في اليوم العالمي للاجئين: مرصد حقوقي يعلق على أوضاع المهاجرين وطالبي اللجوء في أوروبا
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ اللاجئين وطالبي اللجوء في أوروبا باتوا يواجهون قيودًا وإجراءات غير مسبوقة.
وأكد المرصد أن هذه الاجراءات تسبّبت في تراجع الأوضاع الإنسانية للاجئين وتقلّص فرصهم في الاستقرار والأمان والعيش الكريم.
وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان أصدره في اليوم العالمي للاجئين الذي يوافق 20 يونيو/ حزيران من كل عام، أنّ معاناة اللاجئين وطالبي اللجوء تصاعدت بفعل مجموعة من العوامل.
وذكر المرصد أن من أبرز هذه العوامل: تصاعد انتهاكات الحكومات الأوروبية لحقوقهم، والمشاكل الهيكلية في سياسة الهجرة الأوروبية.
هذا بالإضافة إلى زيادة مستويات النزوح القسري في دول المنشأ، واستمرار تفشي فيروس كورونا في بعض المناطق.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ النتيجة الأولى والمباشرة لسياسات الهجرة الأوروبية، خصوصًا فيما يتعلق بعمليات الصد وغياب الطرق الآمنة لدخول أوروبا، هي زيادة الوفيات من المهاجرين وطالبي اللجوء على الحدود الأوروبية.
بحيث أصبح الهمّ الأكبر للذين يحاولون الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي البقاء على قيد الحياة، بدلًا من آمالهم السابقة في الاستقرار في مكان آمن وبناء حياة طموحة.
وذكّر الأورومتوسطي بحادثة وفاة 12 من طالبي اللجوء في فبراير/شباط الماضي نتيجة التجمّد بسبب الطقس البارد على الحدود التركية. إذ وقعوا ضحايا لعمليات الصد اليونانية غير القانونية، والألعاب السياسية الأوروبية غير الإنسانية.
وقالت “ميكيلا بولييزي” باحثة شؤون اللجوء والهجرة في الأورومتوسطي: “لا يوجد ما يدعى طالب لجوء غير نظامي. الطرق التي أجبرت أوروبا طالبي اللجوء على سلوكها هي فقط غير النظامية”.
وأضافت: “يجب أن تتعلم دول أوروبا من الطريقة التي تعاملت بها مع الحرب الأوكرانية، وتتذكر أنّ أي شخص، في أيّ مكان، يمكن أن يصبح طالب لجوء يحتاج إلى الحماية”.
وتابعت “بولييزي” قائلة: “عليهم أيضًا احترام الخيارات الحرّة للأشخاص، والتي تتعلق بحياتهم، والمكان الذي يرغبون بالذهاب إليه لطلب اللجوء والاستقرار، بدلاً من التركيز فقط على إغلاق الحدود وتشديد قواعد الهجرة واللجوء”.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى تلكؤ المؤسسات الأوروبية في الحفاظ على أرواح المهاجرين وطالبي اللجوء، سواء عند النظر إلى السياسات الأوروبية الخاصة بالهجرة واللجوء، أو الممارسات العنيفة والتمييزية ضد المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين.
وقال إنّ المملكة المتحدة صعّدت خلال المدة الماضية من إجراءاتها الوحشية وغير الإنسانية بهدف الحد من عبور قوارب المهاجرين وطالبي اللجوء قناة “المانش”.
وأكد المرصد أن المملكة المتحدة أبرمت اتفاقًا في أبريل/نيسان الماضي مع حكومة رواندا لنقل طالبي اللجوء إلى أراضي الأخيرة، ما يعني “الاستعانة بمصادر خارجية” للتعامل مع اللجوء.
وحذّر المرصد الحقوقي من ارتفاع وتيرة جهود دول أوروبا للاستعانة بمصادر خارجية للتخلص من مسؤوليتها تجاه طالبي اللجوء.
حيث اقترحت مفوضية الاتحاد الأوروبي في فبراير/شباط المنصرم إبرام اتفاقية مع السنغال لنشر عناصر ومعدات تقنية من “فرونتكس” لمعالجة تهريب البشر، في إطار استراتيجية جديدة لاحتواء الهجرة.
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ مقترحات الاستعانة بجهات خارجية يعزز سباقًا نحو القاع بين حكومات أوروبا.
حيث يُقاس النجاح بخفض عدد الوافدين بدلاً من تقديم أفضل مستوى من الاندماج والرفاهية الجسدية والعقلية للاجئين داخل المجتمع المضيف.
وفي السياق، أشار المرصد الأورومتوسطي إلى تشديد الدنمارك سياساتها المتعلقة بالهجرة، إذ لديها الآن بعض أكثر القواعد تقييدًا في أوروبا، والتي تهدف من خلالها إلى الوصول لـ “صفر طلب لجوء”.
