أمين عام الأمم المتحدة يحث على إصلاح النظام المالي الدولي لدعم باكستان بعد الفيضانات
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – تستمر الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لتشجيع المجتمع الدولي على الوقوف إلى جانب باكستان بعد الفيضانات المميتة التي شهدتها البلاد الصيف الماضي.
وذلك عبر مؤتمر عقدت الأمم المتحدة أمس الاثنين في مدينة جنيف السويسرية حول دعم البلاد لجعلها “مقاومة للمناخ”.
وفي كلمته أمام الحضور، أكد الأمين العام للأمم المتحدة على ضرورة إجراء إصلاحات جذرية للنظام المالي العالمي لصالح الدول النامية.
وقال أنطونيو غوتيريش إن على المشككين في الخسائر والأضرار التي تتكبدها هذه الدول نتيجة تغير المناخ أن يذهبوا إلى باكستان.
وأضاف: “هناك خسارة. هناك أضرار. الدمار الذي أحدثه تغير المناخ حقيقي. من الفيضانات والجفاف إلى الأعاصير والسيول. وكالعادة، فإن البلدان الأقل مسؤولية (عن تغير المناخ) هي أول من يعاني”.
وقد تضرر أكثر من 33 مليون شخص من الفيضانات في مقاطعتي السند وبلوشستان، جراء الفيضانات التي يعتبرها الكثيرون أكبر كارثة مناخية في تاريخ باكستان.
وحتى اليوم، بعد مرور أشهر على حالة الطوارئ الأولية، لم تنحسر مياه الفيضانات بشكل كامل ولم تنته الكارثة.
فقد أجبر حوالي ثمانية ملايين شخص على الفرار من منازلهم بسبب ارتفاع منسوب المياه، التي أودت بحياة أكثر من 1700 شخص.
تم تدمير أكثر من 2.2 مليون منزل بالإضافة إلى 13 في المائة من المرافق الصحية، و4.4 مليون فدان من المحاصيل، وأكثر من 8000 كيلومتر من الطرق، وغيرها من البنى التحتية الحيوية، بما في ذلك حوالي 440 جسراً.
وقال الأمين العام إن تكلفة مساعدة المجتمعات المتضررة بسبب هذه الأمطار الموسمية غير المسبوقة في باكستان، التي بدأت في حزيران /يونيو الماضي، “ستتجاوز 16 مليار دولار، وستكون هناك حاجة إلى المزيد على المدى الطويل.
أكد غوتيريش على أهمية مساعدة البلدان النامية مثل باكستان في أن تصبح أكثر مرونة في مواجهة تأثيرات تغير المناخ.
وشدد على أن النظام المصرفي الدولي بحاجة إلى إصلاح لتصحيح ما وصفه بالخطأ الجوهري الذي يعتريه. وأضاف: “أن باكستان تقع ضحية مضاعفة لفوضى المناخ والنظام المالي العالمي المفلس أخلاقياً”.
وأوضح قائلاُ: “هذا النظام يحرم باستمرار البلدان متوسطة الدخل من تخفيف أعباء الديون والتمويل الميسر اللازم للاستثمار في المرونة في مواجهة الكوارث الطبيعية”.
وأردف غوتيريش مستنتجاً: “لذا فنحن بحاجة إلى طرق إبداعية لتمكين البلدان النامية من الوصول إلى تخفيف أعباء الديون والتمويل الميسر عندما تكون في أمس الحاجة إليها”.
من جانبه، أوضح رئيس الوزراء الباكستاني، محمد شهباز شريف، سبب احتياج بلاده للتضامن الدولي الآن أكثر من أي وقت مضى.
وقال: “علينا استعادة المستقبل إلى 33 مليون شخص تأثروا بشدة بالفيضانات. يجب أن تنهض عائلاتهم وأن تعود إلى الحياة وتكسب رزقها”.
قال المستشار الفيدرالي للشؤون الخارجية في سويسرا، البلد المضيف للمؤتمر، إجنازيو كاسيس، إن دعم البلدان التي تأثرت بالكوارث الطبيعية منطقي.
وأضاف: “اليوم، أنتم في باكستان بحاجة إلى المساعدة، ولكن غداً، قد نكون نحن جميعا [من يحتاج المساعدة]”.
