مركز حقوقي يطالب بالإفراج عن الصحفي الجزائري إحسان القاضي
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – طالب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالإفراج الفوري ودون قيد أو شرط عن الصحفي الجزائري المستقل إحسان القاضي، المسجون منذ ديسمبر 2022، قبيل جلسة الاستئناف المقررة في 18 يونيو.
القاضي الصادر بحقه حكمًا بالسجن خمس سنوات بتهم ملفقة، وذلك ضمن حملة الحكومة الجزائرية واسعة النطاق على الحق في حرية التعبير، والتي شهدت اعتقال و/أو محاكمة عشرات الصحفيين في الجزائر منذ عام 2020.
في 2 أبريل 2023، أصدرت المحكمة الابتدائية بسيدي محمد في الجزائر العاصمة حكمها بحبس القاضي خمس سنوات، منها ثلاث نافذة، بتهمة تلقي تمويل أجنبي للانخراط في (دعاية سياسية).
هذا بالإضافة لتلقي تمويل لمباشرة أعمال من شأنها (الإضرار بأمن الدولة). واستند الحكم على المادتين 95 و95 مكرر من قانون العقوبات الجزائري الجائر.
وأثناء جلسة المحاكمة الأولى، قاطع القاضي وفريق دفاعه فعاليات الجلسة؛ احتجاجًا على غياب ضمانات المحاكمة العادلة.
وفي 4 يونيو، عقدت محكمة الاستئناف جلستها الأولى لنظر الاستئناف على الحكم، ومن المقرر أن تصدر حكمها في جلستها المرتقبة في 18 من الشهر الجاري.
كانت قوات أمن في ثياب مدنية قد ألقت القبض على القاضي من منزله بعد منتصف ليل 24 ديسمبر 2022.
وتم اقتياده، مكبلًا بالأصفاد، إلى المبنى المشترك للمنصات الإعلامية التي يديرها (راديو إم، ومغرب إيمرجنت)؛ إحدى الوسائل الإعلامية المستقلة القليلة التي لا تزال تواصل عملها رغم قمع الدولة في الجزائر.
حيث تم مصادرة جميع أجهزة الكمبيوتر بالمقر ومعظم محتوياته وإغلاقه.
وقبل أيام من اعتقاله، نشر القاضي مقالًا افترض فيه أن الجيش الجزائري، صاحب الدور البارز في سياسة الدولة الجزائرية، قد يمتنع عن دعم ترشيح عبد المجيد تبون في انتخابات 2024 الرئاسية، نظرًا لسجله السيئ.
وقضت المحكمة في الحكم الابتدائي الصادر بحق القاضي، والذي اطلع عليه مركز القاهرة، بحبس القاضي خمس سنوات لتلقيه 25 ألف جنيه استرليني (حوالي 31 ألف دولار أمريكي) على ثلاث دفعات عام 2020، من ابنته التي تعيش في المملكة المتحدة.
والتي أفادت بإرسالها هذه الأموال بصفتها شريكة في شركة (انترفاص ميديا)، والتي تتولى إدارة المنصات الإعلامية؛ راديو إم ومغرب إيمرجنت، للمساعدة في التغلب على المصاعب الاقتصادية التي تواجه الشركة، بسبب تفشي وباء كوفيد-19.
وبحسب نص الحكم؛ تطرق التحقيق مع القاضي في البداية لعمله كصحفي ومدير إذاعة راديو إم، والتي تبث –وفقًا لنص الحكم– (أخبارًا ومعلومات تضر بالمصالح الوطنية).
بينما تجاهل نص الحكم التطرق للأعمال التي ارتكبها القاضي وقد تشكل دعاية سياسية أو تقوض الأمن القومي أو تضر بمصالح الجزائر، على النحو الذي يقتضيه نص المادة 95 والمادة 95 مكرر من قانون العقوبات، والمشار لهما كسند قانوني للحكم.
وبحسب آمنة القلالي، مديرة الأبحاث في مركز القاهرة فإن «هذا الحكم المسيس، وما يترتب عليه من عقوبة قاسية بحق شخص لم يثبت ارتكابه لأي جريمة أو مخالفة، يُظهر بلا شك استعداد السلطات الجزائرية لقمع جميع الأصوات الناقدة المتبقية في البلاد».
تتعارض المادة 95 و95 مكرر من قانون العقوبات الجزائري مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
إذ يقضيا بعقوبات قاسية على أفعال غامضة الصياغة وواسعة النطاق ولم يتم تعريفها بوضوح، على نحو يصعب معه التوقع إن كانت بعض الأفعال أو الأنشطة قد تنطوي على جريمة تستوجب العقوبة.
فضلًا عن أن الحكم على القاضي بسبب عمله الصحفي يتناقض بشكل صارخ مع حقه المكفول في حرية التعبير.
