الفلسطينيّون في الإمارات في عين العاصفة بعد إعلان اتفاق التطبيع مع إسرائيل
اشار المرصد الأورو متوسطي بخصوص بما يتعلق بقضية التطبيع بين الامارات واسرائيل، لأن مغرّدون إماراتيّون موالون للدولة حرصوا على الترويج للتطبيع وتعزيزه من خلال مدح إسرائيل والثّناء على سياستها وديمقراطيتها من جهة، ومهاجمة الفلسطينيين من جهة أخرى.
لكنّ أكثر ما يثير القلق هو أنّ تصنّف السلطات الإماراتية الانتقادات الموجهة لإعلان التطبيع على أنّها “إهانة وازدراء” للقيادة الإماراتية، ومن ثم تجريم هذه الانتقادات باعتبارها جريمة تستوجب عقوبات مغلظة.
وفي سياق ذلك، روّجت بعض الشخصيات الإماراتية ذات النفوذ لتطبيقٍ هاتفي يمكن للإماراتيين من خلاله إبلاغ مكتب المدعي العام مباشرًة عن كل من ينتقد الاتفاقية.
وأشار المرصد الأورومتوسطي أنه على مدار السنوات السابقة، دأبت السلطات في الإمارات على اعتقال وإدانة جميع الناشطين والأكاديميين الذي ينشرون آراءهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي بالكاد تتضمن انتقادات للدولة فيما يخص وضع حقوق الانسان. وكان من أبرز هؤلاء المعتقلين البروفيسور ناصر غيث، والأستاذ أحمد منصور، واللذان عوقبا بأحكام جائرة تعسفية في محاكمات شكلية.
وبالمثل، تتعامل السلطات في الإمارات مع كل من يتضامن مع القضية الفلسطينية وينتقد السياسة الخارجية للإمارات على أنّه معادٍ للدولة، وتضمه إلى القائمة السوداء.
ونظر المرصد إلى خطورة القيود المشدّدة على حرية الرأي والتعبير في البلاد سواء على المواطنين أو المقيمين، فإنّ الفلسطينيين في الإمارات يعيشون -بعد اتفاق التطبيع- في عين العاصفة، ويخشون على أنفسهم من أن تفسّر السلطات أي رأي لهم، أو أيّ إجراء يتخذونه على أنّه ضد الدولة وقراراتها السيادية، وبالتالي استهدافهم بعدة إجراءات قد يكون أيسرها الترحيل.
ويقدّر عدد الفلسطينيين في الإمارات بنحو 400 ألف فلسطيني، يعيش كثير منهم فيها منذ عشرات السنوات، وساهموا بشكل كبير في نهضتها وتنميتها، وظهورها بمستوى تطورها الحالي.
وبالعودة إلى الوضع الحالي لمئات آلاف الفلسطينيين في الإمارات، فإنهم يخشون -مع استعار الحملة الحالية ضد كل معارضي التطبيع- من التعرض للاعتقال التعسفي، أو الإخفاء القسري، أو الترحيل الفوري من البلاد دون إشعار مسبق.
هذه الإجراءات ليست بعيدة التطبيق، لا سيما أنّ المغردين الإماراتيين الموالين للدولة يدعون بشكل مستمر للإبلاغ عن منتقدي التطبيع أو حتى منتقدي إسرائيل، مع التركيز على استهداف الفلسطينيين بشكل خاص وعلني.
يدعم ذلك سجّل طويل للسلطات الإماراتية في التضييق على الفلسطينيين في البلاد. فعلى سبيل المثال، رحّلت الحكومة الإماراتية في عام 2010 أعدادًا كبيرة من الفلسطينيين، معظمهم من قطاع غزة، دون إشعار مسبق أو حتى تبرير مناسب. فقد المبعدون حينها وظائفهم ومنازلهم وحتى رواتبهم ومكافآت نهاية الخدمة.
وباستخدام المراقبة الشديدة والقرارات التعسفية، يُبقي النظام الإماراتي على حالة من الرعب بين الفلسطينيّين الذين يعيشون في البلاد، لتترسخ لديهم قناعة تامة أنّ التعبير عن الرأي سيجعلهم فريسة سهلة للسلطات الإماراتية لاتخاذ عقوبات صارمة بحقهم.
بالنسبة للعرب، فإنّ دولة الإمارات العربية المتحدة هي أرض الفرص، ولكن بالمقابل، لطالما رأى الفلسطينيون في هذه الفرص رمالًا متحركة، واليوم وأكثر من أي وقت مضى، فإنّ الوجود في أرض الفرص بالنسبة للفلسطينيين أصبح مكلفًا بشكل غير مسبوق.
أمام هذه الأخطار، يصعب مطالبة الدول العربية بالتحرك لأنّ الواقع العربي لا يشجّع أصلًا على مطالبة كهذه. أمّا المجتمع الدولي فعليه أن يزن تلك المخاطر بميزان الإنسانية لا ميزان السياسة والمصالح، وأن يتحرك ليضمن عدم تعزيز اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي لانتهاكات حقوق الإنسان سواء داخل الإمارات أو خارجها.