خبراء في ندوة للأورومتوسطي: طالبو اللجوء في أوروبا يواجهون عداءً ممنهجًا
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – نظّم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ندوة استضاف فيها أربعة خبراء لمناقشة المناخ العدائي المتصاعد ضد المهاجرين وطالبي اللجوء في أوروبا.
وركّزت الندوة على مناقشة عدة قضايا مرتبطة بأوضاع المهاجرين وطالبي اللجوء، لا سيما المعاملة التمييزية التي يتعرضون لها في أوروبا، وسياسة الاتحاد الأوروبي في الاستعانة بجهات خارجية للتخلص من “عبء” المهاجرين وطالبي اللجوء، إلى جانب تجريم عمليات الإنقاذ وحظر التضامن مع المهاجرين وطالبي اللجوء.
واستهلّ مسؤول البرامج والاتصال في المرصد الأورومتوسطي “محمد شحادة” النقاش بالحديث عن المعاملة غير الإنسانية التي يتلقاها طالبو اللجوء في أوروبا، وخصوصًا في المناطق الحدودية.
إذ عمل الاتحاد الأوروبي على عسكرة الحدود، واستخدم وسائل قانونية وغير قانونية لإحباط وصول طالبي اللجوء، وتعامل معهم بصفتهم ملفًا أمنيًا وليس إنسانيًا.
وقال “شحادة” إنّ هذه الأدوات أثبتت عدم فعاليتها، حيث سجّل الاتحاد الأوروبي العام الماضي أكبر عدد من عمليات العبور “غير النظامية” منذ عام 2016.
وأضاف: “يرجع هذا لمعالجة الاتحاد الأوروبي للأعراض الظاهرية للمشكلة، وليس الأسباب الجذرية. هؤلاء الأشخاص فرّوا من خطر مميت وهم في أمسّ الحاجة إلى ملجأ آمن”.
وأكّد أنّ سلطات الاتحاد الأوروبي “ينبغي لها أن تتعاون لإنشاء واستحداث طرق جديدة آمنة وقانونية لطلب اللجوء في أوروبا” بدلًا من تجريم العبور الذي تعده غير قانوني.
من جانبه، أجرى مدير السياسات والتوثيق في منظمة العفو الدولية بالدنمارك “مارتن ليمبرج بيدرسن” مقارنة بين السياسة الإيجابية الترحيبية التي اتبعتها الدول الأوروبية تجاه اللاجئين من أوكرانيا، وبين السياسة المتحفظة التي اتبعتها مع أولئك الذين اضطروا للجوء من أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على السلطة العام الماضي.
وقال “بيدرسن“: “هناك حاجة إلى مواءمة السياسات على مستوى الاتحاد الأوروبي للنظر إلى سياسة الهجرة كقضيةً مترابطة ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار جنبًا إلى جنب مع السياسة التجارية، والتهجير، واستخراج الموارد، ودعم الدول القمعية”.
وشدّد على أن دراسة هذه الروابط الرئيسة أمر ضروري، وإلا “فإننا فقط سنشهد مزيدًا من تدفقات المهاجرين داخل نظام غير مهيأ لمعالجة أي مشاكل بشكل فعال”، داعيًا إلى “تدخل عاجل وسريع في هذا الشأن”.
بدورها، وصفت رئيسة المجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين “كاثرين وولارد” الوضع الحالي في أوروبا بأنه “ليس حالة من العداء الشديد فحسب، بل عداء متعمد تجاه طالبي اللجوء الذين يصلون لطلب الحماية في أوروبا”.
وناقشت “وولارد” التوجه الأوروبي للاستعانة بجهات خارجية في ملف الهجرة واللجوء، إذ عدت أّن “استراتيجية نقل طالبي اللجوء واللاجئين إلى مناطق أخرى” تعمل بشكل فعال على نقل مسؤوليات أوروبا إلى دول أخرى.
وقالت إنّ “الاندماج من خلال الوصول إلى الحقوق أمر مهم للغاية”، مضيفةً أنّ “قدرًا كبيرًا من العمل جارٍ حول هذه القضية، على الرغم من الجهود المبذولة للحد من الاندماج في الاتحاد الأوروبي بسبب السياسات المناهضة للاندماج”.
وشدّدت على أن “السياسات الخارجية يجب أن تدعم سبل العيش الكريم والتنمية وتوفر الأمن للأشخاص في المناطق الأخرى، وهذا بدوره سيساعد في منع الهجرة في المقام الأول”.
