الأورومتوسطي: تستنكر منع رئيس حزب تونسي معارض من السفر
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ إزاء سياسة السلطات التونسية في منع عدد من السياسيين والنشطاء المعارضين من السفر إلى الخارج على نحو تعسفي.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي، إنّ أحدث حالات منع السفر التي وثّقها كانت بحق رئيس حزب آفاق تونس “فاضل عبد الكافي“.
إذ تفاجأ عبد الكافي بينما كان ينوي السفر من مطار “تونس قرطاج” بإبلاغه من سلطات المطار أنّه ممنوع من السفر، رغم عدم تسلّمه سابقًا أي قرار أو إشعار بذلك.
وعقب الحادثة، زعم الناطق باسم وزارة الداخلية التونسية “فاكر بوزغاية” أنّه صدر بحق “عبد الكافي” قرار بمنع السفر بناء على إذن قضائي من محكمة في تونس مطلع نوفمبر/ تشرين ثان الجاري.
لكنّ “عبد الكافي” نفى بشكل قاطع علمه بالأمر، وأكّد أنّه توجّه بعد قرار منعه من السفر إلى المحكمة ولم يُبلغ بوجود أي قضية أو شكوى مرفوعة ضده.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ منع “عبد الكافي” من السفر يُضاف إلى سلسة ممتدة من قرارات مشابهة صدرت بحق قضاة ورؤساء أحزاب سياسية ونشطاء معارضين على خلفية معارضتهم لاستحواذ الرئيس “قيس سعيد” على السلطة بشكل مطلق.
وفي كثير من الحالات لا يتلقى الممنوعون من السفر أي إشعار قانوني أو قضائي بذلك، ويُعلمون بالقرار من سلطات المطار بينما يهمّون بالسفر إلى الخارج.
ولفت إلى أنّه في معظم الحالات التي يكون فيها منع السفر مستندًا إلى أمر قضائي، فإنّ هذا الأمر غالبًا ما يصدر بفعل شكاوى تُقدمها السلطات أو جهات مقرّبة منها، ولا تهدف سوى إلى مصادرة حريات الأفراد وحقوقهم.
إذ أصدرت السلطات عشرات القرارات بمنع سياسيين معارضين من السفر على ذمة تحقيقات في اتهامات تبدو كيدية، مثل “منح الجنسية التونسية لأجانب وافتعال جوازات سفر بطريقة غير قانونية”، والتي مُنع بموجبها القياديين بحركة النهضة “نورالدين البحيري” و”حمادي الجبالي” من السفر.
وقال مدير العمليات في المرصد الأورومتوسطي “أنس جرجاوي“: “عندما تتعاون أجهزة الدولة في استهداف المعارضين وأصحاب الرأي ومصادرة حرياتهم بتوجيه من رأس السلطة، فإنّه من غير المستبعد منع الأشخاص من السفر بموجب تعليمات أمنية ثم تحريك إجراءات قانونية ضدهم لاستصدار قرار بمنعهم من السفر ليبدو الأمر كما لو كان طبيعيًا وقانونيًا”.
وأضاف أنّ: “التدابير الاستثنائية التي أعلنها الرئيس قيس سعيد العام الماضي وجميع الإجراءات التي تبعتها شكّلت ضربة قوية لمبادئ الديمقراطية وسيادة القانون، وأفسحت المجال أمام عودة الممارسات البوليسية ضد المعارضين، بما في ذلك التعسف في استخدام القانون لتقييد الحريات والانتقام من أصحاب الرأي”.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ بعض الشخصيات السياسية والقضائية مُنعت من السفر بموجب الإجراء الحدودي “S17″، وهو إجراء تعسفي وغير دستوري يُتيح للجهات الأمنية مصادرة حق أي فرد في التنقل والسفر -دون الحاجة لإذن قضائي- بموجب ذرائع عامة وفضفاضة مثل مكافحة الإرهاب، وتبييض الأموال، والحفاظ على النظام العام.
وفي أغسطس/ آب المنصرم، قال وزير الشؤون الدينية الأسبق “نور الدين الخادمي” إنّه مُنع من السفر للمرة الثامنة على التوالي دون وجود أي مسوغ قانوني.
وأكّد أنّه لم يستلم أي إشعار قضائي حول المنع من السفر، فيما اكتفت وزارة الداخلية بتصريح مقتضب ادّعت فيه أن “الخادمي” صدر بحقه منع سفر قضائي، ولم تورد أي تفاصيل إضافية.
ولفت إلى أنّ الدستور التونسي لعام 2014 أكّد بشكل واضح على حق الأفراد في حرية التنقل والسفر، إذ نص الفصل (24) منه على أنّ “لكل مواطن الحرية في اختيار مقر إقامته وفي التنقل داخل الوطن وله الحق في مغادرته”.
كما أكّد على ذات الأمر الدستور الجديد الذي أقرّه الرئيس التونسي هذا العام بعد إعداده والاستفتاء عليه بطريقة غير توافقية ومثيرة للجدل.
وفي أكتوبر/ تشرين أول 2021، نشر المرصد الأورومتوسطي تقريرًا وثّق فيها استخدام السلطات التونسية منع السفر على نحو تعسفي لمعاقبة المعارضين وأصحاب الرأي بعد التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس “قيس سعيّد” في 25 يوليو/ تمّوز 2021، واستحوذ بموجبها على جميع السلطات في البلاد.
ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات التونسية إلى إلغاء قرار منع السفر بحق رئيس حزب “آفاق تونس” “فاضل عبد الكافي“.
هذا وطالب المرصد الحقوقي بالتوقف فورًا عن مصادرة حرية الأفراد في التنقل والسفر على نحو تعسفي، وإلغاء العمل بالإجراء الحدودي “S17” الذي يسمح بحرمان الأفراد من حقهم في السفر دون مسوّغات قانونية.
ودعا الأورومتوسطي إلى الكف عن استخدام القضاء لاستصدار قرارات بمنع سفر المعارضين والنشطاء السياسيين لأسباب قد تكون انتقامية.