وقال أيضاً: “هناك شيء واحد مؤكد: لا أحد منا آمن. نشعر جميعاً بالقلق إزاء تغير المناخ، وهو تهديد عالمي يتطلب استجابة عالمية”.
مردداً هذا النداء من أجل التضامن بين الدول، انضم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المؤتمر عبر رابط الفيديو ليعلن أن فرنسا قد تعهدت بمبلغ 360 مليون يورو “للاستجابة لتحدي إعادة بناء القدرة على الصمود والتكيف مع المناخ”.
ولكن الرئيس الفرنسي أشار أيضاً إلى أنه تم تقديم 30 في المائة فقط من نداءات التمويل الطارئة للأمم المتحدة، في الوقت الذي تنخفض فيه درجات الحرارة مع قدوم فصل الشتاء.
من جهته، سلط مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أخيم شتاينر، الضوء على حجم التهديد العالمي الذي يشكله تغير المناخ وأهمية الحاجة إلى إيجاد التمويل اللازم لتكيف البلدان النامية.
وقال: “انظر إلى الشرق، في أستراليا تقع فيضانات هائلة؛ انظر إلى الغرب، في كاليفورنيا تحدث أنماط طقس قاسية، وانظر إلى أوروبا، حيث يتساءل الناس عما حدث للثلوج في الشتاء. نحن نعيش في أوقات متغيرة للغاية”.
بالتوازي مع المؤتمر الذي انعقد في جنيف، سلطت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) الضوء على التكلفة البشرية المستمرة لحالة الطوارئ في باكستان.
وفي بيان لها، قالت المنظمة إن “ما يصل إلى أربعة ملايين طفل ما زالوا يعيشون بالقرب من مياه الفيضانات الراكدة والملوثة، مما يعرض حياتهم ورفاههم للخطر”.
وأشارت اليونيسف إلى “الارتفاع الشديد” في حالات التهاب الجهاز التنفسي الحاد في المناطق المتضررة من الفيضانات.
في حين تضاعف تقريباً عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم في نفس المناطق بين شهري تموز /يوليو وكانون الأول /ديسمبر من العام الماضي، مقارنة بعام 2021، مما جعل حوالي 1.5 مليون يافع بحاجة إلى تدخلات تغذوية حيوية.
ودعت اليونيسف المجتمع الدولي إلى تقديم مساعدات إنسانية إضافية على وجه السرعة، وضمان توفير التمويل اللازم في الوقت المناسب لإنقاذ الأرواح “قبل فوات الأوان”.
وحثت المنظمة البلدان على إعطاء الأولوية لاحتياجات الأطفال الفورية وطويلة الأمد، بما فيها خدمات الرعاية الصحية والتغذية والتعلم والحماية والنظافة والصرف الصحي.
في حديثه إلى المراسلين الصحفيين عقب الاجتماع، قال الأمين العام إنه رأى المرونة التي كانت محور المؤتمر “مراراً وتكراراً من نساء ورجال باكستان” حيث عانوا من “ويلات الكوارث الطبيعية والإرهاب” ودعموا ملايين اللاجئين الأفغان الذين يعيشون حالياً في بلدهم.
قال غوتيريش إنه: “محبط للغاية لأن قادة العالم لا يعطون مسألة الموت والحياة الطارئة هذه ما تتطلبه من عمل واستثمار، لأن الكلمات لا تكفي. فمن دون عمل، ستأتي كارثة المناخ علينا جميعا”.
وقال رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف، الذي انضم إليه في المؤتمر الصحفي، إن بلاده بحاجة إلى ثمانية مليارات دولار من حلفائها الدوليين في السنوات الثلاث المقبلة للتعافي من الفيضانات المدمرة.
وقال: “لم أر طوال حياتي هذا النوع من الدمار الذي لم يشل اقتصادنا فحسب، بل شكل تحدياً لا تستطيع باكستان أن تتكبد مواجهته وحدها”، حيث وصلت الخسائر الاقتصادية إلى 30 مليار دولار.
وأكد شريف أن التمويل سيتم إنفاقه “بأكثر الطرق شفافية”، وأضاف: “لقد قمت بوضع آليات للتحقق من طرف ثالث، بحيث يتم احتساب كل قرش واستثماره لمصلحة الناس المحتاجين والعاجزين الذين تضرروا بشدة من جراء هذه الفيضانات العارمة”.