إسرائيل لا تزال تستخدم الجوع سلاحا ضد المدنيين الفلسطينيين
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن إسرائيل أفرغت قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2720) الذي صدر مؤخرا -بشأن توسيع المساعدات الإنسانية إلى غزة- من مضمونه ولا تزال تستخدم الجوع سلاحا ضد المدنيين الفلسطينيين.
وأكد الأورومتوسطي أن إخفاق القرار بسبب مخاوف تجنب استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو)، في الدعوة لوقف فوري للقتال وإيجاد آلية دولية فاعلة لإدخال الإمدادات الإنسانية إلى غزة سرعان ما انعكس على الأرض وجعل القرار فاقدا للفعالية والتأثير.
وبعد نحو أسبوع من صدور قرار مجلس الأمن، ذكر المرصد الأورومتوسطي أن إسرائيل حولت القرار المذكور إلى مجرد حبر على ورق، ولا يزال التجويع الإسرائيلي بلغ مستويات غير مسبوقة ويهدد باتساع رقعة انتشار الأمراض بفعل انعدام الأمن الغذائي.
وكان مجلس الأمن تبني في 22 من كانون الأول/ديسمبر الجاري، قرارا بتأييد 13 عضوا وامتناع الولايات المتحدة وروسيا عن التصويت، حول غزة وإسرائيل، يدعو إلى “اتخاذ خطوات عاجلة للسماح فورا بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسَّع وآمن ودون عوائق ولتهيئة الظروف اللازمة لوقف مستدام للأعمال القتالية”.
وطلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة تعيين “كبير لمنسقي الشؤون الإنسانية وشؤون إعادة الإعمار يكون مسؤولا في غزة عن تيسير وتنسيق ورصد جميع شحنات الإغاثة الإنسانية المتجهة إلى غزة والواردة من الدول التي ليست أطرافا في النزاع، والتحقّق من طابعها الإنساني”.
كما يطلب القرار السرعة بإنشاء “آلية للأمم المتحدة من أجل التعجيل بتوفير شحنات الإغاثة الإنسانية لغزة” عن طريق هذه الدول، بالتشاور مع جميع الأطراف المعنية وبغية تسريع وتيسير وتعجيل عملية توفير المساعدات مع الاستمرار في المساعدة على ضمان وصول المعونة إلى وجهتها المدنية. بالإضافة إلى ذلك، طالب القرار أطراف النزاع بأن تتعاون مع المنسّق للوفاء بولايته “دون تأخير أو عوائق”.
غير أن إحصائيات أولية جمعها المرصد الأورومتوسطي، ترصد تراجعا بمعدل دخول شاحنات الإمدادات الإنسانية إلى قطاع غزة بأقل من 100 شاحنة مقارنة في فترة ما قبل صدور قرار مجلس الأمن، وذلك وسط استمرار فرض إسرائيل قيودا متنوعة على حركة تدفق المساعدات.
كما رصد الأورومتوسطي استمرار قيود إسرائيل الواسعة على إدخال الإمدادات الإنسانية إلى مناطق واسعة في قطاع غزة لا سيما مدينة غزة وشمالها وحصر توزيعها تقريبا على مدينة أقصى جنوب قطاع غزة في وقت تدفع فيه لنزوح إضافي لعشرات آلاف الفلسطينيين إلى المدينة.
ونبه إلى أن الإعلان الإسرائيلي بشأن إعادة تشغيل معبر (كرم أبو سالم) المنفذ التجاري الوحيد مع قطاع غزة، منذ 17 من الشهر الجاري لم يحدث أي تغيير ملموس في حركة إدخال الإمدادات الإنسانية، بل تم استهداف الطواقم المختصة في العمل في المعبر وقتل 4 موظفين حكوميين قبل خمسة أيام.