المادة 95 مكرر من قانون العقوبات، هي إحدى المواد التي عدلتها السلطات الجزائرية في أبريل 2020، في خضم وباء كوفيد-19، لتضيف آليات قمعية جديدة للترسانة التشريعية شديدة القسوة في الجزائر.
وتقضي هذه المادة بعقوبة السجن لمدة تصل لسبع سنوات بحق «كل من يتلقى أموالًا أو هبة أو مزية، بأي وسيلة كانت، من دولة أو مؤسسة أو أي هيئة عمومية أو خاصة أو من أي شخص طبيعي أو معنوي، داخل الوطن أو خارجه، قصد القيام بأفعال من شأنها المساس بأمن الدولة أو باستقرار مؤسساتها وسيرها العادي أو بالوحدة الوطنية أو السلامة الترابية أو بالمصالح الأساسية للجزائر أو بالأمن والنظام العموميين»، كما تُضاعف العقوبة إذا تم تلقي الأموال في إطار منظمة أو جمعية.
ولم يكتف الحكم الصادر بحق القاضي بحبسه 5 سنوات؛ وإنما قضت المحكمة بحل شركة انترفاص ميديا، التي يديرها، بحجة انتهاك الشركة للمادة 107 من قانون 2014 الخاص بالنشاط السمعي البصري، والتي تتطلب إذنًا مسبقًا/ترخيص لتشغيل أي وسيلة بث.
علمًا بأن الحصول على هذا الأذن أو الترخيص، بموجب قانون 2014، يخضع لقيود جمة، من بينها شرط امتثال وسيلة البث للالتزامات المفتوحة فضفاضة الصياغة بـ (احترام الوحدة الوطنية، والقيم والمبادئ المجتمعية أو الوطنية، والرموز الوطنية، والأخلاق أو النظام العام).
كما أغفل القانون تحديد إطار زمني للحصول على الترخيص من سلطة ضبط النشاط السمعي البصري، ولا يسمح بالطعون القانونية في حالة تأخير أو رفض الترخيص.
كانت السلطات الجزائرية قد أحكمت قبضتها على وسائل الإعلام الرقمية في نوفمبر 2020 بإصدار الرئيس عبد المجيد تبون المرسوم 20-332، والذي فرض قيودًا على الوسائط الرقمية، بما في ذلك نظام الترخيص المسبق لعمل منصات الإنترنت.
بينما تتواصل معاناة وسائل الإعلام التقليدية في الجزائر بسبب الحرمان المطول من التصريح بالعمل (الترخيص بالبث)، وبالتالي ضمان استمرار عملها بشكل غير قانوني، وهو الأمر الذي يسهل الانتقام منها إذا تجاوزت (الخطوط الحمراء).
وفي عام 2021 وحده، اضطرت 4 محطات تلفزيونية جزائرية على الأقل للإغلاق. وفي أغسطس 2021، أغلقت السلطات قناة Lina TV بحجة عدم حصولها على ترخيص.
جدير بالذكر أن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان –في تفسيرها الرسمي للمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية– قد طالبت الدول الأطراف (وبينهم الجزائر) بـ (تجنب فرض شروط ترخيص ورسوم مرهقة على وسائل البث الإعلامي، بما في ذلك المحطات المجتمعية والتجارية).
قبل اعتقاله في ديسمبر 2022، عانى إحسان القاضي اضطهادًا مطولًا بسبب عمله كصحفي. ففي 10 نوفمبر 2022، وجهت للقاضي تهمة (تمويل الإرهاب) بعد أن منحت (راديو إم) جائزة للحقوقي الجزائري زكي حناش لإنجازاته في الصحافة الاستقصائية.
وفي 7 يونيو 2022، حُكم على القاضي بالسجن ستة أشهر وغرامة قدرها 50000 دينار (360 دولارًا) بعد نشره مقالًا يدعو فيه لدمج الحركة الإسلامية رشاد ضمن احتجاجات الحراك.
وبالمثل واجه صحفيون آخرون أعمالًا انتقامية أو ملاحقات قضائية أو أحكام بالسجن بسبب عملهم.
ففي 19 أبريل 2021، تم احتجاز لا، المراسل السابق لصحيفة Liberté اليومية، لمجرد نشره مقالات عن الوضع في جنوب الجزائر، بما في ذلك تقرير عن إحباط السكان المحليين إزاء التقسيمات الإدارية الجديدة للأراضي الجزائرية.
وقد حكم على كاريشي في الاستئناف بالسجن لمدة عام، وأفرج عنه في 19 أكتوبر 2021 بعدما قضى عقوبته.
وفي سبتمبر 2020، حُكم أيضًا على خالد درارني، مراسل قناة تي في 5 موند وممثل مراسلون بلا حدود في الجزائر، بالسجن لمدة عامين، بسبب تغطيته لحركة الحراك الاحتجاجية. فيما أُطلق سراحه في 19 فبراير 2021.