الأورومتوسطي: الاستهداف الإسرائيلي الممنهج لعمال الإغاثة في غزة يقوض تقديم المساعدات

أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن بالغ قلقه إزاء الاستهداف الإسرائيلي الممنهج والمتكرر ضد العاملين في المجال الإنساني والإغاثي والبعثات الإنسانية في قطاع غزة، الأمر الذي يقوض تقديم المساعدات المنقذة للحياة ويزيد القيود على تخفيف الأزمة الإنسانية المتفاقمة أصلًا في القطاع، بما قد يرتقى إلى جرائم حرب.

وأبرز المرصد الأورومتوسطي أن إسرائيل تستهدف بشكل ممنهج ومستمر العاملين في المجال الإنساني، بمن في ذلك مواطنون فلسطينيون أو أجانب، على مدار أشهر حرب الإبادة الجماعية التي تشنها على قطاع غزة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي، حيث قتلت أكثر من 300 موظف إغاثة، غالبيتهم من موظفي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) في غزة.

وقال المرصد الأورومتوسطي إن الجيش الإسرائيلي يرتكب جرائم مركبة باستهدافه عمال الإغاثة الإنسانية وعناصر تأمين توزيع الإمدادات الغذائية والصحية في قطاع غزة، على الرغم من أنه لا علاقة لهم بأية هياكل حكومية أو أمنية، وهو ما قد يرتبط بتكريس سلاح التجويع ضد المدنيين الفلسطينيين وخطط إحداث الفوضى والفلتان الأمني في قطاع غزة.

وبهذا الصدد، ندد الأورومتوسطي بالهجوم الإسرائيلي الذي استهدف قافلة تابعة لمنظمة الإغاثة الأمريكية للاجئين في الشرق الأدنى (أنيرا) وتسبب بمقتل أربعة من أعضاء فريق حماية محلي من الفلسطينيين في قطاع غزة.

وأوضح الأورومتوسطي أن الهجوم وقع حوالي الساعة 3:35 من مساء يوم الخميس الموافق 29 آب/أغسطس 2024، حين استهدف قصف إسرائيلي مركبة في مقدمة قافلة مساعدات لأنيرا تحمل الطعام والوقود إلى مستشفى الهلال الأحمر الإماراتي، وأدى إلى مقتل أربعة فلسطينيين، هم: “فتحي عميرة العمور”، و”محمد سامي العمور”، و”سائد جهاد العمور”، و”محمد أحمد أبو شريتح”، وهم أعضاء فريق حماية محلي متعاقد مع الشركة الوسيطة مع “أنيرا.”

وكان الجيش الإسرائيلي نشر أنه استهدف مسلحين استولوا على سيارة في مقدمة القافلة وباشروا بقيادتها، لكن تحقيقات الأورومتوسطي الأولية، بما فيها تواصل فريقه الميداني مع ذوي الضحايا ومع أطراف ذات علاقة، بينت أن الضحايا جزء من فريق حماية متعاقد مع شركة (Move One) – مقرها دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة وتمتلك فرعًا لها في غزة- لكن لم يتسن التحقق من ترخيصها للعمل في القطاع، وهي الشركة المسؤولة عن النقل والتأمين لفريق “أنيرا”، وبالتالي كان وجوده الأفراد الضحايا في سياق مهمة عمل لتأمين القافلة.

في الوقت ذاته، انتقد الأورومتوسطي محاولة مؤسسة “أنيرا” التنصل من مسؤوليتها بادعاء أن هؤلاء الأفراد الأربعة لم يتم التحقق منهم مسبقًا أو التنسيق معهم، رغم إقرارها بأنهم جزء من فريق الشركة الوسيطة.

