الأمم المتحدة تدعو إلى التعجيل بتحقيق تطلعات السودانيين
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – حذرت الأمم المتحدة من تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني والأمني في السودان في ظل غياب اتفاق سياسي يفضي إلى العودة لمسار انتقالي مقبول.
وقال ممثل الأمين العام في إحاطته التي قدمها من داخل قاعة مجلس الأمن في نيويورك صباح يوم الاثنين: “الوقت ليس في صالح السودان”.
وأضاف “فولكر بيرتس”: “أتحدث معكم اليوم بإحساس بالإلحاح، الذي يشعر به أيضا أصحاب المصلحة السودانيين القلقين على استقرار وبقاء بلدهم”.
وأضاف أنه لا توجد حكومة في البلاد تؤدي وظائفها منذ انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، ولذلك. وقال: “منذ إحاطتي الأخيرة في كانون الثاني/يناير، لم يطرأ تحسن على الوضع في السودان”.
وأوضح أن المخاطر كبيرة: “تطلعات السودانيين – نساء ورجالا، إلى مستقبل ديمقراطي مزدهر بقيادة مدنية – معرضة للخطر. ما لم يتم تصحيح المسار الحالي، ستتجه البلاد نحو انهيار اقتصادي وأمني ومعاناة إنسانية كبيرة”.
في 7 آذار/مارس من هذا العام، أعلن البنك المركزي تعويم العملة. وقد أدّى ذلك إلى انهيار فوري في قيمة الجنيه السوداني بأكثر من 35 في المائة مقابل الدولار الأميركي.
وفي ذلك الوقت ارتفعت الأسعار بشكل كبير، خاصة أسعار الخبز والوقود والكهرباء والدواء والرعاية الصحية وأجرة وسائل النقل العام.
وقال السيد “بيرتس” إن السودان يخاطر بخسارة المليارات من الدعم الخارجي، حيث تم إيقاف المدفوعات من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والجهات المانحة الرئيسية الأخرى مؤقتا، وسيظل الدعم متوقفا طالما لم تكن هناك حكومة تقوم بوظائفها في المكان.
وتابع يقول: “بشكل أساسي، لا يدخل أي استثمار أجنبي، وتضاءلت الصادرات. علاوة على ذلك، فإن السودان معرّض لخطر تفويت المواعيد النهائية الحاسمة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي للدعم الاقتصادي والمالي الدولي.”
تطرق بيرتس إلى الاحتجاجات في الخرطوم وأماكن أخرى، وقال إنها لا تزال سياسية في الأساس، أو “مناهضة للانقلاب” إلا أنها أيضا تكتسب تدريجيا صفةً اجتماعية واقتصادية، وتعلو الشعارات المنددة بارتفاع أسعار الخبز وتدهور الأوضاع المعيشية.
وعلى الرغم من استمرار المساعدات الإنسانية الدولية، إلا أن الاحتياجات في تزايد.
وأكد بيرتس أن الاحتجاجات على الحكم العسكري مستمرة، وتستمر في حصد أرواح المحتجين أو إصابتهم بجراح في أعيرة حية.
وأضاف أنه منذ أواخر كانون الأول/ديسمبر، زادت الاعتقالات التي تستهدف قادة الاحتجاجات وأعضاء لجان المقاومة وقادة سياسيين. والكثير منهم حُرموا من الوصول إلى محامين أو الاتصال بعائلاتهم.
كما يتواصل استهداف النساء، فاعتبارا من 22 آذار/مارس، أبلغت 16 سيدة عن التعرّض للاغتصاب خلال المظاهرات في الخرطوم، ولكن قد يكون العدد أكبر بسبب عدم إبلاغ نساء أخريات عن مثل هذه الحوادث.
وفيما يتعلق بالوضع الأمني، حذر بيرتس من أنه في ظل غياب حلول سياسية للأزمة، فإن الوضع الأمني يسوء. وأشار إلى أن الجريمة والفوضى في ارتفاع، كما أن الصراعات القبلية تتكثف.
حيث تم تجريد المزارعين من أراضيهم عبر الهجمات العنيفة، ونهب ممتلكات الأسر وحرق القرى. وفوق كل ذلك، تبلغ نساء من جميع أنحاء البلاد عن شواغل بشأن سلامتهنّ، حتى في وضح النهار.
