هيومن رايتس ووتش نطالب بدفع تعويضات للعمال الوافدين المتضررين في قطر
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت “هيومن رايتس ووتش” إن مئات آلاف العمال الوافدين في قطر لم يتلقوا أي تعويضات عن انتهاكات العمل التي تعرضوا لها أثناء عملهم لـ “كأس العالم فيفا” لكرة القدم.
في 19 مايو/أيار، طالبت هيومن رايتس ووتش و”منظمة العفو الدولية” و”فير سكوير” “الاتحاد الدولي لكرة القدم” (الفيفا) وحكومة قطر تعويض العمال الوافدون عن الانتهاكات التي عانوا منها منذ منح قطر حق استضافة كأس العالم 2022 في العام 2010.
وانضم للمطالبة بحقوق العمال الوافدين في قطر أيضاً تحالف عالمي يضم مجموعات حقوق المهاجرين، والنقابات العمالية، ومشجعي كرة القدم الدوليين، وضحايا الانتهاكات، ومجموعات الأعمال والحقوق،
تشمل هذه الانتهاكات آلاف الوفيات والإصابات غير المفسّرة، وسرقة الأجور، ورسوم التوظيف الباهظة.
بدأت هيومن رايتس ووتش حملة عالمية،#PayUpFIFA #فلتدفع_الفيفا، لدعم دعوة التحالف. تصدر منظمة العفو الدولية تقريرا يوضح كيف يمكن للفيفا وقطر معالجة 12 عاما من الانتهاكات.
قالت “مينكي ووردن“، مديرة المبادرات العالمية في هيومن رايتس ووتش: “خذلت الفيفا وقطر العمال الوافدين الذين كان لهم دور أساسي في كأس العالم 2022”.
وأكملت “ووردن“: “لكن لا يزال بإمكانهما تقديم تعويضات للمتضررين بشدة ولعائلات الكثيرين الذين لقوا حتفهم”.
وأضافت “ووردن“: “يجب أن تخصص الفيفا فورا الأموال اللازمة للتعويضات المناسبة وتجنب إرثا من العار في كأس العالم”.
خلال العقد الماضي، وثّقت المنظمات الحقوقية مرارا الانتهاكات الواسعة التي يواجهها العمال في ظل نظام الكفالة القطري، والتي يمكن أن تؤدي إلى العمل القسري.
ذلك رغم إصلاحات العمل التي أدخلتها السلطات القطرية في السنوات الأخيرة استجابةً لشكوى بشأن العمل القسري أمام “منظمة العمل الدولية”.
في مارس/آذار، وثقت هيومن رايتس ووتش سرقة الأجور لمدة تصل إلى خمسة أشهر في شركة تجارة ومقاولات قطرية بارزة لها مشاريع مرتبطة بالفيفا.
عندما تُمنع الحماية المناسبة عن العمال في المشاريع التي تخضع لرقابة عالمية عالية ومعايير حماية كافية والمرتبطة بالملاعب، يواجه العمال في مشاريع غير مرتبطة بالملاعب لانتهاكات أكبر.
إضافة إلى ذلك، يخلق السجل الحقوقي القطري السيئ مخاوف خطيرة أخرى، منها القيود الصارمة على حرية التعبير والتجمع السلمي.
بالإضافة إلى سياسات الدولة التي تميز ضد المرأة وتسهّل العنف ضدها، والبيئة القمعية ضد المقيمين والزائرين من مجتمع الميم.
عندما منحت الفيفا قطر استضافة كأس العالم 2022، كانت تعرف أو ينبغي لها أن تعرف أن العمال الوافدين الذين يشيّدون البنية التحتية الضخمة سيواجهون مخاطر جسيمة تهدد حقوقهم الإنسانية.
قالت هيومن رايتس ووتش إن الفيفا لم تفرض شروطا تتعلق بحقوق العمال ولم تتخذ العناية الواجبة بحقوق الإنسان.
بالنسبة لـ “مانجو ديفي“، وهي امرأة نيبالية عمرها 38 عاما توفي زوجها العامل الوافد “كريبال ماندال” (40 عاما) في قطر عام 2022، “الإرث” الوحيد لكأس العالم المقبلة هو القروض المستحقة على زوجها التي دفعها ثمنا للوظيفة التي قتلته.
مثل معظم العمال الوافدين في قطر، اقترض “ماندال” المال بفوائد باهظة لدفع رسوم الاستقدام، وهو دين آخذ في الازدياد.
بينما تحظر قطر فرض رسوم استقدام للعمال الوافدين والتكاليف ذات الصلة، إلا أن الحكومة نادرا ما تطبق هذا القانون.
