مصر: اعتقال عشرات المتظاهرين السلميين وقيود على المشاركة السياسية
قالت “هيومن رايتس ووتش” إن السلطات المصرية اعتقلت تعسفا وأحالت إلى النيابة العامة عشرات المحتجين السلميين في مظاهرات منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأكدت المنظمة أنه ينبغي للسلطات إزالة القيود الصارمة المفروضة على الحق في التجمع السلمي، والإفراج عن جميع من تم احتجازهم لمجرد انضمامهم إلى الاحتجاجات السلمية أو الدعوة إليها، وإسقاط التهم الموجهة إليهم.
جاءت الاعتقالات إثر احتجاجات عمّت البلاد، بعضها عفوية وبعضها الآخر منسق، للتعبير عن التضامن مع الفلسطينيين على خلفية الأعمال العسكرية في غزة.
بالإضافة إلى احتجاج في شمال سيناء يتعلق بالحق في الأرض، وتجمع يتعلق بالانتخابات الرئاسية المقررة في ديسمبر/كانون الأول، واحتجاج معلمين اعتراضا على سياسات الاستبعاد من الوظائف.
قال عمرو مجدي، باحث أول في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “على السلطات المصرية إطلاق سراح جميع المتظاهرين السلميين المحتجزين فورا، والسماح للمصريين بالتعبير عن مخاوفهم سلميا. القمع الشديد المزمن يسلب الناس قدرتهم على التعبير بحرية عن آرائهم بشأن أحداث جارية مهمة”.
بين 20 و24 أكتوبر/تشرين الأول، اعتقلت قوات الأمن 72 شخصا على الأقل، بينهم أربعة أطفال، شاركوا في احتجاجات جماهيرية تضامنية مع الفلسطينيين في القاهرة والإسكندرية، وفقا لقائمة نشرتها “المفوضية المصرية للحقوق والحريات”، وهي منظمة مصرية مستقلة رائدة.
في أحد الاحتجاجات مؤخرا في 27 أكتوبر/تشرين الأول، بعد صلاة الجمعة في “الجامع الأزهر”، طوّقت قوات الأمن الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ومنعت آخرين من الانضمام، بحسب فيديوهات نشرها نشطاء وصحفيون وكذلك تقارير إعلامية.
أمر عناصر الشرطة المحتجين بالتفرق بعد الصلاة، وبعد ذلك هاجموا هم ورجال آخرون بملابس مدنية من بقوا أو هتفوا بالعصي والهراوات، واعتقلوا بعضهم.
منذ تصاعد القتال بين إسرائيل ومجموعات فلسطينية مسلحة في غزة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، اندلعت احتجاجات عفوية مؤيدة للفلسطينيين في عدة جامعات وفي المساجد الكبرى.
وفيما يبدو أنه محاولة لاستيعاب الاحتجاجات الشعبية في إطار داعم للحكومة، أيدت وسائل الإعلام الموالية للحكومة والأحزاب السياسية الموالية للرئيس عبد الفتاح السيسي الدعوة إلى الاحتجاجات في 20 أكتوبر/تشرين الأول بعد أن أدلى السيسي بتصريحات تشجعها ضمنا.
وصف مؤيدو الحكومة الاحتجاجات بأنها في إطار “تفويض” للسيسي “لاتخاذ جميع الإجراءات” التي تحمي الأمن القومي المصري.
إلا أنه، وفي بعض الاحتجاجات، ردد متظاهرون هتافات عكست سخطا من السيسي، أو مطالب بالعدالة الاجتماعية والحرية. أظهرت فيديوهات مئات المتظاهرين يتدفقون إلى ميدان التحرير بالقاهرة في 20 أكتوبر/تشرين الأول بعد خرق الطوق الأمني الذي فرضته وزارة الداخلية.
قالت المفوضية المصرية للحقوق والحريات إنه، حتى 30 أكتوبر/تشرين الأول، أحالت السلطات 52 معتقلا على صلة بالاحتجاجات إلى النيابة العامة، بينما أطلقت سراح 14 آخرين دون تهم بعد ثلاثة أيام من الحبس.
وقال مدير المفوضية محمد لطفي لـ هيومن رايتس ووتش إن مكان ستة منهم ما زال مجهولا، لكن من المرجح أنهم محتجزون بمعزل عن العالم الخارجي.
ووفقا لقوائم معتقلين جمعتها المفوضية، وقائمة بالاتهامات جمعتها منظمة “الجبهة المصرية لحقوق الإنسان” المستقلة، وأطلعت عليها هيومن رايتس ووتش، مثل 16 متظاهرا، اعتُقل معظمهم في ميدان التحرير أو قربه، أمام نيابة أمن الدولة العليا، التي أمرت بحبسهم جميعا احتياطيا. واجهوا اتهامات بـ “الانضمام إلى جماعة إرهابية”، والمشاركة في “تجمع غير قانوني”، و”ارتكاب عمل إرهابي”، والتخريب.
وثّقت هيومن رايتس ووتش تهجير الجيش المصري قسرا بشكل غير قانوني عشرات الآلاف من سكان شمال سيناء منذ 2013 بحجة محاربة جماعة مسلحة تابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية”.
قال مدير مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان أحمد سالم لـ هيومن رايتس ووتش إن الجيش اعتقل عدة متظاهرين قد يواجهون المحاكمة العسكرية. قال أيضا إن خمسة متظاهرين مصابين نُقلوا إلى المستشفى.