المغرب.. اعتقال بنصالح صفعة قاسية لحرية الرأي والتعبير
أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه إزاء اعتقال الناشط الحقوقي المغربي “ياسين بنصالح” بسبب منشور له على حسابه في “فيس بوك”.
وأبدى المرصد خشيته من تصاعد الممارسات التي من شأنها تهديد المكتسبات الحقوقية في المغرب.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيانٍ صحفيٍ اليوم، إنّ الضابطة القضائية في مدينة “قلعة السراغنة” اعتقلت بنصالح يوم الإثنين الماضي 09 نوفمبر/تشرين الثاني عند الساعة الخامسة مساءً، بناءً على شكوى تقدم بها رئيس الشرطة القضائية إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية يطلب فيها اعتقال “بنصالح” بسبب منشور نشره على صفحته الخاصة في “فيس بوك” انتقد فيه الأداء الأمني في المدينة، وأشار إلى وجود بؤر لترويج المخدرات، وحالة من الفوضى والفلتان الأمني.
وأكّد الأورومتوسطي أنّ “بنصالح” تلقى قبل اعتقاله – في نفس يوم الاعتقال- مكالمة من ضباط الشرطة القضائية يطالبونه فيها بالحضور إلى دائرة الأمن في منطقة “السراغنة” للتحقيق معه حول ما نشره على “فيسبوك”، ومن ثم أبلغوه أنه سيتم اعتقاله.
وبيّن أنّ “بنصالح” أُحيل بعد اعتقاله لجسلة المحاكمة، حيث حكم قاضي الجلسة بنقله إلى السجن المحمي في “قلعة السراغنة” من أجل محاكمته يوم الثلاثاء المقبل، وفقًا للتهم الموجهة إليه والتي تتضمن انتقادًا للأوضاع الأمنية في منطقته، وإهانة موظفين عموميين.
وحصل الأورومتوسطي على وثائق صادرة عن نائب وكيل الملك “عبد الكريم شرباطي” يوم الثلاثاء الماضي 10 نوفمبر/تشرين الثاني، يأمر فيها بإحالة “بنصالح” إلى جلسة المحاكمة بتهمة إهانة “هيئة منظمة” و”موظفين عموميين بسبب أدائهم مهامهم”، طبقًا للفصول (263) و(265) من القانون الجنائي المغربي.
ولفت إلى أنّ هذه ليست المرة الأولى التي يُحاكم فيها “بنصالح”، إذ رُفعت عليه دعوى سابقة من طرف إحدى المصحات الخاصة بسبب تدوينة نشرها على حسابه في “فيس بوك” كشف فيها عن انتحار مواطن كان يعالج في مصحة خاصة في مدينة “قلعة السراغنة” بعد أن ألقى بنفسه من أحد الطوابق العلوية في المصحة، وطالب بمحاسبة المسؤولين في وزارة الصحة والعاملين في المرفق الصحي وفتح تحقيقات عاجلة في الحادثة.
وأفاد الأورومتوسطي أن تدوينة “بنصالح” حول انتحار المواطن تسببت في صدور حكم ابتدائي بحقه من المحكمة الابتدائية في “قلعة السراغنة” يوم 06 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يقضي بحبسه لمدة شهرين وغرامة قدرها (2000) درهم مغربي أي ما يعادل (200) دولار أمريكي، وتعويض مدني قدره (20) ألف درهم أي ما يعادل (2000) دولار أمريكي تودع في خزينة المحكمة.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن عددًا من النشطاء اعتصموا يوم الإثنين الماضي عقب اعتقال “بنصالح”، أمام مقر الأمن الوطني في قلعة السراغنة، في مبادرة تضامنية تمت بالتنسيق مع المكتب المركزي للهيئة الحقوقية، ثم حولوا اعتصامهم لمبيتٍ ليلي حتى إطلاق سراح الناشط الحقوقي.
بدوره قال “رشيد إفس”، أحد الأصدقاء المقربين من “بنصالح” في مقابلة مع فريق الأورومتوسطي: “اعتقال بنصالح ما يزال متواصلًا، ولا يُسمح لنا ولأسرته بزيارته بسبب الإجراءات الاحترازية المتعلقة بفيروس كورونا، وهو يتواصل مع عائلته من خلال الهاتف داخل السجن”.
وأضاف “لم يَمنح القضاء المغربي “بنصالح” حقه في المحاكمة العادلة، كما حرمه من حقوقه في الدفاع والسراح المؤقت، فضلًا عن عدم مراعاة الحالة الصحية والنفسية له ولزوجته التي كانت في المراحل الأخيرة من الحمل، وأنجبت بعد يومين من اعتقاله”.
وفي أخرى مع “عادل تشكيطو”، رئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان قال: “على مستوى القانون الجنائي المغربي فإن قضية بنصالح لا يمكن التعامل معها على هذا النحو، لأن قضيته متعلقة بالنشر والتدوين وهذا ما تشمله مدونة الصحافة والنشر في مادتها (74) والتي تؤكد على أن التدوين في مواقع التواصل الاجتماعي يعتبر من الوسائل العلنية التي لا تستدعي أبدًا الاعتقال أو وضعه تحت الحراسة النظرية”.
وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنّ اعتقال “بنصالح” يخالف القوانين المحلية والدولية ذات العلاقة، إذ جاء الفصل (25) في الدستور المغربي لينص على “حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها.
حرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الأدب والفن والبحث العلمي والتقني مضمونة”. كما جاءت القوانين والمواثيق الدولية لتكفل حرية الرأي والتعبير، حيث نصت المادة (19) في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي صادق عليه المغرب عام 1979 على:
- لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.
- لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”.
ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات المغربية إلى إطلاق سراح “بنصالح”، وإسقاط جميع التهم الموجهة إليه خاصة مع كونها تتعلق بقضية نشر يُحظر فيها سلب الحرية، وطالبها باحترام التزاماتها بشأن ضرورة صون حرية التعبير ووقف أي انتهاكات لحقوق الإنسان من شأنها المساس بالحقوق الأصيلة المكفولة على الصعيدين المحلي والدولي.
وحث الأورومتوسطي السلطات في المغرب على الالتزام بـ “إعلان مراكش” لعام 2018، والذي اعتمدته جميع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، والداعي إلى توسيع الفضاء المدني وتعزيز المدافعين عن حقوق الإنسان وحرياتهم وحمايتهم من الاعتقال والتعسف والمطاردة.
اقرأ أيضاً: سكاي لاين تطالب بالإفراج فورا عن ناشط مغربي معتقل على خلفية التعبير عن الرأي