وقال: “خلال دورة العنف الأخيرة هذا الشهر، قُتل 48 شخصا، ونزح أكثر من 12,000 شخص، بسبب ما يمكن وصفه بالعنف القبلي في جبل مون في غرب دارفور”. وتابع بالقول: “بحسب تقارير محلية، يرتبط النزاع هناك أيضا بالسيطرة على موارد الذهب”.
وحذّر قائلا: “من المرجّح أن تضاعِف الآثار المجتمعة للنزاع والأزمة الاقتصادية وضعف المحاصيل عدد الأشخاص الذين يواجهون الجوع الحاد في السودان إلى 18 مليون شخص بحلول نهاية العام”.
وأكد “بيرتس” أنه حثّ السلطات أكثر من مرة على اتخاذ الإجراءات اللازمة للمساعدة على منع العنف. وقال: “إننا في البعثة، ندعم تنفيذ الترتيبات الأمنية في دارفور عبر لجنة وقف إطلاق النار الدائم، والتي ترأسها يونيتامس”.
يُذكر أن لجنة وقف إطلاق النار الدائم عملت على معالجة بعض الحوادث بين الحركات الموقعة على اتفاق جوبا للسلام.
وأشار “بيرتس” إلى الترحيب بالخطوات الأخيرة التي اتخذها الموّقعون على اتفاق جوبا للسلام لبدء تدريب قوات حفظ الأمن المشتركة والوقوف عليها.
وتقوم القوات المسلحة السودانية بتدريب الدفعة الأولى التي يبلغ قوامها حوالي 2,000 فرد من الحركات المسلحة الموقعة على الاتفاق باعتبارها نواة لهذه القوة – وفي نهاية المطاف سيتم تدريب 12,000 فرد.
وقال “بيرتس”: “إلى جانب جهود بناء السلام المحلية، التي ستحتاج إلى دعم دولي، يمكن أن تساعد هذه الخطوات في منع أو وقف العنف وتعزيز حماية المدنيين”.
في أعقاب استقالة رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، في الثاني من كانون الثاني/يناير، اضطلعت يونيتامس في مشاورات سياسية مكثفة في السودان، على مدار خمسة أسابيع، استمعت خلالها إلى آراء السودانيين بشأن الخروج من الأزمة واستعادة الانتقال الديمقراطي الموثوق فيه.
وقد أجرت البعثة أكثر من 110 اجتماعات تشاورية مع أكثر من 800 مشارك، وتلقت أكثر من 80 تقريرا مكتوبا. وقال بيرتس إن المشاركين جاءوا مختلف أجزاء السودان، وثلثهم من النساء.
وتابع يقول: “من الأمور المشجعة أن توافقا في الآراء كان واضحا بشأن العديد من القضايا، ومنها: الحاجة إلى إنهاء العنف، وحكومة تكنوقراط، والحاجة إلى مجلس تشريعي انتقالي ليكون بمثابة هيئة رقابية ويتبنى تشريعات مهمة”.
كما أكد بيرتس لأعضاء مجلس الأمن أن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية IGAD وافقت على حشد الجهود لدعم السودان في المرحلة المقبلة من العملية السياسية.
وتابع يقول: “هدفنا هو تسهيل عملية سياسية شاملة يملكها السودانيون ويقودها السودانيون، مع مشاركة كاملة وذات مغزى للنساء، والتركيز على عدد محدود من الأولويات العاجلة المطلوبة لمعالجة الأزمة الحالية، واستعادة النظام الدستوري”.
وتشمل تلك الأولويات:
- الترتيبات الدستورية المؤقتة، بما في ذلك الاتفاق على الأجهزة التنفيذية والتشريعية والقضائية للمرحلة الانتقالية وكذلك هيكلها ووظائفها.
- معايير وآليات تعيين رئيس الوزراء ومجلس الوزراء.
- خارطة طريق للفترة الانتقالية وبرنامج حكومي يركز على مجموعة قابلة للتحقيق في المجالات ذات الأولوية، بما في ذلك نوع وتوقيت وشروط الانتخابات في نهاية هذه الفترة.
ويتوقع “بيرتس” الشروع في مرحلة مكثفة من المحادثات في الأسابيع القليلة المقبلة، مع مراعاة أنها ستبدأ خلال شهر رمضان المبارك.
