استُهداف لسكان درنة واعتقالات بشكل غير قانوني بعد هروب مساجين
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت “هيومن رايتس ووتش” إن جماعة مسلحة مرتبطة بـ “القوات المسلحة العربية الليبية” اعتقلت تعسفا 50 من سكان مدينة درنة على الأقل عقب هروب سجناء يوم 16 يناير/كانون الثاني 2022.
اعتقلت الجماعة المسلحة، “كتيبة طارق بن زياد”، الفارين الخمسة، وجميعهم من درنة، في 20 يناير/كانون الثاني وأعادتهم إلى سجن قرنادة.
يذكر أن سجن قرنادة هو منشأة مشددة الحراسة بالقرب من البيضاء في شرق ليبيا. لكنها استمرت في احتجاز عدد غير معروف من سكان درنة الذين اعتقلوا في أعقاب الهروب، في مكان يُفترض أنه سجن قرنادة.
من بين الأشخاص المحتجزين أقارب السجناء الخمسة الهاربين، وكذلك معتقلون سابقون من درنة وأقاربهم.
قالت هيومن رايتس ووتش: “مجددا، تلجأ قوات القوات المسلحة العربية الليبية غير الخاضعة للمساءلة إلى تكتيكات وحشية. وتفعل ذلك لزرع الخوف والرعب بين سكان درنة.
وأضافت المنظمة: “على سلطات شرق ليبيا أن تفرج دون تأخير عن أي شخص محتجز تعسفا. وأن تكشف عن أسماء وأماكن تواجد أي شخص ما تزال تحتجزه، والأساس القانوني في كل حالة”.
انقسم الحكم في ليبيا بعد أن أدى النزاع في عام 2014 إلى تصدع السلطة المركزية، وظهور سلطات مؤقتة متنافسة في شرق البلاد وغربها.
منذ مارس/آذار 2021، حلّت “حكومة الوحدة الوطنية” التي تتخذ من طرابلس مقرا لها برئاسة عبد الحميد دبيبة، محل هذه السلطات السابقة في الشرق والغرب.
ومع ذلك، فإن العلاقة مع القوات المسلحة العربية الليبية، وهي جماعة مسلحة تحت قيادة خليفة حفتر تسيطر فعليا على شرق ليبيا وأجزاء من الجنوب، ما تزال متوترة.
في 1 مارس/آذار، أيد “مجلس النواب الليبي” إدارة منافسة ثانية، وهي “حكومة الاستقرار الوطني” برئاسة فتحي باشاغا. ومن غير الواضح أين سيكون مقر السلطة الجديدة وما إذا كانت ستعمل بالتوازي مع حكومة الوحدة الوطنية.
سيطرت القوات المسلحة العربية الليبية في فبراير/شباط 2019 على درنة، المدينة التي حاصرتها لمدة ثلاث سنوات بزعم طرد المقاتلين المحليين الذين كانوا يسيطرون عليها.
احتجزت الجماعات المرتبطة بالقوات المسلحة العربية الليبية السكان تعسفيا وأساءت معاملتهم، وتعمدت إلحاق الضرر بالمنازل دون مساءلة. ظل المئات من سكان درنة نازحين في غرب ليبيا، خوفا من الانتقام إذا عادوا.
مكان الهاربين الخمسة الذين أعيد القبض عليهم وحالتهم حاليا غير معروفَين. ومع ذلك، واستنادا إلى ما هو معروف عن الظروف في قرنادة وغيرها من مراكز الاحتجاز التابعة للقوات المسلحة العربية الليبية، هناك أسباب تدعو إلى الخوف من تعرضهم لسوء المعاملة أو نقلهم إلى مكان آخر دون إخطار أسرهم أو محاميهم.
الهاربون الذين أُعيد القبض عليهم هم “أنس عبد العاطي بالليل”، و”أيوب عطية عبد الله الازوي”، و”حمزة محمد العوامي”، و”رمضان مفتاح محمد”، و”نوري أحمد محمد”.
تحدثت هيومن رايتس ووتش مع سكان من درنة، وراجعت مواد على الإنترنت حول عملية الاعتقال التي أعقبت الهروب من السجن. في بعض الحالات، قامت “سَرِية 2020″، وهي وحدة تابعة لكتيبة طارق بن زياد، بضبط واحتجاز أكثر من فرد واحد من الأسرة.
من بين العائلات العوامي، والسرواحي، والغماري، والهنشير، والشاعري، وبالليل، وأبو خطوة، والمحجوب، والفريخ، والجازوي، والنعاس.
احتجاز الأشخاص تعسفا كشكل من أشكال العقاب الجماعي أو في محاولة لإجبار الناس على الكشف عن المعلومات ينتهك حقهم في الحرية والأمن، والحق في الإجراءات القانونية الواجبة.
قال أحد سكان درنة، كانت القوات المسلحة العربية الليبية قد احتجزته سابقا في سجن قرنادة، إن عناصر من سرية 2020 التابعة لكتيبة طارق بن زياد اعتقلوا أفرادا من عائلته في درنة بعد الهروب من السجن، واحتجزوهم في قرنادة، ثم أفرجوا عنهم.
قال السجين السابق، الذي تحدث شرط عدم الكشف عن هويته خوفا من الانتقام منه ومن عائلته: “لم يكن لأقاربي أي علاقة على الإطلاق بمحاولة الهروب الأخيرة، ومع ذلك تم احتجازهم لعدة أيام وضربهم. لم يتهموا بارتكاب أي مخالفات ولم توجه إليهم أي تهم”.
