسفام، ماريسا رايان: “وفي محاولة المفوضية للتوصل إلى توافق الآراء، خضعت لضغوط حكومات الاتحاد الأوروبي التي يتمثل هدفها الوحيد في تقليل عدد الأشخاص ممنوحي الحماية في أوروبا.”
كما عرّف فرانسو جيمين، مدير مرصد هوغو الذي يحلل التغيرات البيئية، والهجرات والسياسة، ميثاق الهجرة الجديد بأنه “حلٌ وسط بين الجبن وكراهية الأجانب”.
ووصفت المديرة المساعدة لقسم أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش، جوديث سندرلاند فكرة السماح للبلدان المناهضة للهجرة بأن يكون لها دور في عمليات إعادة اللاجئين للوطن بأنها مثل “مطالبة المتنمر في المدرسة باصطحاب الطفل للمنزل”.
وعلى الرغم من أن عدد الوافدين غير النظاميين منذ أزمة اللاجئين في عام 2015 انخفض بنسبة 92% وفقًا لفرونتكس، فإن الميثاق الجديد للهجرة واللجوء لا يزال ملوثًا بوصف المهاجرين بمحرك الأزمة وعبء على رفاهية وأمن المواطنين الأوروبيين. ووفقًا لما جاء في الميثاق الجديد، ستحصل كل دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تستقبل المهاجرين على 10000 يورو لكل فرد بالغ من ميزانية الاتحاد الأوروبي، ولن تكون أي دولة ملزمة بتوفير المأوى لأي شخص ولكن يجب عليهم السماح للمهاجرين بطلب اللجوء، لأنه التزام بموجب القانون الدولي كما جاء بشكل خاص في المادة 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كما المادتين 18 و 19 من ميثاق الاتحاد الأوروبي واتفاقية اللاجئين لعام 1951.
إنّ أزمة الهجرة واللجوء لا تُعالج بنظام هجرة أوروبي يستبدل المسؤولية الواجبة بالمال، بل بوجود ميثاق منسق ومستدام يكون محوره الإنسان، كما وجود إطار عمل مشترك وفقًا لما جاء في اتفاقية اللاجئين لعام 1951، وكما جاء في المادة 78 من معاهدة عمل الاتحاد الأوروبي، بما يخص الحق الأساسي للمهاجرين في طلب الحماية.