المرصد الأورومتوسطي يحذر من تعطيل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت ما يعلق حقوق آلاف الضحايا
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – رأى المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن إنصاف صحايا انفجار مرفأ بيروت أمرًا بعيد المنال لعدم تحقيق العدالة وتعطيل التحقيقات بشكل وضفه بالمتعمد.
وذكر المرصد الحقوقي في بيان صحافي بالتزامن مع الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت أنّ التحقيقات الرسمية في القضية متوقّفة منذ أكثر من عام ونصف.
وأعزى المرصد الدولي توقف التحقيقات بسبب نفوذ بعض القوى السياسية داخل السلطة، وعرقلة عمل القضاة ورفض التعاطي مع طلبات الاستدعاء والتحقيق الخاصة بالقضية.
وحذر المرصد احتمال التدهور في الاستقرار الاجتماعي والسياسي في لبنان بسبب تعطيل التحقيقات في انفجار بيروت.
وأكد أن هذا التعطيل يعزز من ثقافة الإفلات من العقاب السائدة على نحو واسع في البلاد منذ سنوات.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ بعض القوى السياسية التي ينتمي إليها عدد من الوزراء والنوّاب المشمولين بالقضية تتعمد تعطيل التحقيقات من خلال اتباع أساليب ملتوية.
إذ رفضت جميع الهيئات المعنية -عدا نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس- طلبات الإذن بملاحقة الموظفين الذين يتمتعون بالحصانة؛ ومن ذلك قرار وزير الداخليَّة والبلديَّات رفض إعطاء الإذن بملاحقة المدير العام للأمن العام آنذاك اللواء عباس إبراهيم.
كما رفض مجلس النوَّاب اللبناني البتّ في طلبات إعطاء الإذن بملاحقة عدد من النوَّاب دون الحصول على الأدلَّة التي يستند عليها المحقِّق العدلي.
ورفض رئيس مجلس الوزراء البتّ في طلب إذن ملاحقة المدير العام لجهاز أمن الدولة اللواء أنطوان صليبا.
وعلاوة على ذلك، تم تقديم ما يزيد على 40 طلب رد ودعوى بحق المحقِّق العدلي، والتي هدفت في معظمها إلى كف يد الأخير عن متابعة التحقيق.
هذا إلى جانب عدم القدرة على البتّ في هذه الطلبات لفقدان نصاب الانعقاد في محكمة التمييز إما بسبب تقاعد بعض القضاة أو استقالة آخرين.
وفي إطار عرقلة التحقيقات أيضًا، قدّم بعض الوزراء والنواب المدعى عليهم دعاوى رد بحق القضاة الناظرين بدعوى رد المحقق العدلي، بهدف إضافة مزيد من التعقيد في عملية البت في هذه الطلبات.
كما عطّلت السلطة السياسية، وتحديدًا وزير المالية، قرار تعيين قضاة جدد في محكمة التمييز لعرقلة القدرة على البتّ بطلبات الرد واستكمال التحقيق، وفَشَلَ مجلس النواب في إقرار قوانين تهدف إلى منع تعسّف المدعى عليهم في استخدام طلبات الرد لوقف الملاحقات ضدهم.
هذا بالإضافة إلى عدم إقرار المجلس مقترحات قوانين أخرى تهدف لإسقاط الحصانة عن جميع المسؤولين والموظفين المشمولين بالقضية.
وفي 4 آب/ أغسطس 2020، هزّ انفجار ضخم مرفأ بيروت، وأسفر عن مقتل أكثر من 210 أشخاص وجرح آلاف آخرين، وتشريد أكثر من 300 ألف من السكان، وتضرر نحو 60 ألف وحدة سكنية.
وقال مدير المكتب الإقليمي للمرصد الأورومتوسطي في لبنان “محمد المغبط” إنّ:
“عرقلة السلطات السياسية المتعمدة للتحقيقات في انفجار مرفأ بيروت -مع التحفظ على كون المحكمة الناظرة في هذه القضيَّة محكمة استثنائيَّة تقوِّض الحق في المحاكمة العادلة- تدخل سافر في عمل السلطة القضائيَّة كسلطة مستقلَّة، واستكمال لنشر وتعزيز ثقافة الإفلات من العقاب التي روّجت لها بعض الأحزاب السياسيَّة على مدى العقود الماضيَّة للهروب من المساءلة والمحاسبة”.
وأضاف أنّ
“أهمية سريَّة التحقيق لا يجب أن تؤثر على ضرورة التزام السلطات القضائية بالشفافية، بما يشمل إطلاع الجمهور على تطورات التحقيق بالقدر اللازم من أجل طمأنة الرأي العام والضحايا وذويهم على نحو خاص، وكجزء أساسي من المسار الذي يجب أن يسلكه التحقيق حتى إصدار القرار القضائي النهائي”.
ودعا المرصد الأورومتوسطي مجلس حقوق الإنسان إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية في انفجار مرفأ بيروت، بما يضمن إجراء تحقيقات مستقلة وعادلة، وتحديد ومحاسبة الجناة المحتملين، وتحقيق العدالة للضحايا.
وطالب المرصد الأورومتوسطي السلطات اللبنانية بالكف عن عرقلة التحقيق في انفجار مرفأ بيروت. ودعا إلى التعاون مع الجهات الدولية التي قد تساعد في دفع مسار التحقيق.
وطالب المرصد الحقوقي أيضاً بتقديم كل التسهيلات والدعم اللازم للجهات القضائيَّة لضمان نزاهة وشفافيَّة وعدالة التحقيق وصولاً إلى عدالة المحاكمة، وتحقيقًا لحق اللبنانيِّين في معرفة الحقيقة وتحقيق المساءلة والمحاسبة للجناة المحتملين.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي مجلس النوَّاب اللبناني على إقرار قانون يمنع تعسُّف المدعى عليهم في استخدامهم لطلبات الرد لتعطيل التحقيق.
كما دعا السلطات إلى الالتزام بإصلاح وتعزيز الآليَّات التنظيميَّة للقطاع العام وتعزيز سياسات حماية البيئة والصحة والسلامة لمنع وقوع كوارث مماثلة في المستقبل؛ وحماية وصون حقوق جميع الأشخاص المقيمين في البلاد.