المهندسة الأردنية بشرى العبسي تدخل إضراباً مفتوحاً احتجاجاً على اعتقالها الإداري
دخلت المهندسة الأردنية بشرى العبسي، المعتقلة إدارياً منذ السادس عشر من يوليو/تموز الجاري، في إضراب مفتوح عن الطعام والشراب احتجاجاً على استمرار توقيفها دون توجيه أي تهمة أو عرضها على القضاء، في خطوة أثارت قلقاً متزايداً في الأوساط الحقوقية المحلية والدولية.
وبحسب مصادر مطلعة من داخل سجن الجويدة للنساء، حيث تُحتجز العبسي، فقد قامت إدارة السجن بعزلها في زنزانة انفرادية فور إعلانها الإضراب، كما منعتها من الوصول إلى المياه اللازمة للوضوء والنظافة، ما اعتبره حقوقيون انتهاكاً صريحاً لكرامتها ولحقوقها الأساسية كمحتجّة سلمية.
وتُعرف المهندسة العبسي، وهي معيلة لأسرتها، بمشاركتها الفعّالة في الفعاليات الشعبية الرافضة للعدوان الإسرائيلي على غزة، وقد سبق أن تم توقيفها مرتين خلال العام الماضي لنشاطها السلمي، كان آخرها في يونيو/حزيران 2024 حيث قضت 11 يوماً رهن الاحتجاز بين محكمة أمن الدولة والتوقيف الإداري، قبل أن تُعتقل مجدداً هذا الشهر دون مبررات قانونية واضحة.
ويؤكد مراقبون حقوقيون أن توقيف بشرى يمثّل نموذجاً صارخاً لما بات يُعرف بالاعتقال الإداري “الوقائي”، الذي يتم بموجب أوامر صادرة عن الحكّام الإداريين دون عرض المحتجزين على محاكمة عادلة، أو تمكينهم من معرفة التهم الموجهة إليهم، أو الطعن في قانونية احتجازهم أمام قضاء مستقل.
انتهاك للمواثيق الدولية
يرى خبراء قانونيون أن ما تتعرض له العبسي يشكّل انتهاكاً مباشراً للمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تنص على أن لكل إنسان الحق في الحرية والأمان على شخصه، وأنه لا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفاً، مع التأكيد على ضرورة إبلاغه بأسباب توقيفه وتقديمه إلى سلطة قضائية دون تأخير.
كما يدخل عزلها الانفرادي ومنعها من المياه، في نطاق المعاملة القاسية وغير الإنسانية، والتي تُدينها الاتفاقيات الدولية الخاصة بمعاملة السجناء، وتُعد مخالفةً للمعايير الدنيا المعتمدة من الأمم المتحدة بشأن ظروف الاحتجاز.
تصاعد القلق الحقوقي
في هذا السياق، عبّرت منظمات حقوقية ونشطاء عن قلقهم الشديد على صحة وسلامة بشرى العبسي، لا سيما في ظل استمرار الإضراب المفتوح وغياب أي استجابة رسمية لمطالبها، وسط ما وصفوه بـ”التعتيم المتعمد” على ظروف احتجازها.
وأكدت مصادر حقوقية أن تجاهل الوضع الصحي للعبسي، ومنعها من الوصول إلى احتياجاتها الأساسية، يحمّل الدولة الأردنية المسؤولية الكاملة عن أي تدهور في حالتها الجسدية أو النفسية.
دعوات للإفراج الفوري
وتزايدت خلال اليومين الماضيين الدعوات الموجهة للجهات الرسمية، وعلى رأسها وزارة الداخلية، لإنهاء سياسة الاعتقال الإداري بحق الناشطين، والإفراج الفوري وغير المشروط عن بشرى العبسي، مع تقديم ضمانات بعدم التعرض لها أو استهدافها مستقبلاً بسبب نشاطها السلمي.
وأكد حقوقيون أن الإفراج عن العبسي يجب أن يُرافقه فتح تحقيق في ظروف توقيفها، ومحاسبة المسؤولين عن قرار حبسها الإداري، وعن الانتهاكات التي تعرضت لها داخل السجن.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه الأصوات المطالِبة بتوسيع هامش الحريات العامة في البلاد، يبدو أن قضية بشرى العبسي باتت رمزاً للمواجهة مع نهج أمني يُوظَّف فيه التوقيف الإداري كأداة للترهيب وإسكات الأصوات الناقدة.
ويأتي إضراب العبسي بعد أيام على اعتقال الناشطة السياسية سمية أبو نبعة بسبب منشورات إلكترونية، في ما اعتبره مراقبون استمراراً لموجة مقلقة من التضييق على الحريات في الأردن، وسط غياب إصلاحات حقيقية تضمن صون كرامة الإنسان وحقه في التعبير والتجمع والاحتجاج السلمي.