العراق: انتقادات لمشروع قانون يهدد حرية التعبير والتجمع السلمي
مع اقتراب التصويت على مشروع قانون “التظاهر السلمي” في البرلمان العراقي، أبدت منظمات حقوقية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، قلقها العميق من أن القانون قد يؤدي إلى مزيد من القيود على حرية التعبير والتجمع السلمي في العراق. ووفقًا للباحثة في شؤون العراق في منظمة العفو الدولية، رازاو صاليي، فإن المشرّعين يجب أن يتأكدوا من عدم تمرير أي قوانين تقيد هذه الحقوق الأساسية دون مبرر.
القلق من تأثير القانون على الحريات المدنية
في 2 أغسطس 2025، شددت منظمة العفو الدولية على ضرورة أن يرفض المشرعون في العراق أي تشريعات قد تعزز القيود المفروضة على الحيز المدني في البلاد. وأكدت صاليي أنه ينبغي على المشرّعين إما تعديل القانون أو رفضه تمامًا، لأن عدم اتخاذ هذا الموقف سيشكل خرقًا لالتزامات العراق الدستورية والدولية بحماية الحقوق في حرية التعبير والتجمع السلمي.
تستند هذه المخاوف إلى سجل العراق السيء في قمع الحريات، حيث تعرض النشطاء والصحفيون لتهديدات واعتقالات تعسفية تحت طائلة تهم غامضة مثل التشهير، مما يعكس تزايد الضغط على حقوق الإنسان في البلاد. وقد سجلت التقارير تزايدًا في المضايقات ضد الصحفيين، الذين يعانون من الاعتقالات والانتهاكات القانونية، خاصة عندما يعبرون عن آراء منتقدة للحكومة أو للفساد.
المخاوف المتعلقة بمشروع القانون
يأتي هذا التصعيد في وقت حساس، حيث قدم البرلمان العراقي مشروع القانون في جو من السرية، مما أثار قلقًا واسعًا في أوساط المجتمع المدني. ففي ديسمبر 2022، تم تقديم المسودة الأولى من القانون، تلتها قراءة ثانية في مايو 2023، حيث أثار القانون في مسوداته الأولى اعتراضات شديدة من قبل منظمات المجتمع المدني. وفي الوقت الذي يزعم البرلمان أن القانون يتماشى مع التزامات العراق الدولية ويهدف إلى “حماية التظاهر السلمي”، إلا أن المنظمات الحقوقية تشير إلى أن النصوص السابقة قد تحد من حرية التعبير بشكل غير مبرر.
وفي 31 يوليو 2025، أصدر البرلمان بيانًا يشير إلى أن التعليقات الواردة من المجتمع المدني قد أُخذت بعين الاعتبار في النسخة المعدلة من مشروع القانون، والتي تم تسميتها بـ “قانون التظاهر السلمي”. ووفقًا لهذا البيان، فقد تمت إزالة بعض المواد المتعلقة بحرية التعبير والعقوبات الجنائية. ومع ذلك، ظل المجتمع المدني يعبّر عن مخاوفه من أن العملية التشريعية نفسها تفتقر إلى الشفافية، مما يعيق القدرة على تقييم مدى التزام النسخة المعدلة بالقوانين الوطنية والدولية لحقوق الإنسان.
تأثير القانون على النشطاء والصحفيين
من الجدير بالذكر أن مشروع القانون يعكس اتجاهاً متزايدًا من قبل السلطات العراقية نحو استخدام قوانين التشهير والقمع لملاحقة المعارضين. ووفقًا لتقارير منظمة العفو الدولية، فإن السلطات قد استخدمت مواد قانون العقوبات العراقية المتعلقة بالتشهير، وتخريب المباني الحكومية لتوجيه التهم ضد نشطاء وصحفيين، الذين يتم سجنهم لفترات تتراوح بين أشهر وسنوات، بينما يتعرض آخرون لدفع غرامات مالية ضخمة.
هذه الإجراءات القضائية ضد الصحفيين والنشطاء تعتبر جزءًا من سياسة أوسع تهدف إلى إسكات المعارضة وتعزيز الرقابة على الرأي العام في العراق، وهو ما يثير قلقًا بالغًا في المجتمع الدولي بشأن حقوق الإنسان في البلاد.
الدعوات لإصلاح التشريعات
وفي ختام تصريحاته، دعت منظمة العفو الدولية إلى ضرورة إصلاح التشريعات العراقية المتعلقة بحرية التعبير، مؤكدة على أن أي قانون يحد من هذه الحقوق الأساسية في ظل الظروف الحالية سيقوض الحريات المدنية في العراق. وأضافت أن البرلمان يجب أن يتبنى سياسات تعزز الحريات الأساسية، وتستند إلى معايير حقوق الإنسان الدولية التي وقع عليها العراق.
يتابع المجتمع المدني العراقي هذه التطورات بقلق بالغ، إذ يخشى أن يؤدي تمرير هذا القانون إلى مزيد من التضييق على حقوق الإنسان وحرية التعبير في بلد يعاني بالفعل من تراجع مستمر في هذه الحقوق.