وقد تم تعليق دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر كرم أبو سالم في الفترة ما بين 25 و28 من الشهر الجاري على خلفية تكرار هجمات إسرائيل ومنعها أي ترتيبات فلسطينية ومن الأمم المتحدة لتنظيم عملية إدخال الشاحنات وضمان بيئة مواتية لذلك.
بموازاة ذلك أعلنت الأمم المتحدة عن تعرض عدة قوافل لإدخال المساعدات الإنسانية لا سيما إلى مدينة غزة وشمالها لحوادث إطلاق نار إسرائيلية أخرها يوم أمس الجمعة، وهو ما ألحق أضرارا بمركبة واحدة على الأقل.
وأبرز المرصد الأورومتوسطي أن إسرائيل تصر على الرغم من قرار مجلس الأمن الدولي وتحذيرات الأمم المتحدة المتكررة، على تكريس سياسة التجويع في قطاع غزة والاستهداف المتعمد لعمال الإغاثة الذين لا ينبغي أن يكونوا هدفا أبدا.
وأشار إلى تحذير لجنة مراجعة المجاعة، التي تم تفعيلها بسبب وجود أدلة تتجاوز المرحلة الخامسة من انعدام الأمن الغذائي الحاد (العتبة الكارثية) في قطاع غزة، من أن خطر المجاعة يتزايد يوميًا وسط صراع مكثف وتقييد وصول المساعدات الإنسانية.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن تنامي خطر المجاعة بين 2.3 مليون نسمة في قطاع غزة يترافق مع تدهور شديدة الخطورة في الصحة والتغذية والأمن الغذائي وتزايد حالة الوفيات بفعل تفشي الأمراض المعدية والنقص الشديد في خدمات الصحة والمياه والصرف الصحي والنظافة.
وشدد على أن وقف إطلاق النار الدائم في قطاع غزة ورفع كافة القيود الإسرائيلية على حركة تدفق الإمدادات الإنسانية بما في ذلك تمكين المجال الإنساني لتقديم المساعدة المتعددة القطاعات هي خطوات أولى حيوية للقضاء على أي خطر للمجاعة.
وكان الأورومتوسطي نشر في 19 من الشهر الجاري نتائج دراسة تحليلية شملت عينة مكونة من 1,200 شخص في غزة أجراها للوقوف على آثار الأزمة الإنسانية التي يعانيها سكان القطاع في خضم حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وأظهرت النتائج أن أكثر من 71% من عينة الدراسة أفادوا بأنهم يعانون من مستويات حادة من الجوع، وأن 98% منهم قالوا إنهم يعانون من عدم كفاية استهلاك الغذاء، بينما أفاد نحو 64% منهم بأنهم يتناولون الحشائش والثمار والطعام غير الناضج والمواد منتهية الصلاحية لسد الجوع.
وعلى وقع الضغوط الدولية، قيدت إسرائيل إدخال إمدادات إنسانية من مصر إلى قطاع غزة عبر معبر رفح البري، واقتصرت على معدل 100 شاحنة يوميًّا، وهي معدلات لا تقارن مع متوسط حمولة 500 شاحنة كانت تدخل لتلبية الاحتياجات الإنسانية إلى القطاع قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وأعاد الأورومتوسطي التذكير بأن القانون الإنساني الدولي يحظر بشكل صارم استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب. وباعتبارها القوة المحتلة في غزة، فإن إسرائيل ملزمة وفقًا للقانون الإنساني الدولي بتوفير احتياجات سكان غزة وحمايتهم.
وينص “نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية” على أن تجويع المدنيين عمدًا “بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية” يرتقي إلى جريمة حرب.
ودعا الأورومتوسطي إلى تحرك دولي حاسم لفرض وقف إطلاق النار في غزة ومنع تدهور الوضع لحياة المدنيين بشكل أكبر عبر إتاحة الوصول العادل وغير المقيد من المواد الأساسية والإغاثية إلى القطاع بأكمله، وإتاحة الإمدادات الضرورية من الغذاء والمياه والإمدادات الطبية والوقود لتلبية احتياجات السكان.