قال إنه احتُجز لعدة سنوات قبل تبرئته من جميع التهم الموجهة إليه والإفراج عنه. وقال إنه في أعقاب محاولات الهروب السابقة، كان الحراس يستخدمون العقاب الجماعي، مثل ضرب المحتجزين الذين لا علاقة لهم بالهروب، أو إزالة الخبز من الوجبات، التي كانت أصلا ذات نوعية رديئة.
قال: “في قرنادة، يمكن أن تتعرض للتعذيب لأبسط شيء. إذا وجدوا نصف سيجارة، فقد ينتهي بك الأمر بتعليقك من أطرافك وضربك بشراسة بأنبوب بلاستيكي. هل يمكنك أن تتخيل ما سيفعلونه بشخص حاول الهروب؟ الحراس هناك يعذِّبون تلقائيا”.
قال إنه لم يُسمح له برؤية عائلته لأكثر من عام أثناء وجوده في السجن: “قضيت أكثر من عام في الحبس الانفرادي، وتم ضربي. ما تزال لدي علامات تعذيب. شاهدت العديد ممن تعرضوا للتعذيب. وتعرض رجل كان عمره 84 عاما في ذلك الوقت للتعذيب عدة مرات”.
قال هو وناشط آخر إن المحتجزين المفرج عنهم من درنة غالبا ما يظلون تحت قيود أمنية مشددة تجبرهم فعليا على البقاء في درنة، مثل مطالبتهم بتسجيل الحضور بانتظام، حتى لو تمت تبرئتهم من جميع التهم.
قال صفوان المسوري، عضو “المجلس الأعلى للدولة”، وهو هيئة استشارية للحكومة بموجب الاتفاق السياسي الليبي لعام 2015، والمسؤول الوحيد الذي رد على مزاعم الاعتقالات الجماعية في درنة، في بيان إن هناك تكثيف للتعذيب في سجن قرنادة بعد الهروب من السجن، وحث السلطات الحكومية على التدخل.
يُحتجز الآلاف في سجون تديرها القوات المسلحة العربية الليبية في شرق ليبيا، بينهم أشخاص متهمون بارتكاب جرائم في المناطق الخاضعة لسيطرتها ومعارضون سياسيون.
ينقسم مجمع سجن قرنادة إلى قسم تُديره وزارة العدل، الخاضعة شكليا لإشراف حكومة الوحدة الوطنية؛ وآخر تديره الشرطة العسكرية للقوات المسلحة العربية الليبية؛ ومنشأة ثالثة أنشئت حديثا، تديرها سرية 2020 التابعة للقوات المسلحة العربية الليبية، برئاسة محمد بن إدريس التاجوري، وقت الهروب.
التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في سجون الشرطة العسكرية وكتيبة طارق بن زياد في قرنادة أمر شائع. قال سجين سابق لـ هيومن رايتس واتش إن من بين الضحايا أطفالا، فضلا عن صحفيين، ونشطاء تحدثوا إلى محتجزين أفرج عنهم.
وجدت هيومن رايتس ووتش أن الانتهاكات كانت منهجية عندما زارت قرنادة في 2015، رغم أنه في ذلك الوقت لم يكن هناك جناح تُديره كتيبة طارق بن زياد.
تُسيطر القوات المسلحة العربية الليبية بإحكام على الأمن والولوج إلى درنة، وكان السكان، خوفا من الانتقام، مترددين في التحدث مع هيومن رايتس ووتش عن اعتقال أقاربهم، واحتجازهم، وإساءة معاملتهم.
بينما يُحتجز معظم المحتجزين من درنة في سجن قرنادة، قال نشطاء إن القوات المسلحة العربية الليبية نقلت بعضهم إلى سجون أخرى في المناطق التي تُسيطر عليها في شرق ليبيا، بما في ذلك سجن تابع لمديرية أمن المرج المعروف باسم “سجن الرَخ”، ومنشأة في قاعدة الدشم العسكرية في سيدي فريج في بنغازي.
ينص القانون الدولي لحقوق الإنسان على أنه لا يمكن احتجاز أي شخص إلا وفقا للقانون ومن قبل أشخاص يجيز لهم القانون احتجاز السجناء، وأنه ينبغي عرض كل محتجز على وجه السرعة على سلطة قضائية.
كما تُلزم “اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة” ليبيا بالتحقيق مع جميع المسؤولين عن التعذيب على أراضيها ومقاضاتهم.
بعض الجرائم، عندما تُرتكب على نطاق واسع أو منهجي كجزء من سياسة دولة أو منظمة لارتكاب الجريمة، يمكن أن تشكل جرائم ضد الإنسانية أثناء النزاع أو السلم. وتشمل هذه الجرائم التعذيب والاحتجاز التعسفي.
لدى “المحكمة الجنائية الدولية” ولاية التحقيق في جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية في ليبيا منذ فبراير/شباط 2011، لكنها لم تُعلن عن أي تحقيقات جديدة منذ عام 2017.
من المتوقع أن تقدم “البعثة المستقلة لتقصي الحقائق”، التي أنشأها “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة” في يونيو/حزيران 2020 والمكلفة بالتحقيق في انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني المرتكبة في البلاد منذ 2016، تقريرا نهائيا بعد انتهاء ولايتها في يونيو/حزيران 2022.
قال “غولدستين”: “ينبغي التصدي للجرائم الخطيرة المتفشية في ليبيا، مثل الاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة، على أقل تقدير، لتوجيه رسالة واضحة إلى الجماعات المسلحة مفادها أنها لا تستطيع الاستفادة من الإفلات من العقاب إلى الأبد”.