وفي سبتمبر/أيلول، اقترحت الحكومة الدنماركية إجبار اللاجئات على العمل 37 ساعة أسبوعيًا على الأقل مقابل تلقي مزايا الرعاية الاجتماعية.
وهذا ما يرسخ أفكارًا خاطئة وتمييزية بشأن اللاجئين ويحول حقوقهم إلى امتيازات يحتاج اللاجئ للعمل لكسبها واستحقاقها.
وأكدّ أن المشكلة ليست في موارد الحكومات الأوروبية بل في أولوياتها. ففي ديسمبر/كانون الأول 2021، أي خلال فصل الشتاء، أجبرت فرنسا وهولندا وبلجيكا طالبي اللجوء على النوم في العراء.
ويُعامل المهاجرون وطالبو اللجوء في عدد متزايد من الدول الأوروبية كمجرمين وفئران تجارب لاختبار تقنيات مراقبة جديدة وجائرة.
ففي أكتوبر/تشرين الأول، وافق البرلمان السويسري على السماح لأمانة الدولة للهجرة بتفتيش هواتف طالبي اللجوء المحمولة دون موافقة مسبقة أو أي اشتباه في ادعاء كاذب.
هذا الفعل شبيه لما حدث بالفعل في ألمانيا والدنمارك والنرويج. حيث عُومل المهاجرون وطالبو اللجوء ككاذبين حتى يثبت صدقهم.
ويواجه طالبو اللجوء في أوروبا معضلتين حرجتين إضافيتين منذ العام الماضي، وهما أزمة الحدود البيلاروسية والحرب الأوكرانية الروسية.
وذكر الأورومتوسطي أنّ المواجهة السياسية بين بولندا وبيلاروسيا وليتوانيا والاتحاد الأوروبي نفسه تحاصر المهاجرين وطالبي اللجوء بين حدود قاتلة لا يمكن اختراقها.
حيث يُعاملون كرهائن جيوسياسيين، لا سيما على طول الحدود بين بولندا وبيلاروسيا، حيث تفرض الأولى حالة طوارئ غير شرعية منعت من خلالها الجهات الإنسانية الفاعلة من مساعدة المحتاجين في هذه المنطقة.
وبيّن أنّ أزمة اللاجئين الأوكرانيين كشفت عن سياسة أوروبية عنصرية متجذرة تستثني الأعراق غير الأوروبية وتميّز ضدها حتى في خضّم الحرب.
وكمثال صارخ على ذلك، ظل حتى 17 أبريل/نيسان ما لا يقل عن 45 مهاجرًا أسود محاصرين في مركز احتجاز في “زورافيتشي” الأوكرانية التي شهدت عمليات عسكرية قريبة، فقط بسبب وضعهم غير القانوني كمهاجرين وطالبي لجوء.
وأبرز المرصد الأورومتوسطي تغيّر اتجاه البوصلة الأخلاقية والسياسية الأوروبية عند التعامل مع الأوكرانيين الفارين من ديارهم بعد الغزو الروسي في 24 فبراير/شباط الماضي، خصوصًا في الدول التي تقودها حكومات قومية كانت دائمًا مترددة في الترحيب باللاجئين.
وأوضح أنّ أكبر مثالين على هذه المعايير المزدوجة كانا إعفاء الدنمارك اللاجئين الأوكرانيين من “قانون المجوهرات” المثير للجدل، والذي ما يزال مطبقًا على طالبي اللجوء من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وافتتاح عيادات طبية جديدة لعلاج اللاجئين الأوكرانيين على نحو خاص.
كما أدّت الحرب الأوكرانية إلى تفاقم التمييز العنصري الممنهج ضد طالبي اللجوء غير الأوكرانيين في جميع أنحاء أوروبا، خاصة على الحدود بين صربيا والمجر حيث يطبق ما هو أشبه بـ “نظام فصل عنصري”.
ولفت إلى أنّه بينما تقف مفوضية الاتحاد الأوروبي بشكل شرعي إلى جانب اللاجئين الأوكرانيين، ما يزال اللاجئون الآخرون يواجهون قسوة متزايدة، حيث يتعرضون للترهيب والعنف والصد والمنع من التماس الحماية الدولية، مع إفلات تام من العقاب في معظم الأحيان.
وشهد عام 2021 ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد المهاجرين وطالبي اللجوء سواء الذين تمكنوا أو لم يتمكنوا من الوصول إلى أوروبا من خلال البر أو البحر.
حيث بلغ العدد الرسمي للوافدين بحرًا وبرًا إلى دول الخط الأمامي (123,318) شخصًا، فيما بلغ عدد المفقودين خلال محاولات الوصول (3,231) شخصًا، وهو ضعف العدد مقارنة بالعام السابق.
ومنذ مطلع العام حتى 12 يونيو/ حزيران الجاري، بلغ عدد الواصلين لأوروبا (41,140) شخصًا، لكن ما يقرب من (742) شخصًا ماتوا بالفعل أو فُقدوا أثناء محاولتهم الوصول إلى الاتحاد الأوروبي.