تونس تُفرِغ المشهد الإعلامي قبل الانتخابات الرئاسية
اتهمت أوساط حقوقية دولية السلطات في تونس بأنها تُفرِغ المشهد الإعلامي قبل الانتخابات الرئاسية المقررة بعد أسابيع.
أعلن الصحفي المخضرم إلياس الغربي في 28 يونيو/حزيران أنه في صدد مغادرة برنامج “ميدي شو” على إذاعة الراديو الأبرز في تونس، “موزاييك أف أم”، بعد تسع سنوات، دون أن يشرح السبب.
إلا أن قرار الغربي جاء بعد أشهر من إقراره بوجود “تهديدات غير معقولة” ضد الصحافة في البلاد، وبعد عام من تحقيق الشرطة معه على خلفية تعليقات أدلى بها في البرنامج.
وتقول منظمة هيومن رايتس ووتش إنه بينما تتحضر تونس لإجراء الانتخابات الرئاسية الأولى بعد استحواذ الرئيس قيس سعيد على السلطة في 2021، تقمع السلطات المعارضة، لا سيما في الإعلام. وجدت المنظمة الدولية أن خمسة إعلاميين على الأقل يقبعون حاليا خلف القضبان بسبب عملهم أو آرائهم.
وبحسب “النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين”، رُفعت 39 قضية على الأقل ضد صحفيين بسبب عملهم، منذ مايو/أيار 2023، بما في ذلك بموجب “المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال” القمعي و”قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2015″.
في مايو/أيار ويوليو/تموز2024، حُكم على الصحفيَّيْن البارزين برهان بسيس ومراد الزغيدي، بالإضافة إلى المحامية سنيا الدهماني، بالسجن مدة سنة بموجب قانون الجرائم الإلكترونية.
في نهاية يوليو/تموز، خفّضت محكمة استئناف في العاصمة الحكم على بسيس والزغيدي إلى السجن ثمانية أشهر. في العام الماضي، احتُجز نور الدين بوطار، مدير إذاعة “موزاييك أف أم”، مدة ثلاثة أشهر، واتُّهم بـ “تبييض الأموال” و”التآمر” و”الإرهاب”، بما في ذلك على خلفية تحريض مزعوم ضد الرئيس سعيد.
كما استجوبت الشرطة مؤخرا مسؤولين تنفيذيين في إذاعات خاصة أخرى، بالإضافة إلى “نواة”، موقع إعلامي مستقل.
هذه الحملة تمحو تدريجيا الانتقاد وتنوع الآراء من المشهد الإعلامي التونسي. اختفى تقريبا النقاش السياسي من الموجات الإذاعية. علّق راديو “ابتسامة أف أم” وقناة “قرطاج +” أبرز برامجهما التي شارك فيها الدهماني وبسيس والزغيدي المسجونين، بالإضافة إلى برنامج “90 دقيقة” على ابتسامة أف أم، الذي استجوبت الشرطة مقدمته، خلود مبروك، حول عملها الصحفي في أبريل/نيسان. قالت مبروك إن النهاية المبكرة للبرنامج كانت جزئيا بسبب “الضغط”.
الصحفيون العاملون في وسائل الإعلام العامة يكافحون ضد الرقابة، ومن أجل حماية مهمة خدمتهم العامة، منذ بدأ الرئيس سعيد تطهير قيادتهم في 2021.
عيّنت حكومته قيادة جديدة، بما في ذلك لـ”وكالة تونس أفريقيا للإعلام”، وكالة الأنباء الرسمية في تونس، وأعادت هذه القيادة في بعض الحالات إحياء ممارسات استبدادية قديمة. مثلا، وبحسب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، أمر ناجح الميساوي، المدير العام للوكالة، في 4 يوليو/تموز بمسح خبر انتشر على نطاق واسع حول تقديم مرشح جديد للانتخابات.
يدين الرئيس سعيد بالكثير لحرية الإعلام في تونس، فقد انتُخب هو نفسه بعد مشاركته في المناظرات الرئاسية المتلفزة الأولى على الإطلاق في 2019. تقع على عاتقه هو اليوم مسؤولية ضمان حريات الإعلام، وحرية تدفق المعلومات قبل انتخابات 6 أكتوبر/تشرين الأول.