قالت عائلة “ماندال” إنه عمل في البناء لصالح شركة توريد كلفته بالعمل في المطار والملاعب. ما تزال زوجته تكافح من أجل فهم سبب وفاته بنوبة قلبية.
قالت “ديفي” لـ هيومن رايتس ووتش: “لا أستطيع أن أعرف سبب وفاته”.
وأضافت “ديفي“: “سواء كان هذا السبب الذي أبلغوا عنه أو أي شيء آخر، لا نستطيع المعرفة… في المساء كان يتحدث بشكل طبيعي ويضحك … لكنه توفي حوالي الساعة 3 صباح اليوم التالي”.
لم تتلق الأسرة أي تعويض عن وفاته، وصاحب العمل لم يدفع 15 يوما من الراتب الذي كان مستحقا له بموجب العقد.
قالت “ديفي“: “وهي أم لخمسة أطفال، “عندما كان حيا، كنا مطمئنين أن لدينا معيل. الآن بعد وفاته، لم يعد معيلنا على قيد الحياة. هذا صعب جدا”.
قالت “ووردن“: “جاءت إصلاحات حقوق العمال في قطر متأخرة جدا في الاستعدادات لكأس العالم، وهي غير كافية إطلاقا، وتطبيقها سيئ”.
وأضافت “ووردن“: “ماتت أعداد كبيرة من العمال الوافدين لأن قطر تفتقر إلى إطار حقوقي يحمي العمال ويسمح لهم بالإبلاغ عن ظروف العمل الخطرة، والغش في الأجور، والسخرة. يجب ألا يموت العمال من أجل إقامة كأس العالم أو أي حدث رياضي ضخم”.
عام 2016، تبنت الفيفا “مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية للأعمال التجارية وحقوق الإنسان” وكرست مسؤوليتها بشأن احترام حقوق الإنسان في نظامها الأساسي.
كما أنشأت مجلسا استشاريا مستقلا لحقوق الإنسان، وعيّنت موظفين في مجال حقوق الإنسان، وأنشأت آلية شكاوى للمدافعين عن حقوق الإنسان.
عام 2017، تبنت الفيفا سياسةً حقوقية تنص على أن التزامات حقوق الإنسان ملزِمة لجميع هيئاتها ومسؤوليها.
رغم هذه التطورات الإيجابية، ما يزال على الفيفا تأمين سبل الانتصاف للعمال الوافدين الذين تعرضوا لانتهاكات جسيمة أو عائلاتهم.
هذا يشمل المسؤولية تجاه العمال المعينين مباشرة في مشاريع كأس العالم وأيضا الذين بنوا وقدموا الخدمات لمجموعة واسعة من المشاريع للإعداد للبطولة وتشغيلها، بما فيه النقل والإقامة والأمن والتنظيف، من بين أمور أخرى.
قالت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وفير سكوير وأعضاء التحالف الآخرون إن على الفيفا العمل مع السلطات القطرية في الأشهر الستة التي تسبق كأس العالم 2022 لوضع برنامج شامل لمعالجة الانتهاكات التي يتعرض لها العمال الوافدون.
على الفيفا تخصيص 440 مليون دولار على الأقل، ما يعادل أموال الجائزة المقدمة لمنتخبات كأس العالم 2022، للاستثمار في صناديق لتعويض العمال وتحسين حمايتهم.
يجب أن يُدار برنامج تأمين الانتصاف بطريقة تشاركية بعد التشاور مع أصحاب المصلحة، بمن فيهم العمال الوافدون، وأفراد العائلات الأحياء، والنقابات العمالية. ويجب أن يكون البرنامج في متناول العمال وعائلاتهم، الذين لن يكون كثير منهم في قطر.
يجب أن يقدم البرنامج أيضا التعويضات في الوقت المناسب عن مجموعة واسعة من الانتهاكات التي لم تُعالج منذ 2010.
قالت هيومن رايتس ووتش إن بإمكان اللاعبين، والمشجعين، ورعاة الفيفا، والاتحادات الوطنية لكرة القدم، وآخرين لعب دور مهم في تحقيق إرث إيجابي لكأس العالم هذه عبر الدعوة إلى دعم صندوق تعويض لجبر الضرر اللاحق بالعمال الوافدين.
قالت “ووردن“: “تسببت وفيات العمال الوافدين في قطر بخسائر عاطفية ومالية هائلة لعائلاتهم.
وأضافت “ووردن“: “تماشيا مع الالتزامات الحقوقية للفيفا ومسؤوليات قطر، عليهما تقديم تعويضات مالية للعمال الوافدين الذين تضرروا أثناء بناء كأس العالم وبعض الراحة المالية للأسر التي تعاني”.