تصاعد استهداف إسرائيل للصحافيين الفلسطينيين في غزة
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن إسرائيل جعلت من الصحافيين الفلسطينيين هدفًا رئيسًا وارتكبت بحقهم سلسلة جرائم متعددة منذ بدء هجومها العسكري وجريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة في السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.
وأكد الأورومتوسطي في بيان صحافي أن إسرائيل مسؤولة عن جرائم وانتهاكات جسيمة ضدالصحافيين، بما يخالف القانون الدولي وقواعد الحروب ويتناقض مع التزامات حماية الصحافيين وعدم عرقلة عملهم في نقل الحقيقة وصورة الواقع في الميدان.
وأبرز الأورومتوسطي أن الصحافيين الفلسطينيين يتعرضون لجرائم القتل العمد والاستهداف المباشر والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، في كثير من الأحيان مع عائلاتهم، إلى جانب تدمير مقار عملهم وحرمانهم من إدخال المعدات اللازمة لعملهم، فضلًاعن التحريض العلني ضدهم والتهديد المباشر من أجل ثنيهم عن مواصلة عملهم.
وأظهر توثيق المرصد الأورومتوسطي أن إسرائيل قتلت نحو 150 صحافيًّا فلسطينيًّا في قطاع غزة منذ بدء هجومها العسكري واسع النطاق، واستهدفتهم سواء خلال عملهم وهم يرتدون ستراتهم الصحافية الخاصة في الميدان، أو داخل مقار عملهم، أو في خيام صحافيّة أُقيمت بالقرب من المستشفيات لتيسير التغطية الإعلامية، أو مع أسرهم في منازلهم التي جرى تدميرها فوق رؤوسهم.
بموازاة ذلك، تعرض صحافيون للاعتقال التعسفي وجرائم التعذيب والمعاملة اللاإنسانية خلال العملية البرية للجيش الإسرائيلي، وجرى الإفراج عن بعضهم، فيما ما يزال آخرون قيد الاعتقال والإخفاءالقسري ولا يعرف مصيرهم، حيث حُرموا من أي فرصة للحصول على تمثيل قانوني وضمان معاملتهم معاملة إنسانية، ومن هؤلاء؛ “نضال الوحيدي”، و”هيثم عبد الواحد”، و”عماد الإفرنجي”، و”أحمد عبد العال”، وشقيقه “خضر عبد العال”، وغيرهم.
وأصيب عشرات آخرون من الصحافيين بجروح مختلفة في هجمات جوية ومدفعية وعمليات إطلاق نار إسرائيلية مباشرة، وبعضهم عانى من جروح خطيرة، ومنهم من تعرضوا لحالات بتر في الأطراف، في وقت تعرضت الغالبية العظمى من المقار الصحافية في قطاع غزة للتدمير المتعمد بشكل كلي أو جزئي وخرجت عن الخدمة، بينما تعطل نظام بث الغالبية العظمى للمحطات الإذاعية الـ 24 في قطاع غزة بسبب القصف المتواصل أو بسبب منع إدخال الوقود إلى القطاع.
فضلًا عن ذلك، عمدت إسرائيل إلى التضييق على القنوات الفضائية العاملة في الأراضي الفلسطينية على خلفية تغطيتها الصحافية، وكان من بين ذلكإيقاف عمل شبكة الجزيرة وشبكة الميادين الإعلامية في فلسطين.
ونبه المرصد الأورومتوسطي إلى ترافق الاستهداف الإسرائيلي المنهجي للصحافيين الفلسطينيين في قطاع غزة مع تحريض علني مستمر ضدهم من قبل وزراء ومسؤولين إسرائيليين وحسابات إسرائيلية رسمية عبر نشر تقارير تدفع لمحاولة التشكيك بنزاهة وحيادية بعضهم، وتلفيق اتهامات غير مثبتةلهم بالانتماء لفصائل فلسطينية دون دليل ، فضلًاعن الزعم بأنهم كانوا على علم مسبق بالعملية العسكرية التي شنتها بعض الفصائل الفلسطينية في منطقة غلاف غزة في 7 أكتوبر/تشرين أولالماضي.
وأشار كذلك إلى أن الجيش الإسرائيلي دأب على توجيه تهديدات مباشرة للصحافيين عبر اتصالات مباشرة بهم أو بوسائل أخرى من أجل التوقف عن عملهم لتجنب استهدافهم.
وقال المصور الصحافي “محمود برجس شلحة” لفريق الأورومتوسطي إنه تلقى قبل أيام اتصالًاهاتفيًّا من “رقم خاص”، ولدى إجابته أخبره المتصل بلغة عربية ضعيفة بأنه من الجيش الإسرائيلي وأن عليه “التوقف عن التصوير تمامًا” مع توجيه شتائم بذيئة إليه قبل أن يغلق المكالمة من دون منحه أي فرصة للحديث.
من جهة أخرى، تواصل إسرائيل منذ بدء هجومها العسكري على قطاع غزة منع الصحافيين وممثلي وسائل الإعلام الدولية من الدخول إلى القطاع، باستثناء عدد قليل ممن سُمح لهم بمرافقة القوات العسكرية الإسرائيلية خلال عملياتها البرية وبشروط معينة تتضمن عدم تخطي المناطق التي تأذن لهم تلك القوات بتغطيتها.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن استهداف الصحافيين يندرج ضمن جرائم الحرب وينتهك القانون الدولي وكذلك قراري مجلس الأمن الدولي 2015/2222 و2006/1738 اللذين يدينان الهجمات الدولية على الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام في حالات النزاع المسلح. كما أن المادة 79 من الملحق (البروتوكول) الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف 1977، قد شددت على وجوب إيلاء حماية الصحفيين بصفتهم أشخاصاً مدنيين الذي يباشرون أعمالهم في مناطق المنازعات المسلحة.
ودعا المرصد الأورومتوسطي إلى فتح تحقق دولي شامل في الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي بحق الصحافيين في غزة، واتخاذ إجراءات فورية بما يُفضي إلى محاسبة المتورطين وتعويض الضحايا، والضغط على إسرائيل من أجل وقف الاستهداف المباشر والقتل العمد للصحافيين وحماية عملهم وتمكينهم من أداء رسالتهم ونشر الحقيقة، وكذلك السماح للصحافيين الدوليين وطواقم الوكالات الإخبارية الدولية بالدخول والعمل في قطاع غزة دون قيود أو شروط، مع ضمان سلامتهم.
وشدد الأورومتوسطي على أن القانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي الدولي يحظران بشكل صارم الهجمات المباشرة على المدنيين والهجمات العشوائية، ويعتبرانها جرائم حرب. كما تعتبر هذه الهجمات من قبيل جرائم ضد الإنسانية متى ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد مجموعة من السكان المدنيين، كما يحدث الآن في قطاع غزة، كما تشكل هذه الهجمات جزءًا من أفعال جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل ضد سكان قطاع غزة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.