ومضى قائلا: “المحادثات القادمة لها هدف دقيق ومحدد بوضوح: العودة إلى النظام الدستوري والمسار الانتقالي، بحكومة مدنية ذات صلاحيات لقيادة البلاد خلال الفترة الانتقالية ومعالجة الأولويات الحاسمة.”
لكن، كي تنجح المحادثات، ينبغي أن يسود مناخ ملائم في السودان، وهذا يتطلب إنهاء العنف وضمان الحق في التظاهر السلمي، وإطلاق سراح الموقوفين السياسيين، على حدّ تعبيره.
وأكد على أهمية أن يستعد جميع أصحاب المصلحة السودانيين إلى تقديم التنازلات من أجل مصلحة الشعب، والاستقرار والازدهار.
في كلمته، أكد السيد عمّار محمد محمود، القائم بالأعمال بالإنابة في بعثة السودان الدائمة لدى الأمم المتحدة، أن القيادة السياسية السودانية ترحب بالدور الذي تقوم به يونيتامس، شريطة أن تكون ملكية العملية بكاملها للأطراف السودانية، وأن يقتصر دور يونيتامس على تيسير التحاور بين الأطراف دون محاولة التأثير على نتائج المشاورات.
وفيما يتعلق بالوضع الأمني وتنفيذ اتفاق جوبا للسلام، قال السيد عمّار محمد محمود: “نشير إلى أن الحكومة السودانية تعمل بتنسيق تام مع شركاء العملية السلمية من أجل تنفيذ بنود الاتفاق.”
وأوضح المسؤول السوداني أن أكبر تحدٍ يواجه تنفيذ اتفاق جوبا للسلام في الوقت الحالي هو عدم وفاء الأطراف والجهات الدولية بالتزاماتها وتعهداتها المالية تجاه الاتفاق، على حدّ تعبيره.
وتابع يقول: “إن الحكومة السودانية تبذل ما تستطيع في حدود قدراتها المالية لتلبية استحقاقات السلام في ظل أوضاع اقتصادية دقيقة، من هنا نناشد المجتمع الدولي الإسهام في توفير الدعم المالي لاستكمال تنفيذ كافة بنود الاتفاق.”
وشدد على أن السودان يقوم بتنفيذ إجراءات إصلاحية اقتصادية. ومن بين الإجراءات التي اتُخذت قبل أيام التحرير الكامل لسعر صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، لتقوم المصارف وشركات الصرافة بتحديد وإعلان أسعار بيع وشراء العملات الأجنبية دون تدخل من البنك المركزي.
قدم الممثل الدائم لغانا، السفير هارولد أدلاي أجيمان، بصفته رئيس لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 1591 (2005)، إحاطة إلى أعضاء المجلس في بداية الجلسة نيابة عن الدول الأفريقية الثلاث في مجلس الأمن (وهي كينيا وغابون وغانا).
وقال إن الدول الثلاث لا تزال تشعر بقلق عميق إزاء التطورات منذ 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، لاسيّما في ظل حالة الجمود السياسي التي يمكن أن تعرقل الالتزام بالتمسك بالانتقال إلى حكم مدني كامل، مما سيقود إلى دستور جديد وانتخابات في عام 2023.
وأضاف يقول: “إن عدم وجود قيادة سياسية مدنية، بما في ذلك غياب رئيس للوزراء، في العملية الانتقالية ومواصلة غياب ناخبين سياسيين مهمّين من مجلس السيادة، كل ذلك يمثل تحديات كبيرة، ينبغي على السودانيين حلّها سريعا لتجنب غرق البلاد في المزيد من الفوضى.”
وحث جميع أصحاب المصلحة السودانيين على وضع مصلحة الشعب أولا وقبل كل شيء في صلب محادثاتهم وقراراتهم خلال تعزيز عملية يقودها ويملكها السودانيون لوضع البلاد على طريق السلام والاستقرار.
وقال: “نشجع يونيتامس على الاستفادة بشكل مناسب من تدابير بناء الثقة اللازمة في تنفيذ ولايتها لبناء الثقة مع الأطراف في السودان.”
وحث مجلس السيادة على ممارسة ضبط النفس عند التعامل مع القوى الاجتماعية في البلاد الذي يتجمعون سلميا.
ودعا إلى دعم دولي مستمر للبرنامج الإنساني في السودان “لأكثر من 10 ملايين شخص يعانون من انعدام أمن غذائي؛ و3.1 مليون نازح داخليا؛ وأكثر من 1.1 مليون لاجئ في السودان”.