الغسيل الرياضي: استغلال الأحداث الرياضية لتلميع صورة الحكومة السعودية
تضحي كرة القدم الأوروبية، التي تعاني من الديون، بنفسها لتصبح أداة دعائية للحكومة السعودية، وذلك يعزز رؤية الحكومة السعودية بأن مكانتها العالمية لن تتأثر بسبب انتهاكاتها الصارخة لحقوق الإنسان – طالما استمرت في استثمارها في الأحداث التي تشتت انتباهنا عن تلك الانتهاكات.
يُعرف هذا النوع من الاستراتيجية الرياضية بـ “الغسيل الرياضي”. حيث يتم تلميع صورة حكومة معينة من خلال استضافتها للأحداث الرياضية الكبرى التي تجذب اهتمامًا إعلاميًا إيجابيًا واسع النطاق، بهدف صرف الانتباه عن الانتهاكات التي ترتكبها تلك الحكومة. وقد قامت السعودية بتبني هذه الاستراتيجية لسنوات، وتعتزم استمرارها فيها.
في الآونة الأخيرة، استضافت المملكة كأس السوبر الإسبانية لكرة القدم للرجال، على الرغم من التحذيرات الموجهة إلى مجتمع الميم-عين ومشجعين آخرين لفريق زائر، وهي على وشك استضافة كأس السوبر الإيطالية أيضًا. إن هذين الحدثين مجرد مثالين على العديد من الأحداث الرياضية وغير الرياضية التي تستضيفها السعودية ضمن رؤيتها لعام 2030، والتي تعتبر برنامجًا بتكلفة مليارات الدولارات يدعمه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بهدف تنويع اقتصاد البلاد وإعادة بناء سمعتها.
في شهر مايو/أيار، أصدر مدافعون عن حقوق الإنسان، ونشطاء، ومثقفون سعوديون “الرؤية الشعبية للإصلاح في المملكة العربية السعودية”، وهي وثيقة توضح سلسلة من المبادئ والإصلاحات التي يجب أن تكون أساسًا لبناء دولة سعودية تحترم حقوق الإنسان. وتضمنت مطالبهم الإفراج عن جميع السجناء السياسيين، واحترام حق الحرية في التعبير وتكوين الجمعيات، وتعزيز حقوق المرأة والوافدين والأقليات الدينية، وإلغاء التعذيب وعقوبة الإعدام، وإصلاح نظام العدالة، وإعادة توزيلثروات البلاد.
ومع ذلك، بدلاً من الامتثال لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان وبدء حوار مع الأطراف المعنية في المجتمع المدني، قمعت السلطات السعودية جميع أشكال المعارضة واختارت استثمار مواردها في حملاتها الرياضية والفعاليات الأخرى التي تسهم في تنظيف سمعتها. وعلى الرغم من أنها بالفعل حصلت على حقوق استضافة معرض “إكسبو 2030” و”دورة الألعاب الآسيوية 2034″، قد تحصل الحكومة السعودية في المستقبل القريب على حقوق استضافة كأس العالم لكرة القدم للرجال في عام 2034، وكأس العالم للنساء في عام 2035 – وهو أمر مدهش بالنظر إلى المعاملة التي يتلقاها النساء في المملكة.
تتحمل كرة القدم الأوروبية، التي تعاني من أزمة مالية، المخاطر من أجل أن تصبح أداة في يد الدعاية السعودية، مما يعزز الاعتقاد لدى الحكومة السعودية بأن مكانتها على المستوى العالمي لن تتأثر بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها – طالما استمرت في الاستثمار في الأحداث التي تشتت انتباهنا عن هذه الانتهاكات.