وفي مداخلتها خلال الندوة، استعرضت مستشارة السياسات والمناصرة في لجنة الإنقاذ الدولية “أوليفيا ساندبيرج” الأساليب والسياسات التي تتبعها الدول الأوروبية لتقويض حق اللجوء والاستقبال الكريم للمهاجرين وطالبي اللجوء.
وأوضحت أنّ “طالبي اللجوء يتعرضون لتأخير التسجيل لعدة أسابيع عند وصولهم، ما يجعلهم عرضةً لعمليات الإعادة غير القانونية”.
وأضافت أنّ أحد المخاوف ذات الصلة هي “استخدام مفهوم الدولة الثالثة الآمنة من دول مثل اليونان بتشجيع من المفوضية الأوروبية، لحرمان الأشخاص من الوصول إلى إجراءات لجوء عادلة وكاملة”.
ولفتت إلى أنه إضافةً للعديد من التحديات، “تؤدي التغييرات في السياسات والممارسات القانونية التي تحرم الأشخاص من الحصول على الحماية والاستقبال الكريم عند وصولهم إلى أوروبا إلى زيادة الاحتياجات الإنسانية على الحدود”.
وبيّنت أنّ المخاوف المتعلقة بالحدود تشمل عمليات الإعادة القسرية العنيفة وانفصال الأُسر والحرمان من المساعدة والاستخدام السلبي للتكنولوجيا.
وأشارت “ساندبيرج” إلى البنية التحتية الحدودية الجديدة الممولة من الاتحاد الأوروبي باعتبارها جزءًا من المشكلة، إذ إنّ خطوات مثل إنشاء البنى المعززة والأسوار، وتعزيز قوات الاعتراض، من شأنها أن تدعم تجريم الهجرة وتزيد من صعوبة جهود التضامن الحالية.
وقالت إنّ هذا “يتجاوز كونه أزمة حقوق إنسان، بل يرقى إلى مستوى أزمة في سلطة القانون في أوروبا”.
وانتقدت “ساندبيرج” خلال حديثها العديد من سياسات الهجرة الخاصة بالاتحاد الأوروبي التي “تسببت باحتجاز عدد كبير من الأشخاص في ظروف قاسية ومدمرة لصحتهم النفسية، على نحو صعّب عليهم التركيز في مقابلات اللجوء الخاصة بهم”.
وناقش الخبراء تجريم التضامن والعمل التطوعي المتعلق بالطرق الخطرة التي يسلكها المهاجرون وطالبو اللجوء إلى أوروبا، إذ قال “شحادة” إنّ “القيود المفروضة على المنظمات غير الحكومية التي تنشط في عمليات البحث والإنقاذ في البحر جنبًا إلى جنب مع تجريم العمل التطوعي تخلق حالة كارثية”.
وأضاف أن هذه القيود البيروقراطية تُجبر “المهاجرين وطالبي اللجوء على اتخاذ طرق خطرة تهدد حياتهم في البحر ليتجنبوا أن يُعثر عليهم، ما يؤدي إلى زيادة الوفيات”.
وأكّد “بيدرسن” على ذلك مشيرًا إلى أن “الاستخدام السياسي المنظم للهجرة من المرجّح جدًا أن يصبح وسيلة لتجريم الأشخاص الذين يحاولون القيام بعمليات البحث والإنقاذ”.
وقال إن مثلّ هذه التطورات تعد بمثابة وسيلة “لخفض مستوى استقبال وحماية طالبي اللجوء داخل الاتحاد الأوروبي”.
وأوضح أنّ “هذا النوع من تجريم التضامن مصمم لإخفاء الزيادة الكبيرة في طرق الهجرة غير الآمنة، إذ يشير المستقبل إلى مأسسة وتسريع هذه الديناميكيات المقلقة”.
وبيّن أنّ الاتحاد الأوروبي يستخدم الذكاء الاصطناعي كأداة لزيادة مراقبة المهاجرين، مشددًا على وجوب وجود تشريع يحظر “التقييم التلقائي للمخاطر والتنميط والأنظمة التنبؤية والتحليلية وأجهزة كشف الخداع وتحديد الهوية البيومترية عن بُعد”.
وينظم المرصد الأورومتوسطي بشكل منتظم ندوات وحملات متخصصة ضمن مسؤوليته في الدفاع عن حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء، ومحاولة تعديل قوانين اللجوء القاسية التي ما تزال قائمة في الاتحاد الأوروبي، وتنفيذ إصلاحات سياسية فاعلة في هذا الإطار.