حكم دولي يدين سياسات إسرائيل بالفصل العنصري

يمثل الرأي الاستشاري الذي أصدرته “محكمة العدل الدولية” في يوليو/تموز بشأن العواقب القانونية لسياسات وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة قراراً تاريخياً. فهو يقدم نتائج مقنعة من الناحيتين القانونية والأخلاقية، ويحدد التزامات دولية على جميع الدول، وكذلك على “الأمم المتحدة”. وتتعلق اثنتان من استنتاجاته البارزة بمسألتي الفصل العنصري والتعويضات.

 

أشارت المحكمة إلى أن التدابير التي تتخذها إسرائيل في “الضفة الغربية”، والتي تفرض الفصل بين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين وتكرس هذا الفصل، تعد انتهاكاً للمادة 3 من معاهدة الأمم المتحدة التي تحظر التمييز العنصري. تنص المادة 3 على أن الحكومات ملزمة بمنع وحظر واستئصال جميع أشكال العزل والفصل العنصري.

 

رغم أن صياغة المحكمة جاءت كتسوية تركز على الفصل فقط، إلا أن هذا يؤدي إلى تحميل إسرائيل مسؤولية عن الفصل العنصري. وقد أوضح عدد من القضاة هذا الأمر في تصريحاتهم المنفصلة، من بينهم رئيس المحكمة نواف سلام والقاضي الجنوب أفريقي ديري تلادي. وقد اختلف اثنان من القضاة الـ15 مع هذا الرأي، حيث رأى القاضي جورج نولتي أن إثبات النية في الفصل العنصري أمر بالغ الصعوبة، وأن المحكمة كان ينبغي أن تتجنب الوصول إلى هذا الاستنتاج.

 

لم يتطرق رأي المحكمة إلى الجانب الجنائي من الفصل العنصري، بل ركز على اعتباره انتهاكاً لحقوق الإنسان. إلا أن القاضي سلام في رأيه المنفصل أوضح تعريف الفصل العنصري كجريمة، وناقش استنتاجات العديد من فقهاء القانون والمنظمات، مثل “هيومن رايتس ووتش”، التي تشير إلى أن إسرائيل مسؤولة عن هذه الجريمة ضد الإنسانية.

 

ينبغي للهيئات القضائية الجنائية ذات الصلة، بما في ذلك المدعي العام لـ “المحكمة الجنائية الدولية”، دراسة تحليل القاضي سلام لهذه الجريمة، لأنه يضع الإطار القانوني للتحقيق في الفصل العنصري. كما يساهم قرار محكمة العدل الدولية في توجيه النقاشات حول الفصل العنصري ضد الفلسطينيين نحو التعريف القانوني للفصل العنصري، بدلاً من التركيز فقط على الحالة التاريخية لجنوب أفريقيا.

 

ومن النتائج البارزة الأخرى قرار المحكمة الواضح بشأن التعويضات. حيث أكدت المحكمة أن على إسرائيل إعادة الأراضي والممتلكات التي استولت عليها منذ بدء الاحتلال عام 1967، وإجلاء جميع المستوطنين، والسماح بعودة جميع الفلسطينيين النازحين إلى أماكن إقامتهم الأصلية. كما يجب على إسرائيل تعويض كل من تعرض لأضرار مادية نتيجة لأفعالها غير القانونية خلال الاحتلال. ودعت المحكمة المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى الاستجابة الفورية لهذه التوصيات، بما في ذلك إنشاء آلية دولية للتعويض، كما اقترح تلادي ودعت الجمعية العامة للأمم المتحدة.

قد يعجبك ايضا