وبخلاف الادعاءات الإسرائيلية أن السيارة الأولى كانت تحمل العديد من الأسلحة، تشير جميع التقارير الأولية من موقع الحادث -وفق بيان أنيرا- إلى عدم وجود أي أسلحة، وأن الأفراد الأربعة لم يشكلوا تهديدًا معاديًا، وأنه تم تنفيذ الغارة الجوية الإسرائيلية دون أي تحذير أو تواصل مسبق.

وحمل الأورومتوسطي قوات الجيش الإسرائيلي المسؤولية عن مقتل أعضاء الحماية المحلي دون أي مبرر، مشيرًا إلى أن إسرائيل باتت تستهدف أي شكل من أشكال الحماية والتأمين في قطاع غزة، حتى لو كانت مدنية، سواء لقوافل المساعدات أو داخل المجتمع، بعد استهدافها الواسع لعناصر الشرطة، ما يشير إلى سعيها إلى نشر حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، وتسهيل عمل المجموعات التي تعمل على السطو على المساعدات.

وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بالتعبير عن مواقف قوية والمطالبة بالتحقيق والمحاسبة على هذه الجريمة، على غرار المواقف القوية بعد القصف الإسرائيلي الذي استهدف مساء 1 أبريل/نيسان الماضي قافلة من ثلاث مركبات تتبع منظمة “وورلد سنترال كيتشن” (WCK)، عندما كانت تسير على الشريط الساحلي مقابل مدينة دير البلح ويط قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل سبعة أشخاص منهم امرأة، هم من أستراليا وبولندا والمملكة المتحدة، وبعضهم لديهم جنسيات مزدوجة من الولايات المتحدة وكندا وفلسطين، ويوجد بينهم سائق فلسطيني، في قصف متلاحق للمركبات نفذته طائرات إسرائيلية مسيرة.

كما طالب المرصد الأورومتوسطي بالتوقف عن ازدواجية المعايير والتمييز في التعامل مع ضحايا الهجوم الإسرائيلي، واتخاذ إجراءات فعالة لإنهاء الحصانة التي تحظى بها إسرائيل وتسمح لها بتكرار جرائمها، والضغط على السلطات الإسرائيلية من أجل وقف هجماتها على عمال الإغاثة ومنظمات نقل وتوزيع الإمدادات الإنسانية لمنع المزيد من تفاقم المجاعة والأوضاع الإنسانية البائسة في قطاع غزة.

ولفت الأورومتوسطي إلى إعلان “برنامج الغذاء العالمي” أنه على الرغم من استمرار العمليات في جميع أنحاء غزة، فقد اضطر إلى تعليق تحركات الموظفين مؤقتًا في أعقاب هجوم إسرائيلي على إحدى قوافله في 28 آب/أغسطس.

وفي الوقت نفسه، يقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنساينة (أوتشا) إن عدد البعثات الإنسانية والتحركات داخل غزة التي رفضت السلطات الإسرائيلية السماح لها بالدخول في آب/أغسطس تضاعف تقريبًا، مقارنة بشهر تموز/يوليو. فمن أصل 199 مهمة إنسانية مخطط لها تم تنسيقها مع السلطات الإسرائيلية لشمال غزة، تم تسهيل 74 مهمة فقط، خلال المدة بين الأول والتاسع والعشرين من هذا الشهر. أما بقية المهمات الإنسانية فهي إما رفضت أو أعيقت أو ألغيت بسبب مشاكل لوجستية أو عملياتية أو أمنية. وفي جنوب غزة، تم تسهيل 173 مهمة فقط من أصل 372 تحركًا إنسانيًّا تم تنسيقه.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أنه ينبغي على السلطات الإسرائيلية ضمان سلامة وأمن جميع عمال الإغاثة في قطاع غزة بموجب التزاماتها بالقانون الإنساني الدولي، ورفع كامل قيودها التي تعرقل الإمدادات الإنسانية لأكثر من 2.2 مليون نسمة في قطاع غزة، بما في ذلك الغذاء والماء والمأوى والصحة.

 

قد يعجبك ايضا