سوريا: أزمة إنسانية في السويداء بسبب الاشتباكات الداخلية وعدوان الاحتلال

تشهد محافظة السويداء في جنوب سوريا أزمة إنسانية حادة نتيجة تصاعد الاشتباكات العنيفة بين مجموعات مسلحة درزية وعشائر بدوية، والتي تزامنت مع تصعيد عدواني من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ما أدى إلى تدهور حاد في الخدمات الأساسية وانعدام مقومات الحياة للسكان المدنيين.

وبحسب المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، فقد تطورت هذه الاشتباكات التي اندلعت قبل أيام إلى مواجهات شملت استخدام أسلحة ثقيلة، ما تسبب بأضرار واسعة في البنية التحتية، لا سيما شبكة الكهرباء التي توقفت، مما أدى إلى تعطل مضخات المياه وترك آلاف العائلات بلا مصدر مياه آمن.

وقد انعكس انقطاع التيار الكهربائي على عمل المخابز والمحلات التجارية التي أغلقت أبوابها، مما زاد من أزمة نقص الغذاء مع نفاد الدقيق في الأسواق المحلية.

من جهة أخرى، تعطلت المرافق الصحية بشكل شبه كامل بسبب انقطاع الكهرباء، بالإضافة إلى مخاوف العاملين في القطاع الطبي من التواجد أو التنقل في ظل الأجواء الأمنية المتوترة، مما يهدد بتفاقم الوضع الصحي والإنساني في المحافظة، لا سيما في ظل غياب أي دعم أو استجابة مركزية فاعلة.

وتعكس هذه التطورات انهياراً ممنهجاً للحد الأدنى من ضمانات حماية المدنيين، سواء بسبب النزاع الداخلي أو الغارات الجوية التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي على عدة مناطق سورية. فقد أدى مقتل عدد من جنود القوات الحكومية إثر مواجهات مع فصائل درزية مسلحة إلى انهيار وقف هش لإطلاق النار، مما سمح بتجدد المواجهات وانتقالها إلى مناطق مدنية مأهولة.

واستغل الاحتلال الإسرائيلي هذا التصعيد الداخلي، مدعياً حماية الطائفة الدرزية، ليشن عدواناً جوياً مكثفاً استهدف أربع محافظات في آن واحد، منها دمشق حيث طال القصف مقر هيئة الأركان ومحيط القصر الرئاسي.

وقد تميزت هذه الغارات بعدم احترام قواعد التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية، ما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا المدنيين، في خرق فاضح للقانون الدولي الإنساني الذي يحظر الهجمات العشوائية وغير المتناسبة.

ويعد استغلال الفوضى الداخلية ذريعةً لشن غارات عسكرية سياسة عقاب جماعي مخالفة لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف. فالاحتلال الإسرائيلي لا يكتفي بانتهاك السيادة السورية، بل يستخدم هذه الاشتباكات لتوسيع هجماته دون رادع دولي يذكر.

في ظل غياب الحماية القانونية والرقابة الدولية، يجد المدنيون في السويداء أنفسهم ضحايا لصراع مركب، يجمع بين نزاع داخلي دموي وغارات جوية عدوانية تستهدف مناطق مدنية بحجة مواجهة “التهديدات”.

هذا التصاعد الدموي يؤكد تآكل فعلي لمبدأ سيادة القانون الدولي في النزاعات السورية، ويبرز الحاجة الماسة إلى آليات دولية فعالة تضمن حماية المدنيين وتفعيل المحاسبة، قبل أن تتحول السويداء إلى كارثة إنسانية لا يمكن علاجها.

قد يعجبك ايضا