المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: حرائق القطب الشمالي وذوبان الجليد تذكير بضرورة اتخاذ إجراءات بشأن المناخ
أوضحت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في مؤتمر صحفي في جنيف أن ارتفاع درجات الحرارة بشكل استثنائي ولفترة طويلة في سيبيريا، جعل درجة حرارة بعض المناطق في القطب الشمالي أكثر دفئاً من درجة حرارة ولاية فلوريدا الأمريكية.
كما أدى إلى اندلاع حرائق “مدمرة” في الغابات للسنة الثانية على التوالي. وحذرت المنظمة الأممية من انحسار سريع في طبقة الجليد البحري على طول الساحل القطبي الروسي.
وفقا لوكالة الأمم المتحدة، زادت درجات الحرارة في سيبيريا 5 درجات مئوية أعلى من المتوسط بين كانون الثاني/يناير وحزيران/يونيو، وفي حزيران/يونيو وصلت إلى 10 درجات مئوية فوق المتوسط.
وأوضحت المتحدثة باسم المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، السيدة كلير نوليس، أن “بعض أجزاء سيبيريا تجاوزت هذا الأسبوع 30 درجة مئوية مرة أخرى، لذا كان المناخ أكثر دفئا في سيبيريا من أجزاء كثيرة من فلوريدا”.
وأضافت: “لقد شهدنا حرارة استثنائية ولفترات طويلة منذ أشهر، وأدى ذلك إلى حرائق مدمرة في القطب الشمالي؛ وفي الوقت نفسه نشهد انحسارا سريعا في غطاء الجليد البحري على طول ساحل القطب الشمالي”، مشيرةً إلى أن إجمالي انبعاثات الكربون المقدر منذ كانون الثاني/يناير هي الأعلى منذ 18 عاما، عندما بدأ عمل خدمة كوبرنيكوس لإدارة الطوارئ التابع للاتحاد الأوروبي بمراقبة الغلاف الجوي.
يأتي هذا التطور بعد أن وصلت درجة الحرارة إلى 38 مئوية في مدينة فيرخويانسك الروسية في 20 حزيران/يونيو. وقد أكدت ذلك الخدمة الاتحادية الروسية لرصد الأرصاد الجوية والهيدرولوجيا البيئية، والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بصدد إنشاء لجنة لتقييم ذلك القرار.
وفقا لما قالته نوليس للصحفيين فإن سبب الظروف الجوية الأشبه بحرارة “الفرن” والمستمرة لفترة طويلة، هو عدم اتخاذ إجراءات بشأن التقلبات الجوية الحادة فوق القطب الشمالي، بالإضافة إلى “التأرجح المستمر شمالًا للتيارات النفاثة” الذي يبعث الهواء الدافئ إلى المنطقة.
وفي هذا الصدد، أشارت المتحدثة الأممية السيدة نوليس إلى أن “حرارة القطب الشمالي أكثر دفئا من ضعفي المعدل العالمي، مما يؤثر على السكان والنظم البيئية المحلية، مع ما ينطوي على ذلك من مضاعفات عالمية”، مضيفةً أن مثل هذه الحرارة الشديدة تكاد شبه مستحيلة بدون تأثير تغير المناخ الناجم عن الإنسان.
وأكدت لقطات مقلقة لحرائق الغابات القريبة من المحيط الحاجة إلى اتخاذ إجراءات مناخية عاجلة من قبل الدول والتزام أكبر بتحقيق التعهدات الواردة في اتفاقية باريس بشأن المناخ، بما في ذلك الجهود المبذولة للحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية فوق المستويات السابقة للمرحلة الصناعية.
التغير المناخي يزيد احتمال نشوب حرائق
أظهرت بيانات صادرت يوم الأربعاء الماضي، أن هناك 188 نقطة حريق محتملة في سيبيريا، وفقا لخدمة روشيدروميت الروسية للأرصاد الجوية المائية والرصد البيئي، مع احتمالية وقوع حرائق بشكل خاص في جمهورية ساخا الروسية وأوكروغ تشوكوتكا التي تتمتع بحكم ذاتي في أقصى شمال شرق سيبيريا.
شهدت كلتا المنطقتين ظروفًا أكثر دفئا من المعتاد في الأشهر الماضية. وأفادت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بأن السلطات الروسية أعلنت أيضًا أن هناك مخاطر نشوب حرائق في جميع أنحاء منطقة أوكروغ خانتي – مانسيسيك التي تتمتع بحكم ذاتي – ويوجرا الواقعة في غرب سيبيريا.
وجاء في بيان الوكالة الأممية أن دخان الهشيم يحتوي على ملوثات تشمل أول أكسيد الكربون وأكسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة وجزيئات الهباء الجوي الصلبة، مشيرا إلى انبعاث ما يعادل 56 ميغا طن من ثاني أكسيد الكربون من حرائق القطب الشمالي في حزيران/يونيو، مقارنة بـ 53 ميغا طن في حزيران/يونيو من العام الماضي.
وقالت المتحدثة باسم المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: “نحن نرى، كما تعلمون، صور أقمار صناعية دراماتيكية توضح مدى سطح الحروق”. وأضافت “أن جبهة النار في حرائق الغابات القطبية الشمالية الأكثر نشاطًا في الوقت الحالي تقع على بعد أقل من ثمانية كيلومترات من المحيط المتجمد الشمالي.
كما سلطت السيدة نوليس الضوء على البحوث المناخية الجديدة المنشورة في مجلة “نيتشر كلايميت تشينج” التي تشير إلى التهديدات التي لا رجعة فيها للنظام البيئي في القطب الشمالي، وقالت إن “الدببة القطبية – التي نعلم جميعا أنها رمز لتغير المناخ – يمكن أن تنقرض تقريبا بحلول نهاية القرن”، إذا استمر الجليد البحري في الانكماش بالمعدلات الحالية.
حرارة القطب الشمالي تؤثر على المناخ في أجزاء مختلفة من العالم
حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من أن تراجع الجليد المتسارع على طول الساحل الروسي في القطب الشمالي في الربيع، قد تسارع منذ أواخر شهر حزيران/يونيو، مما أدى إلى انخفاض شديد في الجليد البحري في بحري لابتيف وبارنتس. وأشارت المنظمة إلى أن طريق البحر الشمالي يبدو مفتوحا تقريباً.
وبدورها حذرت السيدة نوليس من أن التغييرات التي تطرأ على الطقس في القطبين ستؤثر على الأرجح في الأماكن الأخرى البعيدة والسكان أيضا بفضل ظاهرة تعرف باسم “الاتصالات عن بُعد”. وتتم ملاحظتها في الأحداث الجوية بما في ذلك ظاهرة النينيو، حيث يصل الهواء البارد والجاف إلى أماكن كانت تشهد ظروفا أكثر دفئا ورطوبة.
وأوضحت أنه “بشكل عام، حرارة القطب الشمالي أكثر دفئا من ضعفي المعدل العالمي”. وأكدت أن لذلك تأثيرا كبيرا على السكان والنظم البيئية المحلية، لكننا نقول دائمًا إن ما يحدث في القطب الشمالي لا يبقى في القطب الشمالي، بل يؤثر على طقسنا في أجزاء مختلفة من العالم حيث يعيش مئات الملايين من الناس”.