الأورومتوسطي وصحافيون من أجل حقوق الإنسان يوثّقان انتهاكات غير مسبوقة ضد الصحافة في تونس
حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومنظمة صحافيون من أجل حقوق الإنسان من تصاعد وتيرة الاعتداء على العمل الصحافي في تونس.
وذلك منذ إعلان الرئيس قيس سعيد عن الإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو/ تموز 2021. حيث تم تعطيل جزء كبير من نصوص الدستور التي تصون الحقوق والحرّيات.
ونشرت المنظمتان اليوم الثلاثاء تقريرًا مشتركًا بعنوان “البث تحت وطأة الخوف”، وثّقتا فيه تعرّض صحافيين ووسائل إعلام محلية وعربية في تونس إلى أنماط متعددة من الاعتداءات شملت القمع والاحتجاز التعسفي والملاحقة الأمنية والقضائية.
وأكّدت المنظمتان أنّ الإجراءات الاستثنائية وفّرت مناخًا ملائمًا للسلطات لتوسيع انتهاكاتها ضد العمل الصحافي.
وأكدت المنظمتان أن هذه الإجراءات زادت خاصة بعد استبدال النصوص الدستورية بتدابير استثنائية على هيئة أوامر رئاسية بصبغة تشريعية.
وزاد الأمر سوءاً تغليب أحكام الأوامر الرئاسية على نصوص الدستور في استناد لا يمكن الاعتداد به على الفصل 80 من الدستور التونسي 2014.
ولفت التقرير إلى أنّ السلطة التنفيذية في تونس أصدرت منذ 25 يوليو/ تموز 2021 عددًا من الأوامر مسّت على نحو واضح باستقلالية وحرية العمل الصحافي.
إذ استحدثت قواعد قانونية تقيد حريّة الصحافة، وتضع معايير للنشر، وتمنع الوزراء من الظهور على الإعلام. وذلك في محاولة على ما يبدو لفرض رقابة غير شرعية على وسائل الإعلام، وإخضاعها لوصاية مقنّعة من الجهات التنفيذية.
وأبرز التقرير دور الأمر الرئاسي رقم 117/ 2021 في إضفاء الشرعية على الإجراءات التقييدية ضد الصحافة.
إذ حدد الأمر في الفصل الخامس من بابه الثاني “تنظيم الإعلام والصحافة والنشر” كأحد المهام التشريعية للأوامر الرئاسية الاستثنائية.
وهذا ما فتح الباب على مصراعيه لتقييد حرية الصحافة وتجريم تداول المعلومات. وبدا ذلك من خلال المراسيم والأوامر التي صدرت عن الرئاسة التونسية والحكومة بعد ذلك.
مثال على ذلك المنشور عدد 14 لسنة 2022 المتعلق بمقاومة المضاربة غير المشروعة. اضافة للمنشور عدد 19 المتعلق بقواعد العمل الاتصالي للحكومة، واللذان تضمنا قيودًا كبيرة على حرية النشر وتداول المعلومات.
ووثقّ التقرير اعتقال الأجهزة الأمنية التونسية 14 صحافيًا منذ إعلان الإجراءات الاستثنائية وحتى أبريل/ نيسان 2022.
ولفت التقرير إلى أنّ الاعتداءات التي استهدفت قطاع الصحافة في تونس شملت حملات تشويه استهدفت عددًا من الصحافيات من خلال التخوين والترهيب النفسي والتهديد، ما قد يحول دون قدرتهن على ممارسة نشاطهن المهني بشكل طبيعي.
إذ قالت الصحافية “وجدان بو عبد الله” رئيسة تحرير موقع “بوابة تونس” لفريق التقرير: “المحيط العام في تونس أصبح اليوم غير ملائم لممارسة العمل الصحافي”.
وأضافت “بو عبد الله“: “أصبح الصحافيون يمارسون نوعًا من الرقابة الذاتية خشية تعرضهم للمضايقات الرسمية أو المحاكمات، لا سيما بعد أن اعتقل بعضهم بالفعل”.
وأشار التقرير إلى أنّ السلطات التنفيذية والأمنية في تونس باتت أكثر جرأة بعد الإجراءات الرئاسية على انتهاك حقوق الصحافيين ووسائل الإعلام.
إذ اقتحمت قوات الأمن التونسية عقب يوم واحد فقط من إعلان تلك الإجراءات مكتب قناة “الجزيرة” وأغلقته دون إبراز أمر قضائي. وقامت قوات الأمن بطرد جميع العاملين في المكتب وصادرت مفاتيحه.
ونبّه التقرير إلى أنّ الانتهاكات ضد الصحافيين بلغت مستوى غير مسبوق في 8 أبريل/ نيسان 2022. وذلك بعدما قضت المحكمة العسكرية بتونس بسجن الصحافي “عامر عياد” 4 أشهر على خلفية تهم تتعلق بحرية الرأي والتعبير.
وهذه هي المرة الأولى التي يُحاكم فيها صحافي أمام محكمة عسكرية في تونس.
وحول تعرّض الصحافيين لاعتداءات جسدية من أفراد الأمن، أورد التقرير إفادة للصحافية التونسية “زينة الماجري“.
إذ قالت “الماجري“: “أثناء الاحتفال بذكرى الثورة بتاريخ 14 يناير/ كانون ثان 2022، كنت أصور في شارع محمد الخامس حيث كانت تقام الفعالية الرئيسية”.
وأضافت “الماجري“: “كان هناك مجموعة من أنصار حركة النهضة لا يتجاوزون 30 شخصًا، يحيط بهم عدد كبير من الأمنيين ]..[ وقد باشروا بضرب المشاركين في الفعالية”.
وأكملت “الماجري” قائلة: “على إثر ذلك قمت بعمل بث مباشر عبر “فيسبوك” لتوثيق الحدث، فباغتني أحد أفراد الأمن وأخذ هاتفي مني عنوة وأخبرني بأنني أصور بشكل غير قانوني”.
واستطردت “الماجري” قائلة: “بعد ذلك أعادوا لي هاتفي وطلبوا مني عدم التصوير، فعاودت التصوير مرة أخرى حتى أقوم بواجبي”.
وأعربت “الماجري“: “وعندها حضر 6 من رجال الأمن برفقة شرطية واعتدوا عليّ بالضرب، واقتادوني إلى سيارة تابعة للأمن ومن ثم نقلوني إلى مركز أمن وسط العاصمة”.
ودعا المرصد الأورومتوسطي و”صحفيون من أجل حقوق الإنسان” إلى إجراء تحقيق مستقل في جميع حوادث الاعتداء على الصحافيين والكيانات الصحافية، بما في ذلك حوادث الاعتداء الجسدي واللفظي والاحتجاز التعسفي واقتحام المؤسسات الصحافية.
وطالبت المنظمتان بتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، والتوقف عن إصدار القرارات التقييدية ضد العمل الصحافي.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي وصحافيون من أجل حقوق الإنسان الرئيس التونسي “قيس سعيّد” على احترام الحق في حرية التعبير عن الرأي وحرية الصحافة.
وطالبت المنظمتان بوقف حملة التحريض ضد الصحافيين والمدونين والمؤسسات الصحافية، والالتزام بالدستور التونسي والقوانين الوطنية الناظمة للعمل الصحافي، والمواثيق والصكوك الدولية -التي صدّقت عليها تونس- ذات العلاقة بحماية حقوق الصحافيين