انتقادات لملف السعودية في استضافة كأس العالم بسبب تجاهل حقوق العمال

في تقرير جديد، أشارت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى أن ملف السعودية لاستضافة كأس العالم 2034 يغفل معالجة قضايا هامة تتعلق بانتهاكات حقوق العمال في المملكة. وأكدت المنظمة أن الملف الذي قدمته السلطات السعودية، والذي يشمل “استراتيجية حقوق الإنسان” و”التقييم المستقل للسياق”، لا يقدم تحليلاً شاملاً للمخاطر التي تواجه العمال في مشاريع البناء الضخمة اللازمة لاستضافة الحدث، بما في ذلك ظروف العمل الصعبة، الأجور غير المدفوعة، وعدم كفاية الحماية من المخاطر البيئية مثل الحرارة العالية، بالإضافة إلى غياب النقابات العمالية ونظام الكفالة الذي يقيد حقوق العمال الوافدين.

من المتوقع أن تمنح “الفيفا” السعودية استضافة البطولة رسميًا في 11 ديسمبر 2024، بعد أن أعلنت استيفاء متطلبات الملف، الذي يتضمن بناء وتجديد 11 ملعبًا وإضافة 185,000 غرفة فندقية جديدة. وتستند هذه المشاريع بالكامل إلى العمالة الوافدة، حيث تشكل العمالة الوافدة في السعودية نسبة 42% من السكان، وفقًا لإحصاء عام 2022. ويشير التقرير إلى أن هذا الوضع يعكس اعتمادًا كبيرًا على العمال الوافدين، مما يجعل المملكة تواجه تحديات كبيرة في حماية حقوق هؤلاء العمال.

وبحسب “هيومن رايتس ووتش”، فإن وثائق الملف لم تضمن وجهات نظر العاملين المتأثرين مباشرة بمشاريع البناء، حيث لم تشمل أي مشاورات معهم أو مع المجتمع المدني أو الجهات الحقوقية المستقلة، بل استندت بشكل أساسي إلى مشاورات داخلية مع السلطات السعودية. وتنتقد المنظمة هذا النهج باعتباره “تقصيرًا فادحًا” في حماية حقوق الإنسان، حيث اكتفت الشركة القانونية التي أعدت التقرير بتحليل 22 صكًا من صكوك حقوق الإنسان فقط، مما استثنى اتفاقيات دولية هامة، بما في ذلك “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.

كما أعربت مجموعة من 11 منظمة حقوقية، منها “هيومن رايتس ووتش”، عن قلقها العميق حيال التقييمات التي أجرتها شركة المحاماة “كليفورد تشانس”، مشيرة إلى أنها قد تعرّض “الفيفا” وشركاءها إلى مخاطر الارتباط بانتهاكات حقوق الإنسان. وردًا على هذا النقد، اكتفت شركة المحاماة بالقول إنه من “غير المناسب” تقديم أي تعليق حول هذه المخاوف.

وفي الوقت ذاته، تسرد “استراتيجية حقوق الإنسان” المرفقة بالملف مبادرات مقترحة لأداء العناية الواجبة بشأن حقوق العمال، مثل إدارة المشتريات وسلسلة التوريد. ومع ذلك، فإن “هيومن رايتس ووتش” ترى أن هذه المبادرات تفتقر إلى التفاصيل والجدية، حيث لم تتطرق إلى قضايا جوهرية مثل حق العمال في تكوين النقابات والمفاوضة الجماعية. وصرحت مينكي ووردن، مديرة المبادرات العالمية في “هيومن رايتس ووتش”، بأن هذه الوثائق تظهر وكأنها “صيغت بسرعة لتضفي انطباعًا زائفًا بجدية التقييم”.

يذكر أن عملية تقديم السعودية لملف كأس العالم 2034 أثارت مخاوف مماثلة لتلك التي صاحبت قطر عند تحضيرها لكأس العالم 2022، حيث كانت هناك شكاوى واسعة من العمل الجبري وسوء المعاملة. وترى “هيومن رايتس ووتش” أن كأس العالم 2022 خلّف إرثًا من الانتهاكات غير المعالجة، وتحديداً الوفيات التي لم يتم تعويض ذويها. ودعت المنظمة إلى نشر مراجعة مستقلة تتعلق بالمسؤوليات الحقوقية لـ”الفيفا” تجاه العمال الذين تأثروا بالتحضيرات، بينما حذّرت من أن إهمال مثل هذه القضايا في التحضيرات لكأس العالم 2034 قد يؤدي إلى تكرار نفس الأخطاء.

في ظل هذه الانتقادات، طالبت “هيومن رايتس ووتش” بضرورة التزام السعودية بتعهدات قانونية واضحة تتعلق بحماية حقوق العمال وحقوق الإنسان قبل منحها حق استضافة البطولة، ودعت “الفيفا” إلى إعادة النظر في تصويتها لتأكيد استضافة السعودية لكأس العالم 2034، وذلك لضمان احترام حقوق العمال وتحقيق معايير حقوق الإنسان بشكل كامل.

قد يعجبك ايضا